اعتبر الرئيس السوري بشار الاسد خلال استقباله وزير الخارجية الايراني علي اكبر صالحي الاربعاء في دمشق ان المعركة الحالية في بلاده لا تستهدف سوريا فحسب، انما "منظومة المقاومة باكملها". تزامنا استمرت اعمال العنف على وتيرتها المتصاعدة في مناطق مختلفة من البلاد، لا سيما في دمشق وحلب، موقعة 48 قتيلا الاربعاء بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، في وقت تتزايد حملات التنديد الدولية بانتهاك هذه الحقوق في سوريا. ولدى استقباله صالحي، قال الاسد ان "المعركة الحالية تستهدف منظومة المقاومة باكملها وليس سوريا فقط"، في اشارة الى ما يعرف بمحور المقاومة ضد اسرائيل وابرز اركانه سوريا وايران وحزب الله اللبناني. ونقلت وكالة الانباء الرسمية السورية (سانا) عن الاسد تاكيده امام صالحي ان سوريا "ابدت انفتاحا في التعامل مع كل المبادرات التي طرحت لايجاد حل للازمة". واعتبر ان "مفتاح نجاح اي مبادرة هو النوايا الصادقة لمساعدة سوريا وبناء هذه المبادرات على اسس سيادة سوريا وحرية قرار الشعب السوري ورفض التدخل الخارجي". وكان الوزير الايراني اكد لدى وصوله الى دمشق ان سوريا "تواجه مشكلة ونحن نتمنى ان تتم ادارة هذه المشكلة في اقرب فرصة". واوضح لدى وصوله الى مطار دمشق ان حل هذه المشكلة "يكون فقط في سوريا وداخل الاسرة السورية، وكذلك بالمشاركة والتنسيق مع كافة المؤسسات الدولية والاقليمية"، وذلك بحسب الترجمة العربية المباشرة. وقدم صالحي الذي التقى ايضا نظيره السوري وليد المعلم، من القاهرة حيث اقترح على "مجموعة الاتصال" حول سوريا التي تضم تركيا وايران والسعودية ومصر، ارسال مراقبين من هذه الدول للمساعدة على وقف العنف في سوريا. وغابت السعودية الداعمة للمعارضة السورية عن اجتماع القاهرة، في حين اعرب وزير الخارجية الايراني الذي تعد بلاده ابرز حليف للاسد، عن امله في مشاركة المملكة "في الاجتماعات القادمة". وتعليقا على الاقتراح الايراني، ابدى رئيس المجلس الوطني السوري عبد الباسط سيدا تحفظه على مشاركة ايران في مساعي ايجاد حل للعنف في سوريا. وقال سيدا لفرانس برس بعد لقائه وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني في الدوحة "ابلغنا القيادة القطرية ملاحظاتنا على موضوع ضم ايران الى الرباعية". على الارض، تستمر الاشتباكات وعمليات القصف لا سيما في دمشق حيث اقتحمت القوات النظامية حي الحجر الاسود جنوب العاصمة، بينما نفذ المقاتلون المعارضون هجمات متكررة على مراكز تابعة للقوات النظامية في حلب (شمال)، بحسب مصدر عسكري. وقتل 48 شخصا الاربعاء بينهم 42 مدنيا وستة مقاتلين معارضين، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وافاد المرصد ان اقتحام حي الحجر الاسود رافقته عمليات هدم وحرق للمنازل. وكان المرصد افاد صباحا عن اعلان "مقاتلين من الكتائب الثائرة المقاتلة الانسحاب من احياء الحجر الاسود والقدم والعسالي" جنوبالمدينة بعد معارك عنيفة مع القوات النظامية استمرت اياما عدة. واعلنت "الهيئة العامة للثورة السورية" في بيان ليل الثلاثاء الأحياء الجنوبية لمدينة دمشق "مناطق منكوبة". ونقلت صحيفة "الوطن" السورية القريبة من السلطات الاربعاء عن مصدر سوري مسؤول ان "دمشق آمنة ولن يسمح لأحد بتدنيس أرضها"، مشيرا الى ان "الجيش والقوات الأمنية حسمت