رئيس الوزراء: الإنتوساي ترصد القصور وتقيم الأداء العام سعيا لتصحيح مساره    وزير الشئون النيابية: الرئيس السيسي أولى ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى    تحصين 45 ألف رأس ماشية ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع بالمنيا    ميناء العريش يستعد لاستقبال السفينة الإماراتية العاشرة للمساعدات الإنسانية الموجهة إلى غزة    إعصار ميليسا يصل الساحل الجنوبي لشرقى كوبا كعاصفة من الفئة الثالثة    عشرات شاحنات المساعدات تغادر معبر رفح البري متجهة إلى قطاع غزة    موعد مباراة أرسنال وبرايتون في كأس كاراباو والقنوات الناقلة    بعد غياب طويل.. عودة إمام عاشور لتدريبات الأهلي (صورة)    الداخلية تنقذ 11 طفلا جديدا من التسول بالقليوبية.. وضبط 19 شخصا    الأرصاد الجوية: طقس خريفي معتدل نهارًا ومائل للبرودة ليلًا على أغلب الأنحاء    تابوت فرعوني وسبائك ذهبية تزين دعوات افتتاح المتحف المصري الكبير    شمس البارودي تنشر السيرة الذاتية لزوجها حسن يوسف في ذكرى وفاته    التعامل مع الطفل العنيد أثناء المذاكرة: بين الصبر والذكاء التربوي    كيف تساعد ساعتك البيولوجية على التأقلم مع التوقيت الشتوي؟    نجاح المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي، السيسي: مصر ستظل دوما أرض السلام والتسامح    الأمين العام للإنتوساي تشيد بدور مصر في تعزيز التعاون الدولي ومواجهة الأزمات    تحصين 421 ألف رأس ماشية ضد الحُمّى القلاعية و الوادى المتصدع فى 3 أيام    مشاركة شبابية بزى فرعونى فى شوارع العاصمة احتفاء بافتتاح المتحف الكبير    يد - موعد مواجهة مصر وإسبانيا في نصف نهائي بطولة العالم للناشئين.. والقناة الناقلة    رعم الفوز على النصر.. مدرب اتحاد جدة: الحكم لم يوفق في إدارة اللقاء    مرتجي: ضحيت بمنصب نائب الرئيس من أجل الأهلي    اسعار اللحوم اليوم الأربعاء 29اكتوبر 2025 بمحلات الجزارة فى المنيا    وزير التعليم العالي يشارك في مؤتمر Going Global بلندن ويجتمع مع الطلاب المصريين الدارسين بالمملكة المتحدة    ننشر مواعيد تشغيل مترو الأنفاق والقطار الكهربائي في التوقيت الشتوي    «الداخلية» تضبط 19 شخصًا بتهمة استغلال أطفال في التسول وبيع السلع بالقليوبية    إصابة 5 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بالفيوم    شاب مدمن للمخدرات يعتدى على والدته بسكين لرفضها منحه أموالا فى الفيوم    عودة الساعة القديمة بدءًا من غد.. التوقيت الشتوي رسميًا وتأخير العقارب 60 دقيقة    أحمد زويل فى مجسم فنى على الطريق المؤدى للمتحف المصرى الكبير    وزير الثقافة يفتتح قصر ثقافة الطفل بسوهاج بعد تطويره.. مباشر    مواقيت الصلاة بمطروح اليوم الأربعاء 29 أكتوبر    نقيب القراء يرصد خطأين في التلاوة للقارئ أحمد نعينع شيخ عموم المقارئ    تراجع أرباح مرسيدس بنحو الثلث في الربع الثالث من 2025    الخارجية تشكر الرئيس السيسى على ضم شهدائها للمستفيدين من صندوق تكريم الشهداء    وكيل الصحة بالإسكندرية يجري جولة تفقدية لمستشفى الجمهورية العام    طريقة عمل طاجن البطاطا بالمكسرات.. تحلية سريعة في 20 دقيقة    بالدموع والإيمان.. ربى حبشي تعلن عودة مرض السرطان على الهواء مباشرة    أمام قمة أبيك.. رئيس كوريا الجنوبية يحذر من تصاعد الإجراءات الحمائية    قصائد تتغنى بالشارقة والذات في بيت الشعر بالشارقة    بلد السلام    ناجي حكما لمباراة الزمالك والبنك في الدوري    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    عاجل- 40 رئيسًا وملكًا ورئيس حكومة يشاركون في افتتاح المتحف المصري الكبير    الناخبون فى هولندا يدلون بأصواتهم بانتخابات برلمانية مبكرة    سوزي الأردنية تواجه أول حكم من المحكمة الاقتصادية    اليوم.. الأهلى يتحدى بتروجت من أجل "صدارة" الدوري    حقيقة وجود تذاكر لحضور حفل افتتاح المتحف المصري الكبير    18 قتيلا فى غرق مركب مهاجرين قبالة ليبيا    د.