يعم البرازيل الحداد الاثنين على ضحايا الحريق في الملهى الليلي في مدينة سانتا ماريا الصغيرة جنوب البلاد والذي خلف 233 قتيلا واكثر من مئة جريح. وروى الناجون الذين اصيبوا بصدمة ومعظمهم من طلاب كلية العلوم في سانتا ماريا كيف ان مئات المحتفلين في الملهى تدافعوا حتى الموت او حتى قضوا اختناقا بعدما تم اغلاق ابواب الخروج فيما تسببت النيران المتزايدة بحالة الذعر. وقال مسؤولون ان 233 شخصا قتلوا فيما اصيب اكثر من 116 بجروح. وقال وزير الصحة البرازيلي الكسندر بادييا للصحافيين ان اولوية الحكومة الان هي "انقاذ ارواح من تبقى". واختصرت رئيسة البرازيل ديلما روسيف التي بدت عليها علامات الصدمة بعد هذه الانباء، زيارتها الى تشيلي حيث كانت تشارك في قمة دول اميركا اللاتينية واوروبا لكي تعود الى البلاد. وقالت للصحافيين الذين رافقوها على متن الطائرة في طريق العودة من سانتياغو "انها مأساة لجميعنا ولا يمكنني البقاء في القمة، لان اولويتي هي الشعب البرازيلي". واضافت ان السلطات الفدرالية والمحلية تحشد "كل الطاقات والموارد ليس فقط من اجل سحب الجثث لكن ايضا لتقديم الدعم للعائلات في هذه الفترة وتامين كل الرعاية اللازمة للجرحى". كما الغت البرازيل حفلا كان مرتقبا الاثنين لاطلاق العد العكسي ل500 يوم قبل تنظيم مباريات كأس العالم في كرة القدم. كما ان هذه الكارثة ستثير قلقا ازاء اجراءات السلامة العامة في البلاد حيث تستعد البرازيل ايضا لاستضافة الالعاب الاولمبية في 2016. واندلع الحريق حوالى الساعة الثانية فجرا (4,00 ت.غ) الاحد حين كان الملهى الليلي يستضيف حفلة جامعية. وقالت الناجية ميشيل بيريرا ان احد اعضاء الفرقة الموسيقية رفع شعلة في الجو ما ادى الى اندلاع النيران في سقف الملهى، ثم امتدت السنة اللهب سريعا الى كافة ارجاء القاعة. وبحسب شهادات ايضا فان النيران اندلعت عندما بدأ مغني الفرقة عرضا صغيرا للالعاب النارية، وتطايرت الشرارات حتى بلغت الطبقة العازلة من السقف لتنتشر السنة اللهب بسرعة في المبنى الذي يستخدم في غالب الاحيان لاحياء حفلات جامعية. وقال الناجي تايني فندروسكولو للصحافيين "الجميع كانوا يتدافعون للخروج". واضاف ان "النيران اندلعت في بادىء الامر بشكل محدود، لكن في غضون ثوان قليلة انفجرت. والاشخاص الذين كانوا قرب المنصة لم يتمكنوا من الخروج". وقال رئيس دائرة الاطفاء في سانتا ماريا غيدو ميلو ان الكثير من الاشخاص سقطوا ضحية التدافع من اجل الخروج فيما قضى اخرون اختناقا بسبب الدخان. واضاف ان رجال امن الملهى منعوا الناس من الخروج ما ادى الى التدافع. وقال بعض الناجين ان حراس الملهي الليلي اغلقوا مخرج الطوارىء لمنع الناس من المغادرة بدون دفع فواتيرهم عن المشروبات التي احتسوها. وقال ماتيوس بورتولوتو وهو طبيب اسنان شاب نجا من الكارثة "انه شيء فظيع. فقدت صديقا حميما. لم تكن مخارج النجاة كافية، دب الذعر في الحشود وغاب صديقي عن ناظري في الفوضى التي عمت المكان". واضاف ان "الحواجز المعدنية المستخدمة لتنظيم الصفوف عرقلت عملية الاجلاء وتصادم الناس وسقطوا وساعدت على ازالة الحواجز حتى ان عددا من رجال الاطفاء اختنقوا بالدخان". واشارت وسائل اعلام محلية نقلا عن رئيس دائرة الاطفاء في الولاية ان التصريح للملهى الليلي +كيس+ بانه مطابق لاجراءات السلامة من الحرائق انتهى في اب/اغسطس 2011. وقام رجال الاطفاء برش المياه على المبنى المتفحم كما حفروا فجوات في الجدران لمساعدة الناس على الخروج بشكل اسرع. لكن بالنسبة لكثيرين كان الامر متاخرا. ونقلت جثث الضحايا الى ملعب رياضي حيث فرضت الشرطة طوقا امنيا لمنع تدفق اهالي الضحايا. وكانت العائلات تدخل بمجموعات من 20 شخصا للتعرف على ابنائها. في الخارج كان الاهالي ينتظرون انباء عن اولادهم. وكانت امرأة تنتحب قائلة "لقد قتل ابني" قبل ان تفقد وعيها بعدما وجدت اسمه على لائحة الضحايا. وتوجه شبان ناجون مع افراد من عائلات اشخاص مفقودين الى معهد التشريح في مدينة سانتا ماريا الجامعية التي تعد 262 الف نسمة على مسافة 300 كلم من بورتو اليغري، عاصمة الولاية للتعرف على الضحايا. ودعت السلطات الى الهدوء وطلبت من العائلات تقديم صور الشباب لتسهيل عملية التعرف على القتلى والجرحى الذين اختنق معظمهم بدخان سام. كما دعتهم الى التبرع بالدم. وقالت السلطات ان هذا الحريق "هو ثاني اسوأ حريق من حيث عدد القتلى في البرازيل". وكانت النيران اتت على خيمة سيرك في نيتيروي، على خليج ريو دي جانيرو سنة 1961 ما اسفر عن مصرع 533 شخصا.