محافظ القليوبية يتابع جاهزية اللجان العامة في مركزي مدينتي قليوب وطوخ    ضبط شخص بحوزته عدد من البطاقات الشخصية لناخبين ومبالغ مالي    رئيس الرقابة المالية يشارك في جلسة حوارية بمنتدى البركة الإقليمي    وزارة التخطيط تجتمع مع بعثة البنك الإسلامى لمتابعة المشروعات القومية    الحكومة توافق على العفو عن باقي مدة العقوبة لبعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة    وزراء الري والزراعة والصناعة: تعامل حازم مع أى تعديات على المجارى المائية والطرق    مصر تدين مصادقة الحكومة الإسرائيلية على إقامة 19 مستوطنة بالضفة الغربية    أمم أفريقيا 2025، نسور مالي وحلم اللقب الأول للكان    الداخلية تضبط مكبر صوت بحوزة 3 أشخاص يحشدون لناخب فى سيدى سالم    كيف دعم حسن حسني الراحلة نيفين مندور في فيلم «اللي بالي بالك»؟    وزير الأوقاف يكرم المشاركين فى نجاح المسابقة العالمية 32 للقرآن الكريم    كيف تميز العقار الأصلي من المغشوش؟ تعليمات حكومية جديدة    إصابة 7 أشخاص إثر انقلاب سيارة سوزوكي بشمال سيناء    بوتين يؤكد تطوير القدرات العسكرية ومواصلة العملية فى أوكرانيا    كأس العرب 2025.. طارق السكتيوى يكشف موقفه من تدريب منتخب المغرب الأول    الداخلية تضبط شخص بدائرة قسم شرطة المطرية بحوزته مبالغ مالية وعدد من كوبونات السلع الغذائية متعلقة بالانتخابات    قائمة ريال مدريد - غياب فالفيردي وكورتوا في مواجهة تالافيرا    وزير الرياضة يعلن عودة نعمة سعيد من الاعتزال تحضيرا ل أولمبياد لوس أنجلوس    وزارة الأوقاف تنظم فعاليات واسعة لمناهضة العنف ضد المرأة    باسل رحمي: نحرص على تدريب المواطنين والشباب على إقامة مشروعات جديدة    الحكومة توضح حقيقة مشكلات الصرف الصحي في قرى مغاغة: سببها التسريب والكسر وليس سوء التنفيذ    إحالة أوراق متهم بقتل شخص فى سوهاج بسبب خلافات ثأرية إلى فضيلة المفتى    الداخلية تضبط 3 أشخاص لتوزيعهم أموال بمحيط لجان المطرية    وحدة المدن المستدامة تناقش خطط العمل التنفيذية للتحول الأخضر    إنفوجراف.. شريف سعيد فاز بجائزة نجيب محفوظ 2025    حقيقة انفصال مصطفى أبو سريع عن زوجته بسبب غادة عبدالرازق    مفتي الجمهورية يلتقي نظيره الكازاخستاني على هامش الندوة الدولية الثانية للإفتاء    مكتبة الإسكندرية تشارك في افتتاح ملتقى القاهرة الدولي للخط العربي    العدل يدعو للمشاركة في جولة الإعادة البرلمانية: الانضباط داخل اللجان يعزز الثقة والبرلمان القوي شرط للإصلاح    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أبو كويك: اللجنة المصرية تطلق مبادرة لإيواء النازحين في غزة    المطبخ المصري.. جذور وحكايات وهوية    المحمدي: ظُلمت في الزمالك.. ومباريات الدوري سنلعبها كالكؤوس    مسئولة أممية: نسعى لمنع تكرار سيناريو دارفور في كردفان    أم كلثوم.. حين تتحول قراءة الرمز إلى تقزيم    أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفطية روسية ومنصة بحر القزوين    ممثل البابا تواضروس: المحبة حجر الأساس لمواجهة خطاب الكراهية وبناء مجتمع متماسك    درجة الحرارة 1.. غيوم وأمطار غزيرة على مدينة سانت كاترين    اتجاه في الزمالك لتسويق أحمد حمدي في يناير    المصرف المتحد يرعى المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها الثانية والثلاثين    