كراكاس (رويترز) - تودع فنزويلا الرئيس هوجو تشافيز الذي توفي بعد صراع مع السرطان وتستعد يوم الاربعاء لوضع ترتيبات عرض جثمانه ليلقي عليه المواطنون نظرة الوداع الاخيرة مع تحول الاهتمام الى اجراء انتخابات جديدة لاختيار من سيخلف الزعيم الاشتراكي الذي استمر حكمه 14 عاما. وتوفي الزعيم الراحل (58 عاما) يوم الثلاثاء بعد معركته مع السرطان التي استمرت عامين خضع خلالها لأربع عمليات جراحية في كوبا منذ اكتشاف المرض للمرة الأولى في منطقة الحوض في منتصف عام 2011. ثم عانى من مضاعفات منذ ان أجريت له آخر عملية في 11 من ديسمبر كانون الأول ولم يظهر علانية منذ ذلك الحين. وتقع مسؤولية مستقبل ثورة تشافيز اليسارية الان على نائبه نيكولاس مادورو. وكانت هذه الثورة التي صاغ تشافيز ملامحها بنفسه قد أكسبته شعبية كاسحة بين الفقراء لكنها أبعدته عن معارضين يرونه دكتاتورا. وقال مادورو في كلمة من خلال التلفزيون "في لحظة ألم هائل غلف الوطن في هذه المأساة التاريخية ندعو كل المواطنين الى اليقظة للحفاظ على السلام والحب والاحترام والهدوء. "ندعو شعبنا الى ان يترجم هذا الالم الى سلام." وسيكون مادورو (50 عاما) وهو سائق حافلة سابق وزعيم نقابي مرشح الحكومة في الانتخابات الرئاسية الجديدة التي من المرجح ان تضعه في مواجهة مع زعيم المعارضة وحاكم احدى الولايات إنريكي كابريليس. وأعلنت السلطات الفنزويلية انه سيتم الدعوة الى الانتخابات خلال 30 يوما لكن لم يتضح على الفور ما اذا كانت الانتخابات ستجري خلال 30 يوما ام ان الدعوة اليها فقط ستحدث خلال 30 يوما. وسارع القادة العسكريون الى اعلان ولائهم لمادورو الذي أعلن تشافيز قبل رحلته العلاجية الاخيرة الى كوبا انه يفضله كخليفة له وطلب من انصاره تأييده. وسيتولى مادورو زعامة البلاد بشكل مؤقت الى حين اجراء الانتخابات. وساد الهدوء غالبية انحاء العاصمة الفنزويلية كراكاس وخلت الشوارع خاصة في الاحياء الراقية كما أغلقت المتاجر أبوابها مع انتشار نبأ وفاة تشافيز خوفا من حدوث عمليات سلب ونهب. وعلى الرغم من أن أنصار تشافيز أمضوا أسابيع عديدة وهم يؤقلمون أنفسهم مع فكرة رحيله المحتملة الا ان الحزن تملكهم بعد فقد زعيمهم. وقالت نانسي هوتيا (56 عاما) وهي تنتحب في شارع بلاسا الرئيسي بوسط العاصمة "لقد كان أبا لنا. لقد علمنا كيف ندافع عن أنفسنا. التشافيزية لم تنته. نحن الشعب وسنقاتل." واحتشد مئات من "التشافيزيين" أمام المستشفى العسكري الذي قضى فيه الرئيس الراحل أسابيعه الاخيرة. وتعرضت مراسلة تلفزيونية من دولة كولومبيا المجاورة للضرب وتردد اطلاق رصاص في الهواء. وجاءت من شتى انحاء العالم رسائل التعازي في وفاة تشافيز من المخرج السينمائي الامريكي أوليفر ستون الى بان جي مون الامين العام للامم المتحدة الى الرئيس الامريكي باراك أوباما. وقال أوباما في بيان "في هذا الوقت الصعب برحيل الرئيس هوجو تشافيز فإن الولاياتالمتحدة تؤكد دعمها لشعب فنزويلا واهتمامها باقامة علاقات بناءة مع حكومة فنزويلا." وأضاف "في وقت تبدأ فيه فنزويلا فصلا جديدا في تاريخها.. لا تزال الولاياتالمتحدة ملتزمة بالسياسات التي تعزز المباديء الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الانسان." وفاز تشافيز بسهولة بولاية رئاسية جديدة مدتها ست سنوات في الانتخابات التي اجريت في اكتوبر تشرين الأول وسيتأثر بوفاته ملايين الأنصار الذين كانوا يعشقون حضوره الطاغي ومناهضته للسياسات الأمريكية واتباعه لسياسة التمويل اعتمادا على الثروة النفطية والتي وفرت الغذاء المدعوم والمستشفيات المجانية لسكان الأحياء الفقيرة التي طالما تعرضت للاهمال. لكن منتقديه كان يرون في اعتماده على نظام الرجل الواحد وعلى سياسة التأميم والمعاملة القاسية مع خصومه دليلا على انه دكتاتور مغرور تسببت سياسته الاقتصادية في اهدار الكثير من عائدات النفط. وينقل يوم الاربعاء جثمان تشافيز الى الاكاديمية العسكرية ليلقي عليه المواطنون نظرة الوداع الاخيرة وسيظل هناك حتى يوم الجمعة حين تشيع جنازته. وأعلنت فنزويلا اسبوع حداد على وفاته. وتفسح وفاة تشافيز المجال امام اجراء انتخابات رئاسية جديدة ستختبر مدى قدرة "ثورته" الاشتراكية على البقاء بدونه.