أبيدجان/ميونو (رويترز) - طالبت فرنسا وزعماء دول غرب أفريقيا يوم السبت القوى العالمية الأخرى بالالتزام بتقديم دعم مالي وبالإمدادات والمؤن لجيوش أفريقية تجهز قواتها للانضمام إلى جنود فرنسيين يخوضون بالفعل حربا ضد متشددين مرتبطين بالقاعدة في مالي. وجاءت الدعوة بينما يجتمع زعماء أفارقة في ساحل العاج للاتفاق على تفاصيل تشكيل بعثة إقليمية من المقرر أن تتسلم من القوات الفرنسية مسؤولية محاربة متشددي القاعدة في مالي غير أنها تعاني من نقص في التمويل والتخطيط والذخيرة أيضا. ودفعت فرنسا بقوات برية وقصفت طائراتها الحربية طابورا للمتمردين لتوقف تقدما لمتشددين إسلاميين. ويهدف التدخل إلى منع المتشددين من إحكام قبضتهم على المنطقة الصحراوية شمال مالي واستخدامها كنقطة انطلاق لشن هجمات في إفريقيا وعلى الغرب. وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمام القمة "اليوم لدينا فرنسا وعناصر من جيش مالي. يؤديان المهمة لأنهما إذا لم يؤديا المهمة فلن تكون هناك دولة حرة اسمها مالي." وتابع قائلا "الإرهاب سيكون هناك." وقال فابيوس إن القوات الفرنسية لا تنوي بأي حال أن تكون بديلا للعملية الأفريقية ودعا المانحين إلى تقديم التزامات في مؤتمر يعقد في أثيوبيا في 29 من يناير كانون الثاني. وأوقف التدخل الفرنسي هجوما خاطفا للمتمردين الأسبوع الماضي. لكن منظمة هيومن رايتس ووتش لمراقبة حقوق الإنسان قالت يوم السبت إنها حصلت لاحقا على تقارير موثوق بها عن ارتكاب انتهاكات خطيرة من بينها أعمال قتل على أيدي قوات الأمن المالية بحق مدنيين في بلدة نيونو بوسط البلاد بالقرب من جبهة القتال. وتفاقم الوضع بشكل مثير الأسبوع الماضي عندما اتخذ مسلحون إسلاميون من التدخل الفرنسي ذريعة لشن هجوم على منشأة غاز صحراوية في الجزائر المجاورة واحتجاز رهائن بها. وشن الجيش الجزائري "هجوما نهائيا" يوم السبت لإنهاء الحصار الذي قال إن 23 رهينة يعتقد أن كثيرين منهم أجانب و32 متشددا قتلوا خلاله. وعجلت الدول الإفريقية بإرسال بعثة لها إلى مالي والتي لم يكن يتوقع إرسالها في بادئ الأمر قبل سبتمبر أيلول المقبل وسط مخاوف من احتمال حدوث هجمات مماثلة لهجوم الجزائر في أماكن أخرى. ويحتل شمال مالي مزيج من المسلحين منذ أن حمل السلاح في العام الماضي متمردون عززوا وضعهم بأسلحة استولوا عليها من ليبيا بعد سقوط معمر القذافي في عام 2011 . وسرعان ما جرى تهميش المتمردين الانفصاليين الذين بدأوا القتال على أيدي تحالف يضم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي التابع للقاعدة وجماعة أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا الماليتين. وبدأت نيجيريا وتوجو وتشاد بالفعل إرسال جنودهم وقال بيان بعد القمة إن بنين وغانا والسنغال وليبيريا وسيراليون وساحل العاج قد تساهم أيضا بقوات. ونشرت فرنسا ألفي جندي على الأرض في مالي ومن المقرر أن ترسل 500 جندي آخرين في الأسابيع القادمة. ويبلغ العدد الإجمالي للجنود الأفارقة المتوقع أن ينضموا للجنود الفرنسيين خمسة آلاف جندي وهو أكبر من العدد الذي كان مقررا وهو 3300 جندي. وقال وزير خارجية بوركينا فاسو جبريل باسول "رأينا جماعات مجهزة بشكل جيد جدا من حيث الأسلحة. ومن ثم علينا أن نتخذ جميع الإجراءات الضرورية لوقفهم أولا ومن ثم تأمين مالي." وأضاف "الظاهرة التي رأيناها في الجزائر قد تتكرر في أي مكان آخر." وقال دبلوماسيون غربيون إن الرغبة في تقديم المساعدة موجودة لكن لا يزال من غير الواضح ما تحتاجه الدول الأفريقية وكيف ستمول الاحتياجات. وقال دبلوماسي "الهدف هو ضمان الاكتفاء الذاتي للقوات لمدة عشرة أيام. ولكن ليس هناك شئ ملموس لنقول ماذا سيحدث بعد ذلك." وأضاف "من سيمول ذلك وما هي آليات التمويل؟ فالمال مشكلة كبرى." ومما يبرز حجم التحدي قال دبلوماسيان آخران إنه جرى تأجيل إرسال القوة السنغالية نتيجة نقص الذخيرة لمدفعيتها. وقال دبلوماسي "إنهم ينتظرون إرسالها (الذخيرة)." وقصفت الطائرات المقاتلة والهليكوبتر الفرنسية طابورا من المتمردين لتوقف تقدمهم نحو بلدتي موبتي وسيفاري بوسط مالي. وساعدت عشرات الغارات الجوية ونشر قوات برية فرنسية جيش مالي غير المنظم على التصدي للإسلاميين. وبعد استعادة بلدة كونا من قبضة المتمردين الأسبوع الماضي وردت تقارير متضاربة يوم السبت بشأن الوضع في بلدة ديابالي. وقالت مصادر من جيش مالي يوم السبت إن قوات فرنسا ومالي دخلت بلدة ديابالي التي تخلى عنها المتمردون يوم الجمعة عقب عدد من الهجمات الجوية الفرنسية. وقال ضابط طلب عدم نشر اسمه نظرا لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام "تمشط قوات فرنسا ومالي البلدة من منزل إلى منزل لأن الإسلاميين يحتمون بالمنازل." ورغم ذلك قال وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان إنه لا يوجد جنود من مالي أو فرنسا في ديابالي نافيا تقارير إعلامية نشرت في الأيام الماضية تفيد بوقوع اشتباكات بالأيدي هناك. وإلى الجنوب لا يزال سكان نيونو قلقين بالرغم من أن القوات الفرنسية والشاحنات التي تنقل المصفحات والإمدادات تتحرك في البلدات والقرى. وتحرس قوات أمن مالية نقاط التفتيش لمنع تسلل المتمردين. وانبطح عدد من الناس أرضا لاتخاذ ساتر في مستشفى محلي وهرول البعض إلى داخل البيوت عندما مرت طائرتان فرنسيتان بسرعة. وقال ضابط مالي إنه سيتم وقف عمليات القوات المالية والفرنسية انتظارا لانتشار البعثة الإقليمية الإفريقية. وتابع "ننتظرهم (الجنود الأفارقة) حتى يأتوا إلى هنا قبل أن نشن هجوما أكبر وأوسع نطاقا." وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنه يجري بشكل خاص استهداف الطوارق والعرب وهما الجماعتان العرقيتان الأكثر ارتباطا بالمتمردين الذين يسيطرون على شمال مالي بعد انسحاب الإسلاميين. وأضافت في بيان "نحث سلطات مالي وكذلك الجنود/السلطات الفرنسية (ومن دول غرب أفريقيا) على بذل قصارى جهدهم لضمان حماية جميع المدنيين." ولم يتسن على الفور الاتصال بمسؤولين من مالي للتعليق. وسعت القوات الغربية إلى تجنب التدخل المباشر في مالي ولكن باريس قالت إن سرعة تقدم الإسلاميين وضعف دفاعات مالي لم تترك لها خيار. وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند إن التدخل العسكري الفرنسي سيستمر ما تطلب الأمر ذلك حتى يتم "القضاء على الإرهاب" في المنطقة. وأضاف "هذا ليس غزوا لأراض أو تعزيز لنفوذنا أو لخدمة شكل ما من المصالح التجارية أو الاقتصادية. ذلك عهد ولى." واستطرد قائلا "غير أن فرنسا يجب أن تأتي لمساعدة بلد صديق من أفقر البلدان في العالم الذي كان ضحية لشهور كثيرة جدا ولا نقل سنين من شكل مروع للإرهاب." ويقول خبراء عسكريون إنه يجب على فرنسا وحلفائها الأفارقة الآن أن يستفيدوا من أسبوع من الضربات الجوية القوية كي يأخذوا بزمام المبادرة على الأرض لمنع المتمردين من الانسحاب إلى الصحراء وإعادة تنظيم صفوفهم. (إعداد أشرف راضي للنشرة العربية - أحمد صبحي خليفة)