لندن (رويترز) - العلماء في مدينة روتردام الهولندية يعرفون على وجه التحديد ما يتطلبه تحور فيروس انفلونزا الطيور ليصبح سلالة وبائية محتملة بين البشر وذلك لأنهم أنتجوا فيروسات متحورة مشابهة في المعمل. لذلك فإنهم مع ظهور سلالة غير معروفة من انفلونزا الطيور في الصين يقولون إن ما اتخذوه من قبل من قرار مثير للجدل بإجراء تجارب محفوفة بالخطر كان قرارا صائبا رغم ما لقيه من معارضة شرسة. وقبل كل شيء فإن ما يحتاج العالم إلى معرفته بشأن سلالة (اتش7 ان9) الجديدة لفيروس انفلونزا الطيور هو مدى قدرتها على الانتشار بين البشر. وقال اب اوسترهاوس وهو باحث عالمي رائد في الانفلونزا يقود أبحاث علم الفيروسات في مركز اراسموس الطبي بهولندا إن الدراسات التي يجريها فريقه وفريق آخر في الولاياتالمتحدة هي أفضل وسيلة للاجابة على هذا التساؤل. وأضاف لرويترز في مقابلة عبر الهاتف "لا نعرف في الوقت الحالي ما إذا كان ينبغي علينا إصدار تحذير أم الاسترخاء والقول إن الأمر بسيط." وقال إنه يتعين للاجابة على هذا "أن نعرف ما يحتاجه هذا الفيروس ليصبح معديا." ومع تأكد إصابة عشرة أشخاص بفيروس انفلونزا الطيور الجديد في الصين منذ يوم الأحد ووفاة أربعة منهم تحشد بكين الموارد لمواجهة الخطر. وقالت اليابان وهونج كونج إنهما رفعتا أيضا درجة الحذر من الفيروس ومنعت فيتنام واردات الدواجن من الصين. وتستهدف الابحاث التي تجرى لاجابة أسئلة ملحة مثل هذه تحديد التغيرات الجينية او التحورات التي تجعل فيروسا حيوانيا يصيب البشر. وبمعرفة هذه التحورات يصبح الباحثون ثم السلطات الصحية أكثر استعدادا لتقييم مدى خطورة أي فيروس جديد في مراحله المختلفة ومتى ينبغي أن يبدأوا في تطوير عقاقير ولقاحات ودفاعات علمية أخرى. لكن هذه الابحاث تثير كثيرا من الجدل. فعندما أعلن فريقان من العلماء في أواخر 2011 توصلهما لطريقة تخليق سلالة أخرى من فيروس (اتش5 ان1) المسبب لانفلونزا الطيور في صورة معدية بين البشر علت أجراس الإنذار في المجلس القومي الاستشاري للأمان الحيوي في الولاياتالمتحدة حتى أنه اتخذ خطوة غير مسبوقة وسعى لحظر نشر الدراسات. وفي سلسلة من الابحاث المماثلة استحدث العلماء عمليات تحور في فيروس (اتش5 ان1) تجعله انتقاله ممكنا بين الثدييات عبر قطرات الماء في الهواء. وقال المجلس إنه يخشى أن تقع تفاصيل العمل الذي أنجزه رون فوشييه في معمل روتردام وفريق ثان بقيادة يوشيهيرو كاواوكا بجامعة ويسكونسن في الايدي الخاطئة التي يمكن أن تستغله في الارهاب الحيوي. وقالت وندي باركلاي وهي عالمة في فيروس الانفلونزا في امبريال كوليدج في لندن "كان هناك ذعر من أنهم يخلقون وحشا." وتلى ذلك جدل حاد واتفق الباحثون في الانفلونزا في أنحاء العالم على تعليق التجارب على هذا النوع لمدة عام حتى تهدأ المخاوف. لكن خلال فترة التعليق قال بعض العلماء إن الابحاث ضرورية للاستعداد لوباء الانفلونزا المقبل وإن وقفها سيترك العالم في تخبط عندما تظهر سلالات انفلونزا جديدة. وقالت باركلاي التي كانت ضمن 40 عالما وقعوا على خطاب مفتوح في يناير كانون الثاني يدعو إلى إنهاء تعليق الأبحاث الخاصة بانتقال انفلونزا الطيور إن الاحداث الجارية في الصين تبين السبب. وأضافت "ظهور (اتش7 ان9) يبين أن الانفلونزا ستظهر في فترات منتظمة من مصادر حيوانية." وتابعت أن هذا الفيروس "يبرز حقيقة أننا لا نعلم إن كان أي فيروس قابل للانتقال بين البشر عند ظهوره أم أن انتقاله سيقتصر على الحيوانات لانه عندما يصل إلى العائل البشري سيجد حواجز يتعذر عليه اختراقها." إلا أن بعض العلماء ما زالوا غير مقتنعين بقيمة تحوير الفيروسات في المعامل -بغض النظر عن مدى أمانها- بهدف تخليق وتحليل سلالات الانفلونزا المتحورة التي يمكن أن تنتشر بين الثدييات. وكتب سايمون وين هوبسون رئيس مؤسسة أبحاث العقاقير ومقرها واشنطن في دورية نيتشر العلمية الاسبوع الماضي مقالا اتهم فيه الباحثين في مجال الانفلونزا بالسير معصوبي الاعين في طريق محفوف بالمخاطر. وقال "لم يصل العالم إلى هذا الحد من الكثافة السكانية العالية من قبل. هل من الملائم للعلماء المدنيين صنع ميكروبات أكثر خطورة؟" ويقول اوسترهاوس الذي اطلع على بيانات التسلسل الجيني من عينات سلالة انفلونزا الطيور (اتش7 ان9) في الصين وتوصل إلى عمليات تحور تبعث على القلق حدثت بالفعل في السلالة إن هذه المخاوف تتضاءل أمام عدم معرفة المخاطر التي يمكن أن ينطوي عليها ظهور فيروس جديد. وأضاف "قد يكون هذا الفيروس على وشك اكتساب خاصية الانتقال (بين البشر). أعتقد ان معرفة قواعد اللعبة أمر حتمي." (إعداد ياسمين حسين للنشرة العربية - تحرير أمل أبو السعود)