تواصلت المعارك بين القوات النظامية السورية ومسلحي المعارضة في منطقة دمشق الخميس، فيما افيد عن استعادة قوات النظام السيطرة على بلدة في وسط البلاد، في وقت دعت قمة منظمة التعاون الاسلامي من القاهرة الى "حوار جاد" بين المعارضة والحكومة لفتح الباب امام عملية انتقالية. واستعادت القوات النظامية السورية الخميس السيطرة على بلدة كرناز في ريف حماة بعد 16 يوما من المعارك العنيفة مع مسلحي المعارضة، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان. وكانت القوات النظامية استعادت قبل يومين السيطرة على قرية المغير القريبة. وسقطت كرناز والمغير بين ايدي قوات المعارضة في الاسبوع الاخير من كانون الاول/ديسمبر بعد معارك ضارية وهجوم شامل شنه هؤلاء في ريف حماة الشمالي. ومنذ ذلك الوقت، تحاول القوات النظامية استعادة المبادرة في المنطقة. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن ان هذه المنطقة "تعتبر ممرا الى القرى العلوية في ريف حماة الغربي". وذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" من جهتها ان وحدات من القوات المسلحة السورية "قضت على ارهابيين من جبهة النصرة وأحرار الشام في بلدة كرناز ودمرت مقارهم". من جهة ثانية، كشف المرصد الخميس عن انفجار استهدف حافلة امس الاربعاء في ريف حماة الجنوبي ما تسبب بمقتل عشرين شخصا بينهم عشر نساء. واوضح ان هؤلاء من "عمال معامل الدفاع الواقعة في قرية براق بريف حماة الجنوبي"، وكانوا عائدين الى منازلهم بعد انتهاء عملهم. واستمرت عمليات القصف والمعارك الخميس في مناطق عدة من ريف دمشق، وفي بعض احياء دمشقالجنوبية والشرقية، وذلك غداة يوم عنيف من المعارك والقصف في المنطقة قال سكان انهم لم يشهدوا مثله منذ اشهر. اوردت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) ان "ارهابيين استهدفوا بقذيفتي هاون كراج البولمان في القابون" في جنوب العاصمة. ونقلت عن مصدر في وزارة الداخلية ان الحادث ادى "الى استشهاد ستة مواطنين بينهم أطفال ونساء واصابة اخرين". واكد المرصد سقوط قذيفتين على الكراج لم يحدد مصدرهما، والقتلى الستة، مشيرا الى بينهم ثلاثة أطفال دون سن ال18. وقال ناشط طلب عدم الكشف عن اسمه ان الجيش قصف مواقع المقاتلين المعارضيين بالقرب من الزبداني وان القصف "اوقع عددا كبيرا من الجرحى بين الفارين من العنف في مناطق اخرى من دمشق. نعتقد ان الجيش يقصف هذه المناطق التي تستقبل النازحين لارغام المقاتلين على وقف تقدمهم". وقتل في اعمال عنف في مناطق مختلفة من سوريا الخميس 92 شخصا هم 37 مدنيا و31 جنديا و24 مقاتلا، بحسب حصيلة للمرصد السوري الذي يقول انه يعتمد على شبكة من المندوبين والمصادر الطبية في كل سوريا، للحصول على معلوماته. وفي موازاة هذه التطورات الميدانية، دار جدل داخل المعارضة اثاره اعلان رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية احمد معاذ الخطيب حول استعداده للتحاور مع النظام من اجل رحيله وانهاء الازمة. ويعارض المجلس الوطني، احد ابرز مكونات الائتلاف، اي تفاوض مع النظام. واشترط الخطيب للجلوس مع ممثلين للنظام الافراج عن 160 الف معتقل في السجون السورية وتجديد جوازات سفر السوريين الموجودين في الخارج. ثم طالب النظام بانتداب نائب الرئيس السوري فاروق الشرع ليتحاور معه، وحضه على اتخاذ موقف واضح من المبادرة. وفي ظل عدم صدور اي موقف رسمي من دمشق، عاد الخطيب وحدد الاربعاء مهلة للنظام السوري تنتهي الاحد للافراج عن النساء المعتقلات في سجونه، والا "اعتبر ان هذه المبادرة قد رفضها النظام". ورحب الموفد الدولي الى سوريا الاخضر الابراهيمي باقتراح الحوار. وقال في مقابلة مع صحيفة "لاكروا" الفرنسية في عددها الصادر الخميس "انها مبادرة شخصية مؤاتية للشيخ احمد معاذ الخطيب على رغم ردود فعل مختلفة لاعضاء اخرين في الائتلاف. انها عنصر ايجابي كما اعتبرتها المجموعة الدولية، والدول الغربية، وكذلك روسيا وايران. الا ان هذا ليس كافيا لعملية تنفيذ مشروع حل سياسي". في القاهرة، دعت قمة منظمة التعاون الاسلامي التي اختتمت اعمالها الى "حوار جاد بين الائتلاف الوطني للثورة السورية وقوى المعارضة وبين ممثلي الحكومة يفسح المجال لعملية انتقالية تمكن ابناء الشعب السوري من تحقيق طموحاتهم المشروعة في التغيير الديمقراطي". ودعت القمة الى "وقف الفوري لاعمال العنف والقتل والتدمير والى تجنيب سوريا مخاطر الحرب الاهلية الشاملة وعواقبها على الشعب السوري والمنطقة والسلم والامن الدوليين". وقال الرئيس المصري محمد مرسي مساء الخميس في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس التركي عبد الله غول بعد محادثات بينهما على هامش القمة، ان اللقاء الذي ضمه الاربعاء وغول ونظيرهما الايراني محمود احمدي نجاد، تناول "الاطار العام" لتسوية الازمة السورية خصوصا امكانية التوصل الى وقف اطلاق النار. واضاف "اهم نقطة الان ان نوقف سيل الدماء ولا بد من وقف اطلاق النار وفورا وهذه نقطة جوهرية ولعل ذلك ان يكون قريبا ان شاء الله"، مشيرا الى ان وزراء خارجية الدول الثلاث "بدأوا بعض النشاطات" من اجل صياغة اجراءات تؤدي الى ذلك. وفي الولاياتالمتحدة اقر وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا الخميس انه دعم وزيرة الخارجية الاميركية السابقة هيلاري كلينتون في طرحها الصيف الماضي تسليح مقاتلي المعارضة السورية، وهي فكرة رفضها البيت الابيض. وكانت كلينتون تقدمت بهذا المشروع بعد لقاء عقدته قبل ستة اشهر مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي ايه) في حينها ديفيد بترايوس بهدف تسليح مقاتلي المعارضة السورية وتدريبهم لمواجهة قوات الرئيس السوري بشار الاسد، وفق ما اوردت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين اميركيين.