استمرت المعارك العنيفة بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين مساء الاربعاء للسيطرة على طريق الامداد الى مدينة حلب في شمال البلاد، فيما تواصل القوات النظامية هجومها للسيطرة على آخر معاقل المعارضين في حمص في يوم دموي جديد حصد 141 قتيلا. وفي ظل التصعيد المستمر على الارض، رفضت دمشق اليوم الاربعاء وقفا احادي الجانب لاطلاق النار، مشيرة الى انها طلبت من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ايفاد مبعوثين الى الدول التي تدعم "المجموعات المسلحة" وحثها على استخدام نفوذها من اجل وقف العنف من جانب هذه المجموعات قبل اي تدبير تتخذه السلطات في هذا الشأن. في موازاة ذلك، استمر التوتر بين انقرةودمشق، وهدد قائد الجيش التركي الجنرال نجدت اوزل سوريا "برد اقوى"، اذا استمرت في اطلاق النار على الاراضي التركية. على الارض، تواصلت المعارك مساء الاربعاء في عدد من قرى محافظة ادلب (شمال غرب) بين القوات النظامية ومجموعات مقاتلة معارضة تحاول اعاقة وصول تعزيزات عسكرية الى مدينة معرة النعمان التي استولى عليها المعارضون خلال الساعات الماضية، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وقال المرصد في بيان مسائي "لم يتمكن الرتل العسكري المتجه الى مدينة معرة النعمان من معسكر المسطومة من التقدم بسبب مهاجمته من مقاتلي الكتائب الثائرة، ولا يزال الرتل الثاني يشتبك مع مقاتلي الكتائب الثائرة قرب خان شيخون". وكانت القوات النظامية انسحبت الثلاثاء من كل الحواجز في مدينة معرة النعمان تحت وطأة هجمات المجموعات المعارضة المسلحة باستثناء واحد عند احد مداخلها. وتعتبر المدينة استراتيجية لوقوعها على الطريق العام بين مدينتي دمشق وحلب (شمال) حيث تدور معارك دامية منذ العشرين من تموز/يوليو. وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان مقاتلين معارضين يعيقون تقدم التعزيزات نحو معرة النعمان عند مشارف خان شيخون و"يقاومون بشراسة"، في حين تقصف "طائرات النظام بعنف مشارف خان شيخون لتأمين مرور التعزيزات". وتقع خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب على الطريق الدولي بين دمشق وحلب، علما ان المقاتلين المعارضين يسيطرون ايضا على سراقب. وتمر كل تعزيزات القوات النظامية نحو حلب حكما بهذه المدن الثلاث. وقتل في الاشتباكات في محافظة ادلب الاربعاء 21 مقاتلا معارضا وخمسة جنود نظاميين. كما قتل احد عشر مواطنا في القصف على هذه المناطق، بحسب المرصد الذي اشار ايضا الى تدمير ثلاث دبابات للقوات النظامية على الاقل. وقتل الاربعاء 141 شخصا على الاقل بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان هم 46 مدنيا و42 مقاتلا معارضا و53 جنديا نظاميا. وبين قتلى الاربعاء مراسل قناة الاخبارية السورية التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون الرسمية، الذي اصيب في مدينة دير الزور (شرق) برصاص "ارهابيين"، كما افادت القناة في شريط اخباري عاجل. وفي مدينة حمص (وسط)، افاد المرصد عن تجدد "القصف على احياء الخالدية وجورة الشياح واحياء حمص القديمة من جانب القوات النظامية السورية التي تحاول اقتحام هذه الاحياء المحاصرة وفرض سيطرتها عليها". وذكرت صحيفة "الوطن" السورية المقربة من السلطة ان حمص "قد تعلن خلال الساعات او الايام القليلة المقبلة محافظة آمنة بعد تقدم نوعي للجيش على المحاور كافة في المدينة وريفها". ويستخدم الاعلام الرسمي السوري عبارة "مناطق آمنة" في كل مرة تكون القوات النظامية في طور القيام بعملية عسكرية كبيرة في منطقة معينة