الأمر في أغلبية المناطق في ضواحي العاصمة التي حاول الارهابيون دخولها والاحتماء بسكانها". واضافت الصحيفة ان وحدات الجيش واصلت "عملياتها لتطهير أحياء ومناطق" حلب، في حين افاد مراسل لفرانس برس في المدينة نقلا عن مصدر عسكري ان مسلحين شنوا مساء الثلاثاء هجوما في منطقة ميسلون (شرق) على نقاط تمركز للقوات النظامية اليي "صدت" الهجوم. وذكر المصدر ان مقر المخابرات الجوية وكتيبة المدفعية في منطقة الزهراء (غرب) تعرضا "لهجوم من مسلحين فشلوا في الاقتراب منه". واشار المراسل الى ان الحياة في منطقة الميدان (وسط حلب) التي اعلن الجيش السوري السيطرة عليها قبل يومين لم تعد الى طبيعتها بعد، اذ يسجل انقطاع التيار الكهربائي والاتصالات الخليوية عن بعض اجزائها، الى عمليات قنص في مناطق عدة. على صعيد آخر، اعلن الجيش السوري الحر سيطرته الاربعاء على معبر تل الابيض الحدودي مع تركيا، بحسب ما افاد وكالة فرانس برس ناشط في محافظة الرقة (شمال سوريا) قدم نفسه باسم "ابو عساف". وقال في اتصال هاتفي مع فرانس برس ان "الجيش السوري الحر سيطر على كامل المنطقة المحيطة بمعبر تل الابيض الحدودي" بما فيها "المباني الامنية والحكومية على المعبر، ورفعوا علم الجيش الحر". وكانت وسائل اعلام تركية اكدت الاربعاء سيطرة المقاتلين المعارضين على المعبر بعد معارك بدات عصر الثلاثاء وتخللتها هدنة ليلا، مشيرة الى اصابة ثلاثة مدنيين اتراك في مدينة اكجكال المقابلة جراء الرصاص الطائش. واستدعى الوضع الانساني في سوريا والانتهاكات التي تتعرض لها حقوق الانسان تزايدا في حجم التنديد الدولي. ففي وارسو اعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الاربعاء ان الشعب السوري يعيش وضعا انسانيا صادما بسبب دوامة العنف المستمرة منذ اكثر من 18 شهرا. وقال هيغ للصحافيين ان "الوضع في سوريا اكثر ما يشغلنا في مجال السياسة الخارجية. نحن مع الشعب السوري الذي يواجه وضعا انسانيا صادما وعنف نظام الاسد". واتهمت منظمة العفو الدولية الاربعاء القوات السورية بشن "هجمات عنيفة دون تمييز"، ما يترك "عواقب كارثية على المدنيين". وكانت منظمة "هيومان رايتس ووتش" طالبت الاثنين مجلس الامن الدولي باحالة الجرائم التي ترتكبها كل الاطراف في سوريا الى المحكمة الجنائية الدولية. كما اوصى رئيس لجنة التحقيق التابعة للامم المتحدة باولو بينيرو الاثنين مجلس حقوق الانسان باتخاذ +الاجراءات المناسبة+ نظرا "لخطورة الانتهاكات والتجاوزات والجرائم التي ترتكبها القوات الحكومية والشبيحة ومجموعات معادية للحكومة" في سوريا. في تركيا، اكد الجيش التركي الاربعاء اثر تحقيق ان طائرته المقاتلة التي اسقطتها الدفاعات الجوية السورية في حزيران/يونيو الماضي كانت في الاجواء الدولية وليس في المجال السوري كما زعمت دمشق. واتهمت الولاياتالمتحدة الاربعاء شركة بيلاروسية حكومية بدعم الجيش السوري والاسهام بذلك "في العنف الذي يمارسه نظام" الرئيس بشار الاسد "ضد الشعب السوري". وقالت وزارة الخزانة في بيان ان شركة بلفنيشبروم سيرفيس "قدمت خدمات لمكتب امدادات الجيش السوري". واضاف البيان ان المكتب السوري "استعد لتسلم قطع يمكن استخدامها كصواعق لقذائف جوية متعددة الاوجه من جانب شركة بلفنيشبروم سيرفيس" في اذار/مارس 2011، من دون تحديد المكان الذي تم فيه التسليم.