هل ستطوي فنزويلا صفحة الرئيس هوجو تشافيز نهائيا ؟ هذا الرئيس المثير للجدل الذى صارع نفسه والجميع رغم مرض السرطان، ليعاد انتخابه رئيسا لفنزويلا لفترة ثالثة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ، الا أن القدر ربما لا يمهله للبقاء حتى نهاية فترة ولايته الرئاسية في 2019 . وكان الرئيس الفنزويلي تشافيز أعلن مساء السبت ان السرطان عاوده، ما سيتطلب "تدخلا جراحيا جديدا" في هافانا التي سيتوجه اليها الاحد.
ونقلت قناة "فرانس 24 " عن تشافيز عبر الاذاعة والتلفزيون "بسبب عوارض اخرى، قررنا مع الفريق الطبي القيام بفحوص (...) ومع الاسف كشفت الفحوص السريعة وجود بعض الخلايا الخبيثة الجديدة".
وعين الرئيس الفنزويلي نائبه نيكولاس مادورو كخليفة محتمل له، داعيا الفنزويليين الى التصويت له اذا اصبح عاجزا عن مارسة مهام الرئاسة.
حياة جديدة
وكل التوقعات تشير الى إتجاه فنزويلا لحياة سياسية قد تختلف او تتفق مع السياسة الاشتراكية التى طالما تمسك بها تشافيز وهى السياسة التي جعلت منه أحد رؤساء العالم الأكثر إثارة للجدل وذلك بعد ان اصبح تشافيز اكثر اقتناعا بأن مرض السرطان الذي حاصره منذ 18 شهرا لن يسمح له بالبقاء لأعوام مقبلة كما كان متوقعا نظرا للشعبية التي يتمتع بها في بلاده.
تشافيز الذى غير الدستور بنفسه ليسمح له بالترشح للرئاسة كيف شاء ومدى الحياة هو نفسه الدستور الذى لا يسمح بأن يتولى نائب الرئيس السلطات الرئاسية تلقائيا، لكنه ينص على ضرورة عقد انتخابات مبكرة خلال 30 يوما من تاريخ ترك الرئيس لمهامه أو عدم قدرته على ادارة شئون البلاد خلال فترة ولايته الأربعة أعوام الاولى.
شبيه تشافيز
ويتسم نائب الرئيس بالهدوء ما يجعل من اقناع الفنزويليين بانه مشابه لتشافيز الذي يتمتع بالكاريزما وحب الظهور في وسائل الاعلام.
وفي تجمع أقيم لصلاة شفاء للرئيس الفنزويلي قالت نوريس ادرياجو، ربة منزل، "لم نسمع اسم مادورو من قبل كانت اول مره نعرفه عندما تكلم عنه الرئيس" وقالت أخرى "نتمنى أن يكون بنفس الإخلاص لقضية بلادنا وأن لا يكون محتالا".
والمعروف عن مادورو انه كان سائق في الماضي، ودراسته متواضعة، وهناك معلومات تشير الى انه انهى دراسته الابتدائية فقط، لكنه كان ناشطا في الحقل النقابي، فبدأ حياته السياسية بين سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كنقابي غير رسمي يمثل عمال قطارات الانفاق بكاراكاس.
وعزز تشافيز من شأن نائبه مقتنعا بأنه مخلصا ويدعم اهداف "الثورة البوليفية" الاشتراكية، وبدا ذلك في التعديل الوزاري الاخير حيث كان مادورو المسئول الوحيد الذي احتفظ بمنصبه كوزير للشئون الخارجية كما تولى منصب الرئيس أيضا خلال هذا التعديل.كما أنه ظل في الحكومة منذ 2006 وهي اطول فترة لوزير في عهد شافيز.
وقد سبق أن خضع الزعيم الاشتراكي لعمليتين جراحيتين في كوبا في 2011 و2012 بعد اكتشاف ورم سرطاني في منطقة الحوض في يونيو من العام الماضي، واعلن مرتين انه شفي منه تماما وانه باق في منصبه حتى نهاية ولايته الجديدة عام 2019.
ومن جانبها تقيدت جمعية السرطان الامريكية بأنه "لا يوجد دليل" مثبت على نجاعة العلاج بالاوكسجين تحت الضغط العالي الذي خضع له تشافيز في كوبا، لكنه يستعمل كعلاج اضافي للتقرحات الناجمة عن علاج السرطان بالاشعة.
صفعة مؤلمة
وفى انقسام للاراء الفنزويلية بشأن اعلان الرئيس الأخير والذى يحمل فى طياته شبه تنحى ، قال المحلل السياسي في جامعة فنزويلا المركزية نيسمر ايفانز "شافيز يريد وضع أناس يثق بهم في هذه المناصب".
أما الحزب الاشتراكي الموحد فيدرك اهمية توحيد الصف في هذه الفترة الانتقالية وخاصة في حالة عدم وجود شافيز الذي يلعب دورا كبيرا في اظهاره كجبهة موحدة.
وفي ليلة اعلان شافيز عن نائبه، وقع الاعضاء البارزون في الحزب الذي يبلغ عددهم 23 عضوا على "وثيقة ولاء للأهداف الاشتراكية للثورة".
وفي ظل الحالة الصحية غير المستقرة للرئيس قد يكون توقيت الانتخابات المحلية مؤشرا على المزاج العام في البلاد تجاه الحزب الحاكم الذي يحتل 18 من جملة 23 من حكام الولايات.
ويقول لويس فيسنت ليون من أحد مؤسسات قياس الرأي العام "إن الاعلان العاطفي الذي قام به شافيز قد يدفع مؤيديه إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات".
كما ستحمل الانتخابات المحلية أيضا مؤشرات لنائب الرئيس الذي سوف يترشح في الانتخابات في حالة قرر شافيز التنحي.
وقال ليون "سيكون السيناريو الأسوأ هو فقدان المعارضة لولايتي ميراندا وزوليا".
وجاء التعليق الامريكي لهذا الإعلان فى سياق ما أفادت به صحيفة " وول ستريت جورنال" الامريكية على موقعها الالكترونى لتؤكد أن وفاة تشافيز وهو وريث العقلية الثورية للزعيم الكوبي فيدل كاسترو ، ستوجه صفعة مؤلمة ومدوية للحكومات اليسارية في أمريكا اللاتينية التي تستفيد من النفط الذي تشتريه بأسعار مخفضة من فنزويلا خاصة كوبا الشيوعية التى تعتمد على مليارات الدولارات سنويا في صورة نفط مجاني من فنزويلا.
وقالت "إن الإعلان المفاجيء من قبل تشافيز يضع مستقبل أكثر زعيم بارز في دول أمريكا اللاتينية على مدار الأربعة عشر عاما السابقة وثورته الفنزويلية المستوحاة من الثورة البوليفارية ولكن على الطريقة الخاصة في دائرة الشك ، نظرا لأنه أكثر منتقدي واشنطن والنظام الرأسمالي لسنوات مشجعا الأنظمة الشعبية الأخرى في دول بوليفا والإكوداور والأرجنتين ونيكاراجوا".
لا شك .. فنزويلا تدخل فترة غموض وعدم يقين سياسي عميق بعد إعلان الرئيس الاخير والشهور المقبلة ستعلن من سيتولى الحياة السياسية من جديد وينهى السلطة التى احكم تشافيز قبضته عليها منذ 14 عاما.