مع بدء التصويت بانتخابات الاعادة للمرحلة الثانية .. حزب العدل يتقدم ب 7 شكاوي للهيئة الوطنية للانتخابات    «الست» تتصدر شباك التذاكر.. أبرز إيرادات أفلام دور العرض المصرية    محافظ قنا يوجه بحملات مرورية مكثفة للحد من حوادث الطرق    متحدث وزارة الصحة يقدم نصائح إرشادية للوقاية من الإنفلونزا الموسمية داخل المدارس    أبو الغيط: الاحتلال يُمعن في إفراغ وقف إطلاق النار بغزة من مضمونه    إعلام الاحتلال: إسرائيل تستعد لمواجهة عسكرية مع حزب الله نهاية العام    بعد إدراج الكشري في اليونسكو.. التراث غير المادي مهدد بالاندثار دون توثيق    إصابة ثلاثة طلاب من جامعة بنها جراء اعتداء بمياه النار في كفر شكر    سطوحي قائمًا بأعمال عميد علوم عين شمس وطنطاوي للآثار    الصحة تكشف تفاصيل تجديد بروتوكول مواجهة الطوارئ الطبية لمدة 3 سنوات جديدة    صحة سوهاج: تنظيم 2105 ندوات توعوية لصحة الفم والأسنان خلال شهر نوفمبر    اسعار الخضروات اليوم الاربعاء 17 ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    سعر الدولار اليوم الأربعاء 17 ديسمبر 2025 في مصر    «كامل أبو علي»: أتمنى فتح صفحة جديدة وعودة العلاقات مع الأهلي    من سندرلاند إلى ليفربول.. خريطة غيابات الدوري الإنجليزي في كان 2025    مرونة الإسلام.. وخلافات الصحابة    مصطفى عثمان حكما لمباراة البنك الأهلي ومودرن سبورت في كأس عاصمة مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق-أعمال شغب بسبب معرض فني تظهر الانقسامات في تونس الجديدة
نشر في مصراوي يوم 02 - 07 - 2012

تونس (رويترز) - وافقت الفنانة على إجراء مقابلة معها لكنها طلبت عدم نشر اسمها. التقطت عملا فنيا من اعمالها خربه متعصبون إسلاميون في معرض فني نظم مؤخرا بضاحية في تونس وقالت "لا تصفيه وإلا فإن الناس سيتعرفون علي."
أصبح الفنانون التونسيون يتجنبون لفت الأنظار إليهم منذ ان اقتحم سلفيون قصر العبدلية في العاشر من يونيو حزيران ودمروا عددا من الأعمال في معرض (ربيع الفنون) احتجاجا على الأعمال الفنية التي اعتبروها مسيئة للإسلام ثم أثاروا شغبا لأيام.
ومن أكثر الأعمال المعروضة إثارة للجدل نساء محجبات على شكل أجولة للتدريب على اللكم. وهناك عمل آخر يصور نساء يرتدين الخمار وسط كومة من الحجارة في إشارة إلى حد الرجم لمن يرتكبن الزنا. أما العمل الذي أثار أكبر قدر من الغضب هو كتابة عبارة "سبحان الله" بالنمل.
وفي حين أن وزير الثقافة ووزير الشؤون الدينية التونسيين أدانا العنف الذي أسفر عن مقتل شخص فإنهما انتقدا أيضا الفنانين لتجاوزهم خطوط حرية التعبير.
وهدأت الأجواء منذ ذلك الحين. لكن ما حدث كان أحدث واقعة تثير مخاوف بين المثقفين العلمانيين من أن المتعصبين دينيا وليس جهاز الشرطة بدأوا يقلصون من الحريات التي تم اكتسابها منذ الإطاحة بالرئيس العلماني السابق زين العابدين بن علي.
وقالت الفنانة "في أيام النظام السابق إذا لم تمس بن علي أو المحيطين به فلن يحدث لك شئ... الآن تعريف الممنوعات بدأ يتسع ومن الممكن أن يشمل أي شئ لأن الفن يتعلق أساسا بالتأويل."
وتابعت "إنهم يستهدفون الناس الذين يطرحون تساؤلات.. المثقفين... أي شخص يمكنه التفكير ويجعل غيره يفكر. الصحفيون.. الطلبة.. الفنانون. قد نمثل خطرا وسندفع آخرين لرفض شئ ما أو ربما لا نتوافق مع رؤيتهم للشخصية التونسية."
