اكدت جماعة الاخوان المسلمين، التي ينتمي اليها الرئيس المعزول محمد مرسي، الاستمرار في موقفها المتشدد من السلطات الجديدة داعية الخميس الى مسيرة جديدة في القاهرة غداة يوم دام قتل فيه المئات. وتثير هذه الدعوة المخاوف من اندلاع اعمال عنف جديدة في البلاد التي شهدت الاربعاء اصعب يوم في تاريخها الحديث مع سقوط اكثر من 578 قتيلا، حسب حصيلة جديدة في فض اعتصامي انصار مرسي في القاهرة وما واكبه من اعمال عنف في جميع انحاء البلاد. وقد ارتفعت حصيلة الاحداث التي شهدتها مصر الاربعاء الى 578 قتيلا بينهم 43 عنصر امن، وفق ما اعلن الخميس مسؤول في وزارة الصحة المصرية. وقال خالد الخطيب رئيس الادارة المركزية للرعاية العاجلة في الوزارة لوكالة فرانس برس ان 318 متظاهرا قتلوا خلال عملية فض الاعتصامين المؤيدين للرئيس الاسلامي المعزول محمد مرسي في القاهرة. واضاف ان العدد الباقي من الضحايا قتلوا في اعمال عنف في انحاء متفرقة من البلاد، مشيرا الى ان الحصيلة الاجمالية تشمل 43 عنصر امن. وكانت حصيلة سابقة اشارت الى مقتل 525 شخصا. وقد دفعت اعمال العنف التي انتشرت في جميع انحاء البلاد، الحكومة المصرية الى اعلان حالة الطوارىء لمدة شهر وفرض حظر للتجول في 14 محافظة مصرية بينها القاهرة والاسكندرية من السابعة مساء وحتى السادسة صباحا. واثارت عملية فض الاعتصامي رابعة العدوية والنهضة في القاهرة ردود فعل دولية منددة، حيث استدعت وزارات خارجية بريطانيا وفرنسا والمانيا سفراء مصر لديها، بينما اعلنت الدنمارك تعليق مساعداتها لمصر. وتواصلت الخميس اعمال العنف حيث قتل اثنان من عناصر قوات الامن المصرية في هجومين لانصار مرسي على مركزين امنيين في مدينتي اسيوط (وسط) والعريش (شمال)، وفقا لمصادر امنية. كما اقتحم عدد من عناصر جماعة الاخوان المسلمين مبنى محافظة الجيزة، جنوبالقاهرة، واشعلوا فيه النيران، بحسب لقطات عرضتها قناة "سي بي سي" التلفزيونية الخاصة. وتعرضت ايضا اربع كنائس على الاقل في مناطق مختلفة الى هجمات، في وقت اتهم ناشطون مسيحيون انصار الرئيس المعزول بشن "حرب انتقامية ضد الاقباط". واكدت السلطات المصرية اغلاق معبر رفح البري على الحدود مع قطاع غزة لاجل غير مسمى بسبب الاوضاع الامنية في البلاد. ولم يصدر حتى الان اي رد فعل رسمي من اسرائيل على الاحداث في مصر. وفي ميدان رابعة العدوية في شرق القاهرة، عملت السلطات منذ ساعات الصباح الاولى على ازالة اثار المواجهات الدامية، بينما كان مئات المتظاهرين يتجمعون في مسجد قريب انتشرت فيه عشرات الجثث. وقال عمر حمدي (23 عاما) لوكالة فرانس برس وهو يتمشى مع ثلاثة من اصدقائه بين السيارات المتفحمة وعربات الشرطة والجيش "كان لا بد مما حصل، لم تكن هناك طريقة اخرى". واضاف "الناس هنا لم تكن قادرة على العيش، وما حصل كان لا بد منه". غير ان علي عبد الحق (57 سنة) قال وهو يسير مع زوجته بين سيارات مقلوبة على جانبها "ما حدث حرام، كان يجب ان تحكيم المنطق". وتابع "الناس اختارت رئيسها واعطت اصواتها له، فهل نرمي الاصوات بهذه البساطة؟"