بدأ الليبيون اليوم السبت التوجه إلى مراكز الاقتراع في أول انتخابات تشهدها البلاد منذ أكثر من أربعة عقود ، لانتخاب أعضاء المؤتمر الوطني الذي سيحل محل المجلس الوطني الانتقالي، الذي تأسس لإدارة البلاد خلال الثورة ضد الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي العام الماضي . هذا وقد تعالت أصوات تكبيرات صلاة العيد بمراكز التصويت خلال ادلاء الناخبون بأصواتهم ، كما قامت النساء ب"الزغاريد" داخل المراكز. هذا وقد أفادت قناة "العربية" الإخبارية اليوم بإحراق مراكز اقتراع في بلدة قمينس غرب بنغازي فى شرق ليبيا.
وسيختار الناخبون جمعية وطنية من 200 عضو ستتولى اختيار رئيس الوزراء والحكومة وستكلف بالإعداد لانتخابات برلمانية العام القادم في ظل دستور جديد.
واغلب المرشحين البالغ عددهم 3700 يتبنون اجندات إسلامية مما يدفع للاعتقاد بأن ليبيا ستكون البلد التالي في دول الربيع العربي بعد مصر وتونس التي حصلت فيهااحزاب دينية على موطيء قدم في السلطة بعد ثورات العام الماضي.
إلا ان مصداقية الانتخابات قد تنهار اذا ما اقدمت الميليشيا المسلحة ذات الانتماءات الجغرافية او القبلية على إثناء الناخبين عن المشاركة او إذا تحولت نزاعات على النتائج إلى معارك ضارية بين الفصائل المتناحرة.
وأبلغ رئيس الوزراء الليبي عبدالرحيم الكيب مؤتمرا صحفيا في طرابلس الجمعة ان الانتخابات ستجرى السبت وان كل افراد الشعب الليبي يريدون اتمامها.
ويأتي التهديد الأكبر من المنطقة الشرقية حول مدينة بنغازي مهد الانتفاضة التي دعمها حلف الاطلسي وانتهت بالاطاحة بالقذافي قبل نحو عام. وتشكو المنطقة من الاهمال من قبل الحكومة المتمركزة في طرابلس.
وقال حامد الحاسي رئيس المجلس العسكري لإقليم برقة :"إن حربا اهلية قد تندلع بين الشرق والغرب" موضحا في تصريح لرويترز ان البلاد ستكون في حالة شلل لان لا احد في الحكومة يستمع لهم.
وتتولى القوات الواقعة تحت قيادة الحاسي مهمة تأمين الشرق ولكنها وقعت في خلافات مع الحكومة بشأن تمثيلها.
وفي وقت سابق الجمعة عطلت جماعات مسلحة في شرق ليبيا نصف صادرات البلاد من النفط للضغط من أجل الحصول على قدر أكبر من الحكم الذاتي عشية أول انتخابات حرة تجرى في البلاد. وتعطلت ثلاثة موانيء تصدير رئيسية على الأقل.
وتلقت شركات النفط التي تريد تحميل شحنات الخام من الموانئ التي أغلقت بسبب الاضراب مذكرة من الوكلاء تحذر من أن السفن لن يكون بمقدورها الرسو أو التحميل مادام الاضراب مستمرا.
وجاء في المذكرة ان الاضرابات سوف تستمر 48 ساعة إذا لم تستجب الحكومة لمطالبهم.
واحتشد مئات من المحتجين في ميدان بوسط بنغازي في وقت متأخر الجمعة وقالوا انهم سيقاطعون الانتخابات احتجاجا على تخصيص 60 مقعدا فقط للشرق في الجمعية الوطنية مقابل 102 مقعد للغرب.
وفي أحدث هجوم على مسئولي الانتخابات في الشرق اضطرت طائرة هليكوبتر تحمل لوازم خاصة بالانتخابات للهبوط اضطراريا قرب مدينة بنغازي يوم الجمعة بعد إصابتها بنيران مضادة للطائرات في هجوم أسفر عن مقتل أحد ركابها.
وقال عماد السايح نائب رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات لرويترز أنه لا يوجد أمن في البلاد.
وينتشر القلق في كل مكان ففي الكفرة بالجنوب المعزول تكون الاشتباكات القبلية شرسة لدرجة انها تحول بين زيارة المراقبين الانتخابيين لمقار اللجان ويتساءل البعض هل يمكن اجراء انتخابات في بعض المناطق هناك.
وفي سرت مسقط رأس القذافي يغلب مزاج غير ايجابي تجاه الانتخابات حيث يقول البعض انهم لن يشاركوا في التصويت.
وبينما يقول محللون انه من الصعب التنبؤ بشكل الجمعية الوطنية إلا ان احزابا ومرشحين لهم توجهات سياسية يهيمنون على المشهد بينما يترشح عدد قليل من العلمانيين.
ومن المتوقع ان يبلي حزب العدالة والبناء الذراع السياسية للاخوان المسلمين في ليبيا بلاء حسنا وكذا حزب الوطن الذي يتزعمه المعتقل السابق لدى وكالة المخابرات المركزية الامريكية عبدالحكيم بلحاج.
وتعني القواعد الهادفة لتحقيق تكافؤ الفرص في اختيار اعضاء الجمعية ان العديد من المرشحات سيخضن السباق. إلا انه جرى طمس وجوه العديد من المرشحات بالطلاء من على عشرات الملصقات الانتخابية في طرابلس مما يدل على التردد لدى بعض الليبيين بشأن منح دور اكبر للمرأة في الحياة السياسية.
وقالت لمياء بوسدرة (38 عاما) وهي مرشحة بارزة عن حزب الوطن في بنغازي إن السياسة ميدان جديد بالنسبة للرجل والمرأة في ليبيا على حد سواء.
ومضت تقول إن المؤهلات موجودة ويمكن للمرأة أن تنجز إذ أن كل ما تحتاجه لذلك هو الثقة في نفسها.
وستعطي النتائج الأولية الجزئية المنتظر اعلانها عقب اغلاق مراكز الاقتراع في الثامنة مساء بالتوقيت المحلي رؤية استرشادية عن شكل الجمعية لكن النتائج الاولية الكاملة لن تعلن حتى يوم الاثنين.