قتل 18 شخصا على الاقل واصيب اكثر من 200 آخرين الخميس في تفجير سيارة مفخخة في الضاحية الجنوبيةلبيروت، معقل حزب الله الشيعي حليف دمشق، في التفجير الاكثر دموية في هذه المنطقة منذ نحو 30 عاما. وتبنت التفجير، وهو الثاني من نوعه في نحو شهر في المنطقة نفسها، مجموعة غير معروفة، مشيرة في شريط فيديو الى انه "رسالة" الى حزب الله الذي يشارك منذ اشهر في المعارك الى جانب قوات نظام الرئيس السوري بشار الاسد. واتى التفجير الضخم في منطقة سكنية وتجارية مكتظة وفي وقت الذروة في يوم عطلة رسمية، بمثابة تحد للامين العام لحزب الله حسن نصرالله الذي اعلن امس ان حزبه يتخذ تدابير امنية في الضاحية، تحسبا من تكرار تجربة التفجير الاول الذي وقع في التاسع من تموز/يوليو. وابلغ الصليب الاحمر وكالة فرانس برس ان "18 قتيلا و245 جريحا على الاقل قضوا" في تفجير السيارة المفخخة في منطقة الرويس في الضاحية الجنوبية، مؤكدا ان الحصيلة "غير نهائية"، وهي نتيجة عملية المسح ونقل المصابين الى المستشفيات حتى الساعة 22:00 ليلا (19:00 تغ). وعرضت قنوات تلفزيونية محلية صورا لاسعاف المصابين في المستشفيات، وبينهم العديد من الاطفال المصابين بحروق بالغة. وكان الجيش اللبناني افاد في بيان انه "حوالى الساعة 18.20 من بعد ظهر اليوم (15:20 تغ)، حصل انفجار في محلة الرويس-الضاحية الجنوبية ناجم عن سيارة مفخخة". وقال احد سكان المنطقة لقناة "المؤسسة اللبنانية للارسال" ان باصا صغيرا (فان) شوهد يجول في الشارع نفسه ثلاث مرات متتالية في ما بدا انها محاولة للعثور على مكان لركنه، قبل ان ينفجر في وسط الطريق. وقال شاهد آخر ان السكان شعروا وكأن "زلزالا" ضرب المنطقة. ورأى مصور في فرانس برس العديد من السيارات المحترقة والجثث المتفحمة في مكان الانفجار الذي وقع بين مبنيين متقابلين، ما ادى الى اندلاع حريق في مدخل كل منهما وارتفاع سحب الدخان الاسود الكثيف. وعمل رجال الاطفاء على اخماد الحرائق واجلاء السكان باستخدام سلالم طويلة. وعرضت قناة "المنار" التابعة لحزب الله لقطات مباشرة من مكان الانفجار، اظهرت جموعا غفيرة من الناس بدا الهلع على وجوههم بالقرب من سيارات تلتهمها النيران. وليلا، بثت "المؤسسة اللبنانية للارسال" لقطات مباشرة من مسرح الجريمة حيث تولى محققون البحث عن الادلة العمل وسط اكوام من السيارات المحترقة والمعجونة، وذلك تحت الاضواء الكاشفة. وقال مراسل قناة "المنار" ان "الارهاب يضرب الضاحية مجددا"، مؤكدا ان الحزب الشيعي ومؤيديه "يدفعون ثمن موقفهم". وتبنت مجموعة تطلق على نفسها اسم "سرايا عائشة ام المؤمنين للمهام الخارجية" مسؤولية التفجير، وذلك في شريط بث على موقع "يوتيوب" بعد وقت قليل من الانفجار. وفي الشريط، يتلو شخص ملثم والى جانبه مسلحين اثنين بيانا جاء فيه "نرسل اليك ايها الخنزير حسن نصرالله (الامين العام لحزب الله)، انت وحزبك، رسالتنا الثانية مدوية قوية (...) وما زلتم لا تفقهون ولا تفهمون". وهو التفجير الثاني بسيارة مفخخة في الضاحية الجنوبيةلبيروت خلال اقل من شهرين، بعد تفجير اول في التاسع من تموز/يوليو في منطقة بئر العبد القريبة من الرويس، ادى الى جرح اكثر من خمسين شخصا. وفي حينه، تبنت التفجير مجموعة