صعدت واشنطن حدة نبرتها تجاه سوريا لتلاقي حماسة حلفائها الفرنسيين والبريطانيين الذين يطالبون بتحرك اكبر، الا ان الخيارات العسكرية لا تزال محدودة بالنسبة للعواصم الغربية التي تريد خصوصا تفادي الدخول في اتون النزاع السوري. وترددت خلال السنتين الماضيتين كثيرا عبارات التسليح واقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا، على وقع التبدلات الميدانية الكبيرة والتجاذبات الدبلوماسية. لكن للمرة الاولى عمد البيت الابيض الى تشديد لهجته الخميس من خلال اتهام النظام السوري باستخدام اسلحة كيميائية. وقبل عشرة ايام، اعلنت باريس وتبعتها لندن امتلاك ادلة تثبت استخدام غاز السارين من جانب قوات النظام في سوريا، ما رفع الضغوط على الادارة الاميركية "المترددة جدا في التدخل" في النزاع السوري بحسب دبلوماسيين فرنسيين. ومع اعتباره انه تم تجاوز "خط احمر"، اعلن البيت الابيض زيادة مساعدته للمعارضة السورية المسلحة، لكن من دون اعطاء تفاصيل او الاعلان صراحة عن تسليم اسلحة، وهو ما يطالب به مقاتلو المعارضة السورية باصرار. وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، يعتزم الاميركيون تسليم اسلحة خفيفة وذخائر للمعارضة السورية، لكن من دون تسليم منظومات اسلحة مضادة للطيران، وهي من ابرز مطالب المعارضين السوريين الذين يواجهون الالة العسكرية الشرسة للطيران السوري. واشارت من جانبها صحيفة وول ستريت جورنال الى ان الرئيس الاميركي باراك اوباما اصدر اوامر سرية لوكالة الاستخبارات المركزية (سي اي ايه) بالتنسيق مع حلفاء الولاياتالمتحدة الذين يزودون المعارضة السورية بالاسلحة. وعقد اجتماع "تقني" جمع مسؤولين اميركيين وفرنسيين وبريطانيين وسعوديين ورئيس الاركان في الجيش السوري الحر سليم ادريس الجمعة في تركيا لبحث اليات تقديم "مساعدة ملموسة". وتتمثل اهداف هذا الاجتماع بحسب مصادر في باريس بتبادل المعلومات الاستخبارية والمساعدة على التخطيط للعمليات ومراقبة مسارات توزيع "المساعدات" (التي لا تزال رسميا انسانية وغير قاتلة), كما يهدف الاجتماع الى تقوية موقع سليم ادريس، المحاور المفضل للغربيين، لكن خصوصا للسعوديين والقطريين، ابرز داعمي المعارضة السورية. وقال مصدر دبلوماسي فرنسي انه "يجب ان نمر خلاله" وذلك من جهة لتعزيز صدقيته في الداخل ومن جهة ثانية لتفادي وصول الاسلحة الى ايدي المقاتلين الجهاديين الذين يحاربون في سوريا. اما الخيار الثاني الذي تم التحدث عنه مرارا فهو اقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا. وبحسب معلومات لصحيفة وول ستريت جورنال لم يؤكدها البيت الابيض، اقترح المسؤولون العسكريون الاميركيون اقامة منطقة حظر طيران محدودة في جنوب سوريا. لكن باريس تذكر بانه من الضروري تجاوز مجلس الامن الدولي في هذا الموضوع اذ ان الحصول على ضوء اخضر منه لاقامة مثل هذه المنطقة متعذر على الارجح بسبب معارضة روسيا، الحليف الاساسي للنظام السوري. يبقى ان الاميركيين قرروا ابقاء مقاتلات "اف 16" وصواريخ باتريوت في الاردن. وبحسب مصدر دبلوماسي غربي فإن هذه المقاتلات "حصنت الاردن والهدف الفعلي هو حماية اسرائيل". وفي جهة الحدود الشمالية لسوريا، تم نشر صواريخ باتريوت منذ كانون الثاني/يناير الماضي على الحدود التركية، وذكر الامين العام لحلف شمال الاطلسي اندرس فوغ راسموسن الجمعة بان هذه الصواريخ ستوفر "حماية فعالة لتركيا في مواجهة اي هجوم للصواريخ السورية". الا ان كل هذه المؤشرات العسكرية لا تعني ان تدخلا عسكريا غربيا بات وشيكا. وقال الاختصاصي في شؤون الشرق الاوسط في مركز "تشاتام هاوس" في لندن نديم شحادة "اعتقد اننا بعيدون للغاية عن حصول تحرك"، معتبرا ان اللاعبين الاساسيين في الملف السوري كمن "يلعبون الميسر". وبحسب مصدر دبلوماسي فإن "ما يتم نقاشه حاليا يتركز اكثر على طريقة مساعدة مقاتلي المعارضة واعطائهم الوسائل المطلوبة للمواجهة بدل تدخلنا بانفسنا"، قائلا ان "احدا لا يريد ان يضع اصبعه في هذه الدوامة".