يقول سعوديون في منطقة الاحساء، البؤرة الرئيسية لفيروس كورونا حيث سجلت غالبية الوفيات، ان الهلع الذي اثاره سابقا انتشار المرض الغامض الاسباب تراجع حاليا، مؤكدين ان تقاليدهم مثل العناق بين الاصدقاء واللقاءات المسائية لم تتاثر مطلقا بهذا الامر. ويوضح بدر عبد الله وهو يتسوق في مجمع تجاري ضخم في الهفوف (370 كم شرق الرياض)، وهي كبرى مدن منطقة الاحساء، ان "القلق الذي كان طاغيا عند انتشار الفيروس قبل اشهر تبدد حاليا". ويضيف فني الكهرباء البالغ من العمر 26 عاما "الوضع طبيعي والناس اعتادت الامر (...) اختفى القلق تدريجيا". واعلنت وزارة الصحة الاحد وفاة اربعة اشخاص بفيروس كورونا الشبيه بسارس، ليرتفع عدد الوفيات في المملكة الى 32 شخصا والمصابين الى 49 حالة منذ انتشار المرض في ايلول/سبتمبر 2012. واثار نشر المعلومات الاولى عن الاصابات بالفيروس قبل اشهر قليلة، حالة هلع بين سكان الاحساء والمنطقة الشرقية بشكل عام. وردا على سؤال حول الخوف من انتقال العدوى عبر العناق، اجاب بدر "تقاليدنا لم تتاثر مطلقا فما زلنا نتعانق عندما نتقابل، كما نلتقي في الامسيات كالعادة دون ان نرتدي اقنعة او نتخذ اية تدابير غير اعتيادية". ويتابع صاحب اللحية الخفيفة "الاصابات بمعظمها تطال كبار السن ممن يعانون امراضا مزمنة" مشيرا الى ان الغالبية "يعملون نخلاوية" اي في مزارع النخيل التي تشتهر بها منطقة الاحساء. ويعتقد بدر ان انتشار الفيروس سببه "القذارة التي تتجمع في مزارع النخيل في القرى والدساكر". وكانت مستشفيات المنطقة عززت اجراءات "الحيطة والحذر"، من خلال توزيع كمامات على الطواقم الطبية فضلا عن توعية السكان عبر حضهم على تعقيم اليدين وغسلهما باستمرار وتغطية الفم والأنف لدى العطس وتفادي التجمعات لتفادي الاصابة بالفيروس. كما وزعت ملصقات تشرح اعراض الفيروس وضرورة الاسراع في نقل المصابين والتبليغ عنهم للجهات المعنية. وحذرت مصادر طبية من "الاستخفاف" بتحذيرات وزارة الصحة حول خطورة الفيروس مشيرة الى ان "السلبية التي يظهرها البعض (...) سيزيد الامور سوءا". وتؤكد وزارة الصحة ان عددا من الذين التقطوا الفيروس تماثلوا الى الشفاء. لكن في موسم العمرة ومع اقتراب الحج، حيث يؤدي الفريضة ملايين المسلمين من الخارج والداخل، يلتزم المسؤولون في وزارة الصحة الصمت تبعا لتعليمات رسمية بهذا الخصوص على ما يبدو. في غضون ذلك، يقول الصيدلي عادل علي ردا على سؤال "السكان كانوا متوجسين في البدء لكن الان تغيرت الاوضاع ولم يعد يشكل الفيروس هاجسا كما كان في السابق (...) الوضع صار طبيعيا". ويضيف الشاب المصري الاشقر وهو صاحب لحية من دون شارب "شراء الكمامات في تراجع (...) والناس تضعه منعا لتنشق الغبار، ليس فقط تحسبا لانتقال العدوى". ويقول عجوز كان ينتظر سيارة اجرة امام مستشفى الملك فهد الحكومي حيث يرقد المصابون بالفيروس، "سمعت بهذا المرض عن طريق الصدفة ولا اعرف اسبابه او اي شخص اصيب به" قبل ان يسأل السبعيني الذي يسير بخطى متثاقلة وسط عاصفة رملية ضربت المنطقة الممتدة بين الرياضوالاحساء "هل يؤدي هذا المرض الى الوفاة؟" وسجلت معظم الوفيات والاصابات بهذا الفيروس في السعودية، وبين المتوفين والمصابين عدد من المقيمين. كما سجلت حالات اخرى في قطر والاردن وتونس والامارات العربية المتحدة والمانيا وبريطانيا وفرنسا وايطاليا. وقبل عشرة اعوام، تسبب السارس الذي انطلق من الصين، بوفاة اكثر من 800 شخص واثار القلق في العالم. ولكن الفيروس الجديد مختلف عن سارس وخصوصا لأنه يؤدي بسرعة الى اصابة المريض بالفشل الكلوي. وما زالت منظمة الصحة العالمية لا تملك معلومات كافية عن منشأ المرض وطرق انتقاله، وفيروسات كورونا مجموعة واسعة النطاق من الجراثيم قادرة على التسبب بعدد من الامراض لدى البشر من الانفلونزا العادية الى السارس. بدوره، يقول مصطفى الحمادة القادم من الولاياتالمتحدة حيث يدرس الهندسة منذ سنة ونصف ان "الاوضاع عادية في الاحساء لم اشعر باي تغيير (...) اعانق كل من اعرفهم دون تردد او خشية من التقاط الفيروس". واعتبر ان الخوف "مبالغ فيه" محملا وسائل الاعلام المسؤولية الى درجة "انني ترددت لوهلة في العودة خلال الاجازة التي انتظرها منذ زمن". ويضيف الشاب النحيل (23 عاما) الذي يرتدي سروالا من الجينز ويسرح شعره وفق احدث صيحات الموضة "لكن الامور طبيعية. لم اشعر بان هناك من يقلق لهذا الامر حقيقة".