ل"تطهيرها من الارهابيين". ومساء، افاد المرصد عن اشتباكات في حي القابون في جنوب مدينة دمشق "اثر اقتحام الحي من القوات النظامية وشن حملة دهم واعتقالات طالت عددا من المواطنين". وقامت القوات النظامية خلال الاسابيع الماضية بحملات اقتحام ودهم عدة لهذا الحي ولاحياء اخرى لا سيما في جنوب العاصمة لجأ اليها مقاتلون معارضون. من جهة اخرى اعلن المتحدث باسم الخارجية السورية جهاد مقدسي ان دمشق طلبت من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ايفاد مبعوثين الى الدول التي تدعم "المجموعات المسلحة"، ولا سيما "السعودية وقطر وتركيا"، والطلب منها الالتزام بوقف تمويل وتدريب وتسليح هذه المجموعات، وتوظيف "نفوذها من أجل وقف العنف من الجانب الآخر". واضاف "بعد ذلك، يتم اعلام الجانب السوري بنتائج مساعي الامين العام للامم المتحدة ليعرض الأمر على القيادة لاتخاذ وبحث الترتيبات اللازمة". وكان مقدسي يعلق على دعوة الامين العام للامم المتحدة الثلاثاء النظام السوري الى تطبيق وقف احادي لاطلاق النار. وفي طهران، نقلت وكالة الانباء الايرانية (ارنا) عن وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي قوله الاربعاء ان 48 ايرانيا خطفهم معارضون سوريون في بداية آب/اغسطس في ريف دمشق هم في "وضع صحي جيد". اما في تركيا، فقام قائد الجيش التركي الجنرال نجدت اوزل الاربعاء بجولة على قرية اكجاكالي (جنوب شرق) حيث قتل خمسة مدنيين مطلع تشرين الاول/اكتوبر في قصف سوري ردت عليه المدفعية التركية. وقال خلال الجولة "رددنا (على اطلاق النار السوري). اذا ما استمروا فسنرد بشكل اقوى". وفي تركيا ايضا اجبر سلاح الجو التركي مساء الاربعاء طائرة مدنية سورية في طريقها الى دمشق آتية من موسكو على الهبوط في انقرة للاشتباه بانها تنقل اسلحة، بحسب ما اعلنت وكالة انباء الاناضول التركية، في نبأ اكده التلفزيون السوري. وحذرت تركيا شركات الطيران التركية من دخول المجال الجوي السوري تفاديا تعرضها لاجراء انتقامي محتمل، بحسب القناة. وفي موسكو شدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على تقارب مواقف بلديهما بشأن الازمة السورية واتفقا على المضي في استئناف العلاقات الثنائية بعد الاعلان عن ابرام عقود تسلح بقيمة ثلاثة مليارات يورو. وقال المالكي في ختام مباحثات مع بوتين الاربعاء "اتفقنا على انه يجب تسوية الازمة السورية دون اي تدخل خارجي من خلال دعم مهمة الموفد الدولي الخاص لسوريا" الاخضر الابراهيمي. بدوره قال بوتين الحليف التقليدي للنظام السوري ان "آراءنا متطابقة او متقاربة حول مسائل عدة". وفي باريس اعلن عبد الباسط سيدا رئيس المجلس الوطني السوري ان المجلس الذي يضم غالبية اطياف المعارضة السورية في المنفى سيسعى خلال اجتماعه المقرر في الدوحة في 17 الجاري الى تجديد هيئاته ثم توحيد سائر قوى المعارضة بغية تشكيل "حكومة انتقالية". وقال سيدا بعد ان تحدث امام لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية في باريس "ان المرحلة الانتقالية ستكون صعبة ونعلم ذلك. لكن الحكومة الانتقالية استحقاق ضروري ونأمل الحصول على نتائج بسرعة". واكد سيدا انه بعد اجتماع الدوحة "سنعقد لقاء اخر (في قطر ايضا) مع القوى الرئيسية للثورة السورية" على الارض، مشيرا الى "المجالس العسكرية والمجالس الثورية واللجان المحلية". وما زالت المعارضة السورية منقسمة خصوصا بين مجموعات الداخل ومجموعات الخارج، والمجلس الوطني السوري الذي اعتبره المجتمع الدولي لفترة طويلة بمثابة "ممثل شرعي" يلقى صعوبة في توحيد المعارضة وفرض مصداقيته.