دبي (رويترز) - أيدت محكمة بحرينية يوم الثلاثاء الأحكام الصادرة ضد زعماء انتفاضة العام الماضي والتي تصل إلى السجن المؤبد في قرار من الممكن أن يقلص احتمالات نزع فتيل الاضطرابات في البحرين. ووصفت منظمة العفو الدولية المدافعة عن حقوق الانسان ومقرها لندن الحكم بأنه شائن. وتشهد البحرين مقر الأسطول الخامس الأمريكي اضطرابات سياسية منذ تفجر حركة احتجاجية هيمنت عليها الأغلبية الشيعية في فبراير شباط 2011 أثناء موجة من الثورات ضد أنظمة حكم شمولية في شتى أنحاء العالم العربي. وأخمدت أسرة آل خليفة السنية الحاكمة الانتفاضة بفرض الأحكام العرفية وبمساعدة قوات من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لكن الاضطرابات تجددت لاحقا باشتباكات يومية بين الشيعة والشرطة. وتشمل الأحكام التي أصدرتها محكمة عسكرية في البداية ضد 21 رجلا منهم سبعة غيابيا ثمانية أحكام بالسجن المؤبد. وما زال 13 مسجونين بعد الافراج عن متهم واحد. وقال محامو الدفاع إن من الممكن نقض الأحكام التي صدرت يوم الثلاثاء أمام محكمة التمييز. وقال رئيس النيابة الكلية ان ستة من الرجال مدانون بالتخابر مع ايران وحزب الله اللبناني الشيعي بهدف "قلب نظام الحكم والتخابر مع جهات أجنبية وانتهاك أحكام الدستور". ونقلت وكالة انباء البحرين (بنا) عن وائل بوعلاي قوله في مؤتمر صحفي "ثبت يقينا من الحكم الصادر علاقة بعض المتهمين وسعيهم وتخابرهم مع منظمة خارجية وهي حزب الله الذي يعمل لمصلحة ايران." وينفي حزب الله ضلوعه في احتحاحات البحرين لكنه ينتقد الطريقة التي تعاملت بها الحكومة مع الاضطرابات. وينفي الرجال المدانون جميعا كل الاتهامات قائلين انهم لا يريدون سوى الاصلاح الديمقراطي في المملكة. وحوكم سبعة منهم غيابيا حيث غادروا البلاد او اختبأوا. وقالت بنا ان المحكمة برأت اربعة من تهم التخابر مع جهات اجنبية والسعي لتغيير وقلب نظام الحكم لكن عقوباتهم ظلت كما هي. وأبلغ محامي الدفاع محمد الجشي رويترز ان ذلك يرجع لاسباب من بينها اتهامات اخرى ليست ضمن ما يصل إجمالا إلى 12 تهمة اعلنها القاضي او ذكرت في وسائل الاعلام يوم الثلاثاء. وتشمل الاتهامات الاخرى اهانة الجيش والتحريض على الكراهية الطائفية وتنظيم احتجاجات بدون ترخيص. ويخشى نشطاء المعارضة أن تكون سلطات البحرين راغبة في إطالة أمد القضية واتخاذ من المتهمين أوراقا تفاوضية في حل يتم التوصل إليه للصراع في نهاية الأمر. وتقول الحكومة إن المحاكم مستقلة في البلاد. وبدأت السلطات محادثات مع جماعات المعارضة لكنها قالت إنها يجب أن تبذل جهدا أكبر لوقف العنف في الشوارع. وتقول المعارضة إن هذا الموقف حيلة لتجنب تقديم تنازلات وإنها ليست مسؤولة عن الاشتباكات. وقالت حسيبة حاج صحراوي نائبة مدير العفو الدولية لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا "قرار المحكمة اليوم هو ضربة اخرى للعدالة ويظهر من جديد ان السلطات البحرينية ليست على مسار الاصلاح وإنما تحركها على ما يبدو