يستهل رئيس البنك المركزي الاميركي (الاحتياطي الفدرالي) بن برنانكي الجمعة الدورة السياسية الجديدة بعد العطلة الصيفية بخطاب ينتظر بكثير من الترقب يعرض فيه رؤيته للتطور المحتمل في السياسة النقدية الاميركية. ويلقي برنانكي كلمته في الساعة 14,00 تغ بمناسبة الندوة الدولية السنوية للسياسة النقدية التي ينظمها الاحتياطي الفدرالي كل سنة منذ عشرين عاما في جاكسون هول في مرتفعات وايومينغ غرب الولاياتالمتحدة. وتامل الاسواق المالية القلقة منذ 15 يوما ان يعطي برنانكي في الندوة اشارة تبشر بتليين اضافي في السياسة النقدية في المستقبل القريب، مثلما سبق ان فعل في 2010 وكذلك ولو بشكل مبطن في 2011. لكن العديد من خبراء الاقتصاد يتوقعون ان ياتي الخطاب مخيبا للامل وان يكتفي برنانكي بالتذكير بان في وسع الاحتياطي الفدرالي عند الضرورة زيادة دعمه الاستثنائي للاقتصاد، وتعداد مختلف الاجراءات التي في متناوله بهذا الصدد. ويعتمد البنك المركزي الاميركي سياسة نقدية في غاية الليونة تتضمن ابقاء معدل الفائدة الرئيسية قريبا من 0% منذ اكثر من ثلاث سنوات ونصف، والقيام بعمليات بيع وشراء سندات مالية في الاسواق للتاثير على معدلات الفائدة على المدى البعيد. وفي هذا السياق يبقى الاحتياطي الفدرالي على استعداد دائم لضخ اموال تصل الى 2300 مليار دولار في الدورة المالية. واظهرت محاضر اخر اجتماع للجنة السياسة النقدية في الاحتياطي الفدرالي انه في مطلع الشهر كان "العديد" من قادة الاحتياطي يعتبرون ان "تليينا نقديا جديدا قد يصبح مبررا بعد قليل" في حال استمرار التباطؤ الاقتصادي الملاحظ منذ مطلع السنة. غير ان المؤشرات الصادرة منذ ذلك الحين ليس من شانها ان تعزز هذه الحجج. فان كان قطاع الوظائف لا يظهر اي مؤشرات تفيد عن تحسن اوضاعه، فان سوق المساكن تسجل بوادر انتعاش مستديم. كما ازداد الاستهلاك في شهر تموز/يوليو لاول مرة منذ ثلاثة اشهر واعتبرت الحكومة الاربعاء ان النمو في الفصل الثاني (1,7%) لم يكن سيئا بالقدر الذي كان متوقعا اساسا. وتفيد المعطيات ان النمو سيكون اقوى في الفصل الثالث غير ان اقتصاد البلاد يبقى رهنا بتطور الازمة في اوروبا والسياسة الاميركية في مجال الميزانية وكذلك تباطؤ محتمل للنمو في اسيا. ويرى جويل ناروف من معهد ناروف ايكونوميكس للاستشارات ان "النمو ليس قويا بما يكفي حتى يستبعد برنانكي .. امكانية تليين جديد، ولا ضعيفا بما يكفي لارغامه على الاعلان عن تدابير جديدة". وبالتالي فهو يتوقع ان يعمد رئيس الاحتياطي الفدرالي، الوحيد بين اعضاء لجنة السياسة النقدية المخول الكلام باسمها، الى "المماطلة" في جاكسون هول. ويشاطره الراي جون ماكين من معهد اميريكان انتربرايز للدراسات المحافظ. وهو يرجح ان يقوم برنانكي "بتكرار رسالة المحاضر" ومفادها انه "في غياب تحسن مستديم يمكن تقييمه لوتيرة الانتعاش، فان الاحتياطي الفدرالي سيتخذ اجراءات جديدة تهدف الى تحفيز الاقتصاد، مثل (الالتزام بالابقاء على) معدلات فائدة متدنية لفترة اطول - قد تمتد حتى 2015 - او عمليات شراء اضافية (لسندات مالية) بقيمة منطقية".