طرابلس (لبنان) (رويترز) - ترفرف أعلام المعارضين السوريين بالألوان الأحمر والأخضر والأسود وسط رياح وأمطار ديسمبر كانون الأول في حين يدوي انفجار قذيفة مورتر قرب مبان سكنية عليها آثار الرصاص. لكن هذه ليست سوريا.. إنها مدينة طرابلس الساحلية في لبنان المجاور الذي مزقته الحرب الأهلية. وقتل رجلان في الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة وأصيب عشرات آخرون بجروح فيما وصفها سكان ومصادر أمنية بأنها أعنف اشتباكات هذا العام بين مسلحين لبنانين مؤيدين لطرفي الصراع في سوريا. وتقطن طرابلس أغلبية سنية ويؤيد معظم سكانها الانتفاضة التي يقودها السنة في سوريا لكنها تضم أيضا أقلية علوية وهي الطائفة التي ينتمي إليها الرئيس السوري بشار الأسد وأصبحت الاشتباكات في الشوارع بين السنة والعلويين أمرا معتادا في كل مرة ينجرف فيها لبنان نحو الأزمة السورية. وكان سبب الاشتباكات هذه المرة مقتل ما لا يقل عن 14 مسلحا فلسطينيا ولبنانيا سنيا من شمال لبنان على يد قوات الحكومة السورية الأسبوع الماضي في بلدة سورية واقعة على الحدود. ويبدو أن هؤلاء القتلى كانوا قد انضموا إلى المعارضين الذين بدأوا انتفاضة ضد الأسد قبل 20 شهرا ويقول سكان في طرابلس إن العديد منهم جاءوا من حي باب التبانة السني في طرابلس. وأظهر التلفزيون الرسمي السوري لقطة لجثث القتلى اللبنانيين عليها آثار جروح ناجمة عن إطلاق نار. وقال مصدر أمني في طرابلس طلب عدم ذكر اسمه "كان لابد وأن يدفع أحد ثمن الدماء التي أريقت." وأضاف "المسلحون السنة هاجموا بعض العلويين في السوق ثم تمركز القناصة في مواقعهم." كان ذلك يوم الثلاثاء. وبحلول يوم الجمعة قتل 12 شخصا في طرابلس وأصيب أكثر من مئة بسبب الاشتباكات التي استخدمت فيها القذائف الصاروخية والأسلحة الآلية وقذائف المورتر. وقال أحد السكان طالبا عدم ذكر اسمه "هناك قتال في عدد من الشوارع أكبر من أي وقت مضى." وطوق الجيش المنطقة بأكملها ولم يتسن لرويترز يوم الجمعة الاتصال بمقاتلين من الجانبين أدلوا لها بتصريحات في السابق. وصدرت أوامر للجيش بالرد على إطلاق النار لوقف العنف المتصاعد. غير أن سكانا قالوا إنه لا جدوى من ذلك وإن عدة جنود أصيبوا. وقال أبو عمار وهو سني يقيم في حي التبانة لرويترز "الجيش موجود هنا لكنه وجود رمزي فقط." وأضاف أبو عمار وهو في منتصف العمر "أفضل شيء للجيش هو أن يتراجع ويدع الجانبين ينهيان الأمر بنفسيهما." وكان أبو يزن وهو سوري من مدينة حمص في وسط سوريا يقاتل مع المعارضين ضد القوات السورية لكنه فر قبل نحو أسبوعين إلى طرابلس آملا في أن توفر الأغلبية السنية بالمدينة بعض الحماية لأسرته. وقال أبو يزن (26 عاما) "ثمة الكثير من السوريين هنا ونحن نتساءل لماذا يتقاتلون ... كانت أصوات الانفجارات الليلة الماضية لا تقل شدة عن تلك التي تقع في حمص". ويقول أبو يزن الذي يطلق لحيته إنه قاتل مع لبنانيين سنة في حمص ضد قوات الأسد لكن هذا القتال الطائفي في طرابلس لا معنى له. وأضاف "لا أريد أن يتصاعد القتال هنا." وامتلأت شوارع طرابلس يوم الجمعة بجنود في عربات مدرعة رغم أن معظم سكان المدينة واصلوا ممارسة حياتهم بشكل طبيعي. وقال بعض السكان إنه بعد القتال الذي استمر طوال الليل تحت الأمطار الغزيرة بدأ معظم المسلحين في الاستراحة. لكنهم لن يستريحوا لفترة طويلة حيث يطالب محتجون باستعادة جثث المسلحين اللبنانيين الذين قتلوا في سوريا وتقول مصادر أمنية إن من المرجح تشييعهم غدا السبت وهو ما قد يؤدي إلى مزيد من القتال. (إعداد عبد المنعم درار للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)