نزعة الانتقام." وينظر بعض البحرينيين الشيعة إلى الرجال العشرين باعتبارهم أبطالا شعبيين ويمكن أن يحيي الإفراج عنهم حركة الاحتجاج التي تطالب بمنح البرلمان سلطة التشريع وتشكيل حكومات. ويقول شيعة البحرين إنهم يعانون من التمييز وهو ما تنفيه الحكومة. وقالت جين كينينمونت وهي محللة في تشاتام هاوس ومقيمة في لندن إن الحكم يبعث برسالة قوية لمحتجين وكذلك الدول الغربية التي حاولت إقناع المنامة بالتوصل إلى حل وسط مع حركة الاحتجاج. وأضافت "ربما تكون السلطات بصدد محاولة إظهار قوتها قبل حوار مزمع مع الجمعيات السياسية" مضيفة أن هذا من الممكن أن يكون له رد فعل عكسي إذا تصاعدت الاحتجاجات والاشتباكات. وتابعت "كما أن هذا ربما يبعث برسالة للمجتمع الدولي بشأن حدود الضغط. أدى الدعم السعودي القوي للبحرين إلى جعلها أقل اهتماما بما يقوله الغرب." ورغم أن المسؤولين الأمريكيين يرغبون في الإفراج عن السجناء بالبحرين للمساعدة على إعادة الهدوء فإن واشنطن تجنبت إثارة غضب المنامة من خلال الدعوة علانية للإفراج عنهم. ويساعد وجود السفن الحربية الأمريكية على ضمان تدفق حر لصادرات النفط التي تخرج من الخليج الذي هددت إيران بإغلاقه في حالة تحول الأزمة مع الدول الغربية بسبب برنامجها النووي إلى مواجهة. وقال فيلي سوفندال وزير الخارجية الدنمركي إن الحكم مخيب للأمل ودعا إلى الإفراج عن عبد الهادي الخواجة النشط في مجال حقوق الإنسان والذي يحمل الجنسية الدنمركية. وقال سوفندال في تعقيب مكتوب "من المهم أن يستمر المجتمع الدولي في جعل البحرين تدرك أهمية أن تحترم البلاد حقوق الإنسان الأساسية." وحكم على ثمانية من هؤلاء العشرين بالسجن المؤبد في محكمة عسكرية العام الماضي منهم الخواجة وزعيم المعارضة حسن مشيمع الذي دعا إلى تحويل البحرين إلى جمهورية. ويقضى زعيم المعارضة السني ابراهيم شريف زعيم حزب وعد حكما بالسجن خمس سنوات. وقال حسين جواد ابن محمد جواد الذي يقضي فترة عقوبة بالسجن 15 عاما "أشعر بخيبة أمل كبيرة. كانت هذه صدمة للناس... إذا كانوا لا يريدون حياة أو مستقبلا للبحرين فسوف يبقون على مثل تلك الأحكام." ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن رئيس النيابة بوعلاي قوله ان المحكمة وفرت جميع ضمانات المحاكمة العادلة من خلال توفير هيئة دفاع اختارها المتهمون مكونة من 17 محاميا وجلسات علنية بحضور وسائل الاعلام المحلية والاجنية ودبلوماسيين أجانب. لكن الجشي قال إن جميع المسجونين الحاليين رفضوا حضور الجلسة احتجاجا على الجلسات السابقة المغلقة التي قدموا خلالها أدلة وقالوا إنهم تعرضوا لسوء معاملة اثناء الاحتجاز العام الماضي لإجبارهم على الاعتراف أمام المحكمة العسكرية. وأشاد سنة - يخشون صعود الإسلاميين الشيعة إذا قدمت الحكومة تنازلات أمام مطالب المعارضة - بالحكم. وكتب رجل الدين محمد خالد على تويتر قائلا "الله أكبر. الله أكبر." (إعداد علي خفاجي للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)