نيوتاون (الولاياتالمتحدة) (ا ف ب) - وعد الرئيس الاميركي باراك اوباما مساء الاحد بفعل كل ما بوسعه لمنع تكرار المجزرة المروعة التي شهدتها مدرسة ابتدائية في مدينة نيوتاون (شمال شرق) الجمعة. ووعد اوباما في كلمة في نيوتاون خلال حفل تأبين للضحايا ال26 بينهم عشرون طفلا بالقيام بكل ما في وسعه لوقف هذه الحوادث قائلا انه "لا بد من وضع حد لهذه المآسي". وكان آدم لانزا (20 عاما) فتح النار الجمعة في مدرسة ساندي هوك الابتدائية ببندقية رشاشة. وتبدأ الاثنين مراسم تشييع اول ضحيتين على ان يدفن القتلى الاخرون في الايام القادمة بحسب موقع نيوتاون باتش. وسيدفن نوا بوزنر (ستة اعوام) في مقبرة المدينة اليهودية في حين يوارى جاك بينتو (ستة اعوام) الثرى في مقبرة نيوتاون. وقتل في المجزرة ايضا ست معلمات وموظفات ووالدة القاتل الذي اقدم على الانتحار. وذكر اوباما ان نيوتاون هي رابع مدينة يزورها للتعزية بضحايا مجزرة مماثلة منذ توليه ولايته الرئاسية الاولى قبل اربع سنوات، وتعهد باصلاح القوانين المتعلقة بحيازة الاسلحة من خلال اعادة تطبيق حظر على الاسلحة الهجومية مثل السلاح الذي استخدمه لانزا، وانتهى العمل به في 2004. ولم يهاجم اوباما لوبي الاسلحة الذي يتمتع بنفوذ كبير في الكونغرس لكنه اكد على ضرورة حماية الاطفال الابرياء والعزل. وتساءل اوباما "هل يمكننا القول بصدق اننا منحنا كافة اطفال هذا البلد فرصة العيش بسعادة؟". واضاف "لقد فكرت في هذا خلال الايام الماضية واذا كنا صادقين مع انفسنا فان الجواب هو كلا. لا نقوم بما فيه الكفاية وعلينا تغيير ذلك". ولم يقترح اوباما في كلمته حلولا محددة لهذه المشكلة. ووسط البكاء قرأ اوباما اسماء الاطفال الذين قضوا في المجزرة والراشدين الذين قتلوا اثناء محاولة حمايتهم. وقال "لقد قتلوا في مدرسة كان يمكن ان تكون اي مدرسة، في مدينة هادئة كان يمكن ان تكون اي مدينة اميركية". واوضح الرئيس الاميركي "لم يعد بامكاننا التساهل مع هذا الامر. هذه المآسي يجب ان تنتهي. ولكي تنتهي علينا ان نتغير". واضاف "يمكننا القيام بافضل مما نقوم به. اذا لم يكن هناك الا اجراء واحد نقوم به لانقاذ حياة طفل او والد (...) فعلينا واجب ان نحاول". وقال ايضا "في الاسابيع المقبلة ساسخر لهذا الامر كل الصلاحيات التي يخولني اياها منصبي من اجل ان اتباحث مع مواطني، من قوى الامن الى خبراء علم النفس مرورا بالاهالي والمعلمين للعمل على منع وقوع مآس مماثلة". وتساءل اوباما "اي خيار آخر لدينا؟ لا يمكننا القبول بان تصبح حوادث كهذه امرا روتينيا. هل نحن مستعدون للقول باننا عاجزون امام هكذا مجازر؟ وبان الوضع السياسي صعب جدا؟"، في اشارة الى السجال الدائر في البلاد بين مؤيدي حرية حيازة الاسلحة ورافضيها. والعديد من الولايات الاميركية بما فيها ولاية كونيتيكت تفرض قوانين صارمة حول شراء الاسلحة النارية لكن في غياب تشريعات فدرالية من الصعب ضبط نقل الاسلحة من ولايات اخرى حيث تطبق قوانين اقل صرامة. وكان الحظر الفدرالي على حيازة الاسلحة الهجومية انتهى في 2004 ولم تنجح الجهود لاعادة العمل به. ولوبي الاسلحة لاعب اساسي في واشنطن ويؤكد ان المختلين عقليا يرتبكون اعمالا جنونية وان التضييق على الحريات الاميركية الاساسية لن يفضي الى نتيجة. ويؤكد آخرون ان اندرس بيرينغ بريفيك قام على سبيل المثال بقتل 77 شخصا في النروج حيث تطبق قوانين حول الاسلحة اكثر صرامة بكثير من تلك المعمول بها في الولاياتالمتحدة. ومن الحجج الاخرى المتداول بها هي ان السلاح شر لا بد منه، لان الطريقة الوحيدة لحماية الافراد هي تزويد عناصر امنية مدربة به لضمان امن المدارس والمراكز التجارية. ويرفض مؤيدو مراقبة الاسلحة هذا المنطق ويؤكدون على ضرورة حظر الاسلحة الهجومية. ووعدت السناتورة عن كاليفورنيا دايان فاينشتاين بتقديم مشروع قانون لحظر الاسلحة الهجومية في اليوم الاول من استئناف الكونغرس نشاطاته في الثالث من كانون الثاني/يناير المقبل. لكن تمرير قانون حول حظر الاسلحة يبدو صعبا لان الدستور الاميركي يضمن حق حيازة السلاح، والاسلحة النارية شعبية في صفوف قاعدة واسعة من الشعب الاميركي. والاحد اتحدت اصوات الزعماء الروحيين اليهود والمسيحيين والمسلمين وسط فظاعة المأساة. وحاول حاكم الولاية دان مالوي مواساة الاسر المفجوعة اذ قال "لن ننسى ابدا (ما حصل) لكن هذه المأساة ستجعلنا اقوى وسنصبح في حال افضل". واضاف "سنمضي قدما ونجد القوة. فالايمان هبة وكذلك قدرتنا على مواساة بعضنا البعض في مجتمعنا العظيم". واستخدم لانزا بندقية والدته الهجومية من طراز بوشماستر 223 لقتل 26 شخصا بينهم 20 طفلا قبل ان ينتحر بمسدس لدى محاصرة قوات الشرطة للمدرسة. وقال واين كارفر كبار الاطباء الشرعيين في كونيتيكت ان كل طفل اصيب بحوالى 11 رصاصة. وبعد يومين على وقوع المجزرة ساد التوتر مدينة نيوتاون وتم اخلاء كنيسة سانت روز دي ليما الكاثوليكية اثر تهديدات وقامت الشرطة بتفتيش منزل قريب. وكان اطلاق النار في نيوتاون ثاني اسوأ حادث يقع في مدرسة في تاريخ الولاياتالمتحدة بعد مجزرة فيرجينيا تيك في 2007 حيث قتل الطالب الكوري الجنوبي سونغ هيو شو 32 شخصا واصاب 17 قبل ان ينتحر. وفي حادث آخر وقع اخيرا واحدث صدمة في الولاياتالمتحدة، اقدم جيمس هولمز (24 عاما) على قتل 12 شخصا واصابة 58 عندما اطلق النار عند منتصف الليل اثناء عرض آخر افلام سلسلة باتمان في اورورا بكولورادو في تموز/يوليو.