، في اشارة الى مرسي الذي اطلقت عملية عزله من منصبه على ايدي الجيش اعتصامات منددة بما اسمته "الانقلاب على الشرعية". وفيما كان الهدوء الحذر يسيطر على شوارع القاهرة، التي خلت من ازدحاماتها اليومية، دعت جماعة الاخوان المسلمين انصارها الى مسيرة جديدة اليوم تنطلق من مسجد الايمان تنديدا بعملية فض الاعتصامين. كما قال المتحدث باسم الجماعة جهاد الحداد على موقع "تويتر" ان جماعته ستبقى "سلمية، وقوية"، وستمضي "الى الامام حتى نسقط الانقلاب العسكري". ورغم العدد الكبير لضحايا فض الاعتصامين، اشادت غالبية الصحف المصرية الخميس بالعملية. وعنونت صحيفة "الاخبار" على صحفتها الاولى "وانزاح كابوس الاخوان". وكتبت الصحيفة الحكومية ان مصر "عاشت امس لحظات فارقة في تاريخها"، مضيفة "سامح الله من جعلنا نعيش كل هذا القلق والتوتر، من اجل ماذا؟ من اجل كرسي زائل استخدموا الدين فيه كوسيلة للضحك على الناس". من جهتها، عنونت صحيفة "الشروق" المستقلة على صفحتها الاولى "الامن يطوي صفحة اعتصامي رابعة والنهضة". والقت بمسؤولية اعمال العنف على مناصري مرسي حيث اعتبرت ان المواجهات اندلعت "بعدما لجأت لجماعة الاخوان المسلمين الى +خيار العنف+". في مقابل ذلك، استنكرت الصحافة الاوروبية والاميركية الاحداث الدامية التي رافقت فض الاعتصامين، وطالبت واشنطن بممارسة ضغوط لوقف اعمال العنف. دوليا، افاد دبلوماسيون في مقر الاممالمتحدة ان فرنسا وبريطانيا واستراليا طالبت معا بعقد اجتماع عاجل لمجلس الامن حول الوضع في مصر. واضاف المصدر نفسه ان هذا الاجتماع قد يعقد بعد ظهر الخميس بشكل مغلق للتشاور. واعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما الخميس الغاء المناورات العسكرية التي كان من المقرر ان تجري الشهر المقبل بسبب احداث القمع. كما دعت الولاياتالمتحدة رعاياها الى مغادرة مصر بحسب ما افادت وزارة الخارجية الاميركية. واعلن وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل الخميس انه ابلغ رئيس اركان الجيش المصري وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي ان واشنطن ستبقي علاقاتها العسكرية مع مصر، الا ان ارتكاب الجيش لمزيد من اعمال العنف يمكن ان يهدد هذه العلاقات. وقال هيغل انه اتصل بالسيسي ليعرب له عن قلق واشنطن بسبب احداث فض اعتصامات انصار الرئيس الاسلامي المعزول. وصرح هيغل في بيان ان "وزارة الدفاع ستواصل علاقاتها العسكرية مع مصر، ولكنني اوضحت ان العنف وعدم اتخاذ خطوات كافية باتجاه المصالحة يهددان العناصر المهمة في تعاوننا الدفاعي الطويل". من جانب اخر، اعلنت الجامعة العربية الخميس انها "تاخذ بالاعتبار" الاجراءات "السيادية" للحكومة المصرية والتي رات انها تهدف الى "احتواء الانفلات الامني". واوضحت الجامعة على الحساب الخاص لامينها العام نبيل العربي على موقع تويتر "تأخذ الأمانة العامة في الاعتبار ما قامت به الحكومة المصرية من اجراءات سيادية وتقدير للموقف لمواجهة التطورات الخطيرة واحتواء الانفلات الأمني". وفي اطار ردود الفعل ايضا اكدت باريس رغبتها في تفادي "حرب اهلية" في مصر في حين طالبت تركيا بعقد اجتماع عاجل لمجلس الامن لبحث الوضع في هذا البلد. وكانت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاترين اشتون طالبت برفع حالة الطوارىء "في اقرب وقت ممكن". وطلبت مفوضة الاممالمتحدة العليا لحقوق الانسان المتحدة نافي بيلاي الخميس اجراء تحقيق حول سلوك قوات الامن المصرية في احداث الاربعاء. وفي بيان صدر في جنيف، اعلنت بيلاي انه "ينبغي (اجراء) تحقيق مستقل، محايد، فعلي وذي صدقية حول سلوك قوات الامن"، مشددة على وجوب "محاسبة جميع من تثبت ادانتهم" في هذه الاحداث.