قتل عشرة اطفال جراء قصف بالطيران الحربي والمدفعي على ريف دمشق الاثنين، في وقت تعتزم 55 دولة الطلب من مجلس الامن احالة ملف النزاع السوري على المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في ارتكاب جرائم حرب. وتأتي هذه التطورات غداة اعتبار موسكو حليفة النظام السوري ان استبعاد الرئيس بشار الاسد عن العملية السياسية في سوريا امر "يستحيل تنفيذه". وافاد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان "ثمانية اطفال وخمس نساء" قضوا جراء قصف بالطيران الحربي على مدينة المعضمية جنوب غرب دمشق. واوضح عبد الرحمن ان اعمار الاطفال تتراوح بين ستة اشهر و14 سنة، يضافون الى اكثر من 3500 طفل احصى المرصد سقوطهم منذ بدء النزاع السوري قبل نحو 22 شهرا. واظهر شريط مصور بثه المرصد على موقع "يوتيوب" الالكتروني، اشخاصا ينتشلون جثة فتى غطاه الركام، بينما عرض شريط آخر جثث ستة اطفال بعضهم ممدد على قطع من القماش والدم يغطي وجوههم. ويسمع شخص يقول "هؤلاء هم المستهدفون (...) هؤلاء هم من يقاتلهم بشار الاسد، هؤلاء من يقاتلهم طيران الميغ الحربي". ويتابع "لا يوجد مكان ينزح اليه الاهالي من المدينة، والمدينة تتعرض للقصف في شكل عنيف في كافة الاحياء وكافة المباني. لا توجد اي منطقة آمنة في المدينة". وقالت وكالة الانباء الرسمية السورية "سانا" ان "ارهابيين من داريا اطلقوا اليوم قذيفة باتجاه المعضمية اصابت مبنى مدنيا"، ما ادى "الى وقوع ضحايا بينهم اطفال ونساء". كما افاد المرصد عن مقتل اربعة مواطنين من عائلة واحدة بينهم طفلان احدهما في السادسة والآخر في السابعة في قصف صباحي على بلدة حوش عرب في ريف دمشق ايضا. وتشهد مناطق واسعة في محيط دمشق منذ اشهر عمليات عسكرية واسعة تحاول خلالها القوات النظامية السيطرة على معاقل للمقاتلين المعارضين الذين يستخدمون هذه المناطق كخلفية لعملياتهم في اتجاه العاصمة. وحققت القوات النظامية مؤخرا تقدما في المعضمية وداريا المجاورة، من دون السيطرة عليهما في شكل كامل. وادت اعمال العنف الاحد الى مقتل 174 شخصا، بحسب المرصد الذي يتخذ من بريطانيا مقرا ويعتمد على شبكة من الناشطين والمصادر الطبية في مختلف المناطق السورية. والاثنين، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش القوات النظامية باستخدام نوع جديد من القنابل العنقودية يتميز بالعشوائية وعدم التمييز، في هجومين شنتهما في محافظتي ادلب (شمال غرب) وحماة (وسط) خلال الشهرين الماضيين. ومع اقتراب النزاع من نهاية شهره الثاني والعشرين حاصدا اكثر من 60 الف شخص بحسب ارقام الاممالمتحدة، تعتزم 55 دولة تقديم عريضة اعدتها سويسرا واستغرق جمع التواقيع عليها قرابة سبعة اشهر، لرفع ملف النزاع الى المحكمة الجنائية الدولية. وقال المتحدث باسم البعثة السويسرية في الاممالمتحدة ادريان سولبرغر لفرانس برس ان الرسالة ستسلم اليوم الى مجلس الامن، وهو الهيئة الوحيدة المخولة احالة الملف. وافادت مصادر دبلوماسية ان دولا اخرى قد تنضم الى الموقعين على العريضة التي تدعمها الولاياتالمتحدة دون التوقيع عليها كونها ليست عضوا في المحكمة. ولا تحظى المبادرة بفرص قوية للنجاح، لا سيما بعد فشل مجلس الامن في اتخاذ قرارات في شأن النزاع، بسبب استخدام روسيا والصين، حليفتي النظام، حق النقض (الفيتو) لمنع ادانة النظام السوري، علما ان موسكو وبكين ودمشق ليست اعضاء في المحكمة الجنائية الدولية. سياسيا، صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاحد بان شركاء موسكو في البحث عن حل للازمة السورية "مقتنعون بانه لا بد اولا من استبعاد بشار الاسد عن العملية السياسية. انه شرط مسبق غير وارد في بيان جنيف (الذي اقرته الدول الكبرى في حزيران/يونيو الماضي) كما انه يستحيل تنفيذه لانه ليس بيد احد". وجاء ذلك بعد يومين لقاء ضم في جنيف نائب الوزير الروسي ميخائيل بوغدانوف ومساعد وزيرة الخارجية الاميركية وليام بيرنز والموفد الدولي الخاص الى سوريا الاخضر الابراهيمي. واكد الابراهيمي في ختامه ان "لا حل عسكريا" للازمة السورية، مستبعدا في الوقت نفسه ان يكون ثمة حل قريب. وتعرض الابراهيمي مجددا لانتقادات وسائل اعلام سورية قريبة من النظام، منها صحيفة الثورة الحكومية التي كتبت "لا يشبه الأخضر الابراهيمي في مهمته كمبعوث أممي للأزمة في سوريا سوى سائح معمر حظي برحلة ترفيهية حول عواصم العالم". وكان الابراهيمي وصف طرحا تقدم به الرئيس السوري لحل سياسي في بلاده بانه "اكثر فئوية وانحيازا لجهة واحدة"، داعيا اياه الى "ان يؤدي دورا قياديا في التجاوب مع تطلعات شعبه بدلا من مقاومتها". واثار هذا الموقف حفيظة دمشق التي اعتبرت ان تصريحاته تظهر انحيازه "بشكل سافر". ويقوم طرح الاسد على ان توجه الحكومة الحالية دعوة الى مؤتمر وطني يصدر عنه ميثاق وطني يطرح على الاستفتاء، قبل تشكيل حكومة جديدة واجراء انتخابات برلمانية. ولم يتطرق الى احتمال تنحيه عن السلطة. وتحفظت دمشق على تصريحات الابراهيمي لانها تظهر انحيازه "بشكل سافر"، بحسب تعبيرها. ومع تزايد اعداد النازحين السوريين الى الدول المجاورة، قررت جامعة الدول العربية الاحد إيفاد بعثة الى هذه الدول لتقصي اوضاع النازحين السوريين قبل مؤتمر الكويت الدولي للمانحين اواخر الشهر الحالي، وذلك في ختام اجتماع استثنائي عقد في القاهرة بطلب من لبنان. وارتفع عدد اللاجئين المسجلين في دول الجوار السوري الى اكثر من 600 الف، بحسب بيان المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة صدر الجمعة.