وهددت نقابة الفنانين بمقاضاة الوزيرين كما أن هناك التماسا متداولا على الانترنت لدعم الفنانين التونسيين لكن هذا المجتمع من الفنانين يحرص بشدة على عدم جذب الأنظار للفنانين الذين عرضت أعمالهم في هذا المعرض بعد إدراج أسماء بعض الفنانين على الفيسبوك مما سبب قلقا بالغا.
كما أثارت تصريحات رجل دين تونسي بارز -وجهت لها انتقادات لاحقة بعد ان طالبت بقتل هؤلاء الفنانين المتجاوزين- المزيد من المخاوف من احتمال تعرضهم لأي اعتداء بدني.
ويكشف هذا النزاع انقساما أوسع نطاقا هيمن على السياسة التونسية منذ أكتوبر تشرين الأول عندما أدت أول انتخابات في دول الربيع العربي إلى تولي السلطة حكومة تتزعمها حركة النهضة الإسلامية المعتدلة والتي كانت محظورة خلال عهد النظام السابق.
وعلى أحد الجانبين يقف الكثير من التونسيين الذين يعتبرون الثورة فرصة للتعبير عن هويتهم الدينية التي كان يقمعها بن علي وزعيم الاستقلال الحبيب بورقيبة الذي قمع الإسلاميين بكل أطيافهم فسجن الآلاف أو نفاهم.
وعلى الجانب الآخر هناك النخبة التونسية المحبة للثقافة الفرنسية ومثقفوها في المدن والفنانون والأكاديميون ورجال الأعمال والذين يتمسكون بشدة بمبادئهم العلمانية ويعتبرون نهاية النظام الشمولي فرصة لتوسيع حرية التعبير.
تجلس مريم بودربالة وهي إحدى أمناء معرض (ربيع الفنون) محتضنة ركبتيها وتتنقل في حديثها بين الانجليزية والفرنسية التي تتحدثها بشكل عادي تماما نظرا لأنها تربت في فرنسا.
وفي منزلها هناك أعمال فنية أصلية معلقة على الجدران مما يكسب منزلها جوا مريحا يهيمن عليه الفن.
وقالت "بعد الثورة كان الفنانون يشعرون بالحرية. كانوا يريدون التعبير بحرية. أنتجوا أعمالا فنية قوية جدا."
وأضافت "لم يكن الفنانون يتوقعون مثل رد الفعل هذا. لهذا يشعرون بأن وضعهم هش. لجأوا للحكومة لكنها لا تدعمهم لذلك يشعرون أن ظهورهم للحائط."
وقالت بودربالة إن الفنانين يجب أن يتقربوا أكثر للمواطن العادي ويتجنبوا الاكتفاء بالنخب. واتفقت الفنانة التي رفضت ذكر اسمها على أن من الواجب إخراج الأعمال الفنية من المعارض إلى الشوارع. لكن الهوة كبيرة للغاية.
فمن الشبان الملتحين الذين يبيعون كتيبات دينية أمام مسجد الفتح في تونس العاصمة إلى محبي الموضة الذين يرتادون النوادي في المناطق الثرية يعيش التونسيون في عالمين مختلفين تماما.
وفي حين أن المحللين يقولون إن أعدادهم ليست كبيرة فإن السلفيين يريدون أن يعيشوا في دولة إسلامية تحكمها الشريعة. وهم لا يؤمنون بالديمقراطية والكثير منهم لم يشارك في الانتخابات.
وهم يريدون جعل القرآن دستورا ويرفضون المناقشات التي تجري بين العلمانيين والإسلاميين المعتدلين حول شكل الدستور الجديد الذي تجري صياغته حاليا.
والكثير من المواطنين العاديين لا يتعاطفون كثيرا مع الفنانين.
وقال منصف عصيمي الذي يدير مقهى للانترنت في حي للطبقة العاملة بتونس العاصمة والذي شهد أسوأ أعمال الشغب "يجب على العلمانيين أن يتوقفوا عن استفزاز المسلمين لأن ذلك سيكون له رد فعل حتى بين من لا يصلون."
ووعدت حركة النهضة التي وجدت نفسها محاصرة بين هاتين الرؤيتين المتضاربتين لتونس الجديدة بعدم اعتبار الشريعة مصدرا للتشريع في الدستور الجديد. لكن تصاعد العنف أثار مخاوف من احتمال أن يكون الحزب الحاكم غير قادر أو غير راغب في كبح جماح المتطرفين الذين يسعون إلى فرض قيمهم.
