طرابلس (رويترز) - ترسم ماجدة الفلاح ابتسامة عريضة على وجهها وتصافح متسوقين في وسط طرابلس في إحدى جولاتها للتواصل مع الناخبين قبل انتخابات تاريخية تجريها ليبيا يوم السبت لاختيار جمعية وطنية. وماجدة طبيبة وعاشت في أيرلندا لسنوات وتخوض الانتخابات عن حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين الليبية والذي من المتوقع أن يبلي بلاء حسنا في الانتخابات. لكن فريق حملتها الانتخابية الصغير كثيرا ما وجد المهمة شاقة. وقال حذيفة (20 عاما) وهو مؤيد لماجدة الفلاح ولمرشحة أخرى على نفس القائمة "أحيانا عندما أوزع منشور الدعاية يرفضه البعض أو يأخذه ثم يمزقه أمامي لأنه يدعو لانتخاب نساء." وأضاف "يقول بعض الناس: لا نظن أن المرأة ينبغي أن يكون لها دور في الحكومة .. إنهن لا يعرفن ما عليهن فعله." وستكون الانتخابات التي ستجرى بعد أقل من عام من الانتفاضة التي أنهت حكم معمر القذافي الذي استمر أربعة عقود أول ممارسة للديمقراطية في ليبيا منذ 60 عاما. وستحدد الانتخابات تشكيل الجمعية الوطنية التي ستختار بدورها رئيس الوزراء والحكومة قبل إجراء انتخابات عامة كاملة في ظل دستور جديد سيجري إعداده العام القادم. ورغم أن قواعد الانتخابات تضمن للمرشحات أماكن على القوائم الحزبية فإن تيارا قويا من القيم المحافظة الاجتماعية والدينية يشير إلى أن كثيرا من الليبيين مازالوا يشككون في دورهن في السياسة. وفي طرابلس وبنغازي ثاني كبرى المدن الليبية والتي كانت نقطة انطلاق للانتفاضة جرى خدش أو طمس وجوه مرشحات بالطلاء على عشرات الملصقات الانتخابية. وربما كان ظهور القذافي في مؤتمرات خارجية محاطا بحارسات يعرض صورة لتمكين النساء لكن المرأة تحتل في الواقع مكانا هشا في المجتمع الليبي الذي لا يزال أبويا بقوة. وقالت فاطمة جليدان (47 عاما) وهي معلمة جاءت للاستماع إلى ماجدة في أحد مؤتمراتها الانتخابية "زميلاتي في العمل يقلن لي إنهن لن يعطين أصواتهن لامرأة وإن الرجل سيقود البلاد بشكل أفضل." وتشير مثل تلك التوجهات إلى أن ليبيا ربما تحذو حذو بلدان أخرى طالتها انتفاضات "الربيع العربي" حيث سارت المرأة كتفا بكتف مع الرجل للإطاحة بحكام مستبدين ثم جرى تهميشها. ووجدت دراسة أجراها الاتحاد البرلماني الدولي أن نسبة المرأة في البرلمان في مصر تراجعت من 12 في المئة قبل الإطاحة بحسني مبارك إلى اثنين في المئة بعد الانتخابات البرلمانية الماضية. وفي تونس فإن صورة المرأة أكثر تشوشا. فالنسبة المخصصة للمرأة تجعل 30 في المئة من أعضاء الجمعية الوطنية نساء لكن جماعات محلية مدافعة عن حقوق المرأة تشكو من أن النساء حصلن على عدد قليل جدا من المناصب في حكومة انتقالية تضم أكثر من 40 وزيرا. ويقدر تقرير الاتحاد البرلماني الدولي أن النساء كن يشكلن 10.7 بالمئة في كل البرلمانات العربية في العام الماضي لتصبح المنطقة العربية هي الوحيدة في العالم التي يقل فيها تمثيل المرأة عن 30 بالمئة. لكن هذا لا يردع المرشحة الليبية ماجدة التي تقول إن اشتراط أن تتضمن القوائم الحزبية نساء سيسمح للمرأة بأن تخطو خطوة أولى ضرورية في السياسة المحلية. وقالت إن من المؤكد أن بعض النساء سيتم إدراجهن على القوائم لمجرد تلبية الشروط. لكنها أضافت أن هناك من النساء من يخضن الانتخابات عن اقتناع بالعمل وسيقع على عاتقهن اثبات قدرتهن على العمل في السياسة. لكن يظل السؤال هل سيغير الجيل الجديد من السياسيات الليبيات حياة النساء بشكل ملموس. ففي تونس جاء كثير من عضوات البرلمان على قوائم إسلامية ومن ثم لم يضعن الإصلاح الذي تطالب به الجماعات المدافعة عن حقوق المرأة ضمن أولوياتهن. وقالت أماني بن زيتون التي كانت تتسوق في طرابلس "نحتاج حقيقة إلى إصلاح حقوقنا خصوصا فيما يتعلق بقضايا الطلاق وحضانة الأبناء والميراث" وجميعها مجالات تشكو المرأة فيها من التمييز ضدها. ويقول آخرون إن حداثة عهد ليبيا بالديمقراطية - حيث كان القذافي يعتبر الانتخابات والأحزاب السياسية سلوكا برجوازيا - يعني أن المرأة ستدخل الحلبة السياسية بخبرة لا تقل عن خبرة المستجدين أيضا من منافسيها من الرجال. وقالت لمياء بوسدرة (38 عاما) وهي مرشحة بارزة عن حزب الوطن في بنغازي إن السياسة ميدان جديد بالنسبة للرجل والمرأة في ليبيا على حد سواء. ومضت تقول إن المؤهلات موجودة ويمكن للمرأة أن تنجز إذ أن كل ما تحتاجه لذلك هو الثقة في نفسها. (إعداد أشرف راضي للنشرة العربية - تحرير مصطفى صالح)