غير معروفة في سوريا تطلق على نفسها اسم "اللواء 313 مهام خاصة"، مشيرة الى انه رد على وقوف الحزب الى جانب نظام الرئيس السوري. وأتى التفجير اليوم غداة قول الامين العام للحزب حسن نصرالله لقناة "الميادين" الفضائية، ان الحزب يتخذ اجراءات امنية في الضاحية تحسبا من تفجيرات مماثلة. ومن المقرر ان يتحدث نصرالله غدا الجمعة في احتفال يقيمه الحزب في بلدة عيتا الشعب (جنوب)، في الذكرى السابعة ل "الانتصار" على اسرائيل في حرب الايام ال 33 بين الطرفين في تموز/يوليو 2006. وندد رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان "بالتفجير الارهابي" في الضاحية، واصفا اياه ب "الاجرامي الجبان الذي يعتمد ايصال الرسائل على دم المواطنين الابرياء وارواحهم وارزاقهم"، وذلك في بيان للرئاسة. واعتبر ان "موقّع هذا الاسلوب الاجرامي يحمل بصمات الارهاب واسرائيل لزعزعة الاستقرار وصمود اللبنانيين خصوصا في ذكرى حرب تموز". من جهتها، دانت دمشق عبر وزير الاعلام السوري عمران الزعبي "بشدة العمل الارهابي الجبان"، معتبرة انه "يقدم خدمة مباشرة للعدو الاسرائيلي وللدول التي وضعت نفسها تحت تصرفه". ورأى الخبير في شؤون حزب الله وضاح شرارة ان التفجير يأتي في سياق "رسائل متفجرة" بين اسرائيل والحزب. وقال لفرانس برس "لست مقتنعا بالتبني غير المتناسق لهذه المجموعة. اعتقد ان هذا التفجير يأتي في اطار الحرب بين اسرائيل والحزب الشيعي، والتي ترجمت مؤخرا في توغل الجنود الاسرائيليين الى الاراضي اللبنانية في اللبونة (جنوب) ورد حزب الله الذي ادى الى اصابة اربعة جنود اسرائيليين". واضاف مؤلف كتاب "دولة حزب الله"، ان "الدولة العبرية وحزب الله يتبادلان حاليا رسائل متفجرة". وكان نصرالله اعلن في مقابلته امس مسؤولية الحزب عن تفجير عبوتين ناسفتين في دورية اسرائيلية توغلت داخل الاراضي اللبنانية في السابع من آب/اغسطس. واعلنت اسرائيل في حينه اصابة اربعة من جنودها، من دون ان تحدد على اي جهة من الحدود اصيبوا. واعلنت رئاسة الجمهورية اللبنانية عن عقد اجتماع للمجلس الاعلى للدفاع غدا الجمعة. كما دان رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي التفجير، معلنا الحداد الوطني غدا والتوقف عن العمل ساعة واحدة غدا. كذلك، دان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، زعيم المعارضة اللبنانية المناهضة لدمشق وحزب الله، "الانفجار الارهابي"، معتبرا انه "حلقة في مسلسل إرهابي خبيث يرمي الى إضرام نار الفتنة والشر في كل أرجاء لبنان"، وداعيا الى "ضبط النفس وعدم الانجرار الى ما يريده أعداء لبنان". وفي لندن، دان الوزير البريطاني لشؤون الشرق الاوسط أليستر برت التفجير، مؤكدا انه "لم يكن للارهاب والتطرف مكان في لبنان". ويعد التفجير الاكثر دموية في الضاحية الجنوبية منذ استهداف رجل الدين الشيعي البارز محمد حسين فضل الله في الثامن من آذار/مارس 1985، ما ادى الى مقتل نحو 80 شخصا ونجاة فضل الله. كما انه ثاني اكثر الانفجارات دموية في لبنان منذ نهاية الحرب الاهلية مطلع التسعينات من القرن الماضي. وكان تفجير ضخم بسيارة مفخخة في بيروت اودى في 14 شباط/فبراير 2005 برئيس الحكومة السابق رفيق الحريري و22 شخصا آخرين.