وتسببت هجمات على بائعي المشروبات الكحولية في سيدي بوزيد حيث بدأ الربيع العربي في اشتباكات الشهر الماضي. كما أن سلفيين أثاروا شغبا في بلدة جندوبة بشمال غرب البلاد.
واستمرت مواجهة كثيرا ما اتسمت بالعنف في جامعة منوبة بين سلفيين يطالبون بالسماح للطالبات بارتداء النقاب وبين العميد الذي يرفض الإذعان لهذه المسألة لشهور.
وقال راشد الغنوشي زعيم النهضة مرارا إن في تونس الجديدة لن يسجن أي إسلامي بسبب رأيه كما كان يحدث خلال عهد بن علي بل بناء فعله. وتشير حركة النهضة إلى موقفها الصارم من أعمال الشغب باعتبارها دليلا على أنها تفي بوعدها فيما يتعلق بمعاقبة المسؤولين عن العنف.
لكن العلمانيين يشكون في أن حركة النهضة متعاطفة مع المتطرفين على أفضل تقدير أو متواطئة معهم على أسوأ تقدير لتحويل تونس في نهاية الأمر إلى دولة إسلامية.
ولم يتغير الكثير في وضع التونسيات منذ الثورة لكن مريم زغيدي المتحدثة باسم الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تشعر بقلق على حقوق أساسية في الزواج والطلاق نالتها المرأة منذ استقلال البلاد عام 1956 .
ويطالب دعاة حقوق المرأة بضرورة أن يكفل الدستور الجديد حقوق النساء لحمايتها من أي قيود دينية.
وقالت "السلفيون هم أشخاص يتصرفون بشكل غير ديمقراطي في الشارع. إنهم أشخاص يتبنون العنف وهذا أمر مقلق لأن كل ما حدث منذ ثورة 14 يناير وحتى الانتخابات كان سلميا."
وأضافت "عليناأن نسأل... لماذا لا تتصرف الحكومة ولا تقل شيئا حيال هذا الأمر؟"
وما زال النبيذ المصنوع محليا يتدفق على المطاعم التونسية كما أن الشواطئ مليئة بالنساء اللاتي يرتدين لباس البحر ذا القطعتين في عطلة نهاية الأسبوع.
لكن أعمال الشغب أدت إلى تصدر الجدل حول القيود المفروضة على حرية التعبير الأجندة السياسية.
وتعرضت وسائل الإعلام بالفعل للتهديد. ففي وقت سابق من العام الجاري قضت محكمة على مدير قناة نسمة التلفزيونية بدفع غرامة لعرضه فيلم (برسيبوليس) للرسوم المتحركة بسبب تجسيده الذات الإلهية. كما حكم على ناشر صحيفة بدفع غرامة لنشره صورة لاعب كرة قدم تونسي الماني مع صديقته شبه العارية.
وذكر أعضاء البرلمان وأغلبهم من حزب النهضة أن من الممكن تجنب حدوث أعمال عنف في المستقبل من خلال إصدار قانون لمكافحة التجديف والذي سيثني الناس عن إنتاج أعمال استفزازية.
ويقول علمانيون إن هذا سينقل تونس إلى مرحلة خطيرة. وهم يتساءلون عمن سيحدد مثل هذه الخطوط الحمراء.
وبالنسبة لبودربالة فإن الحكومة تستغل الاضطرابات التي حدثت خلال معرض ربيع الفنون والذي كان المعرض السنوي العاشر واعتبره كثيرون الأقوى فنيا كذريعة لفرض المزيد من القيود على الحريات في تونس الجديدة.
وقالت "هذه أولى الخطوات نحو الدكتاتورية. إنهم يخشون الفنانين لأنهم لا يمكن السيطرة عليهم. فرض قوانين بها خطوط حمراء على أساس دينية يعني السيطرة."
ومضت تقول "الكثير من الناس سيراقبون انفسهم ذاتيا. يخافون لأنها ستصبح مسألة حياة أو موت لكن... الفنانين يتكيفون مع أي وضع... الفنانون أصحاب رؤى. إنهم يجدون وسيلة دائما."
(إعداد دينا عفيفي للنشرة العربية - تحرير أميرة فهمي)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.