حماد عبدالله يكتب: ومن الحب ما قتل !!    الدفاعات الجوية الروسية تدمر 4 مسيرات أوكرانية كانت متجهة نحو موسكو    جواهر تعود بحلم جديد.. تعاون فني لافت مع إيهاب عبد اللطيف في "فارس أحلامي" يكشف ملامح مرحلة مختلفة    دعاء الفجر | اللهم اجعل لي نصيبًا من الخير واصرف عني كل شر    أحمد عيد عبدالملك: الزمالك تأثر برحيل مصطفى شلبي    «زي النهارده».. حل جماعة الإخوان المسلمين 29 أكتوبر 1954    في الشغل محبوبين ودمهم خفيف.. 3 أبراج عندهم ذكاء اجتماعي    رسميًا.. موعد امتحان 4474 وظيفة معلم مساعد رياض أطفال بالأزهر الشريف (الرابط المباشر)    تدريب طلاب إعلام المنصورة داخل مبنى ماسبيرو لمدة شهر كامل    أذكار المساء: أدعية تمحو الذنوب وتغفر لك (اغتنمها الآن)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق-أعمال شغب بسبب معرض فني تظهر الانقسامات في تونس الجديدة
نشر في مصراوي يوم 02 - 07 - 2012

تونس (رويترز) - وافقت الفنانة على إجراء مقابلة معها لكنها طلبت عدم نشر اسمها. التقطت عملا فنيا من اعمالها خربه متعصبون إسلاميون في معرض فني نظم مؤخرا بضاحية في تونس وقالت "لا تصفيه وإلا فإن الناس سيتعرفون علي."
أصبح الفنانون التونسيون يتجنبون لفت الأنظار إليهم منذ ان اقتحم سلفيون قصر العبدلية في العاشر من يونيو حزيران ودمروا عددا من الأعمال في معرض (ربيع الفنون) احتجاجا على الأعمال الفنية التي اعتبروها مسيئة للإسلام ثم أثاروا شغبا لأيام.
ومن أكثر الأعمال المعروضة إثارة للجدل نساء محجبات على شكل أجولة للتدريب على اللكم. وهناك عمل آخر يصور نساء يرتدين الخمار وسط كومة من الحجارة في إشارة إلى حد الرجم لمن يرتكبن الزنا. أما العمل الذي أثار أكبر قدر من الغضب هو كتابة عبارة "سبحان الله" بالنمل.
وفي حين أن وزير الثقافة ووزير الشؤون الدينية التونسيين أدانا العنف الذي أسفر عن مقتل شخص فإنهما انتقدا أيضا الفنانين لتجاوزهم خطوط حرية التعبير.
وهدأت الأجواء منذ ذلك الحين. لكن ما حدث كان أحدث واقعة تثير مخاوف بين المثقفين العلمانيين من أن المتعصبين دينيا وليس جهاز الشرطة بدأوا يقلصون من الحريات التي تم اكتسابها منذ الإطاحة بالرئيس العلماني السابق زين العابدين بن علي.
وقالت الفنانة "في أيام النظام السابق إذا لم تمس بن علي أو المحيطين به فلن يحدث لك شئ... الآن تعريف الممنوعات بدأ يتسع ومن الممكن أن يشمل أي شئ لأن الفن يتعلق أساسا بالتأويل."
وتابعت "إنهم يستهدفون الناس الذين يطرحون تساؤلات.. المثقفين... أي شخص يمكنه التفكير ويجعل غيره يفكر. الصحفيون.. الطلبة.. الفنانون. قد نمثل خطرا وسندفع آخرين لرفض شئ ما أو ربما لا نتوافق مع رؤيتهم للشخصية التونسية."
وهددت نقابة الفنانين بمقاضاة الوزيرين كما أن هناك التماسا متداولا على الانترنت لدعم الفنانين التونسيين لكن هذا المجتمع من الفنانين يحرص بشدة على عدم جذب الأنظار للفنانين الذين عرضت أعمالهم في هذا المعرض بعد إدراج أسماء بعض الفنانين على الفيسبوك مما سبب قلقا بالغا.
كما أثارت تصريحات رجل دين تونسي بارز -وجهت لها انتقادات لاحقة بعد ان طالبت بقتل هؤلاء الفنانين المتجاوزين- المزيد من المخاوف من احتمال تعرضهم لأي اعتداء بدني.
ويكشف هذا النزاع انقساما أوسع نطاقا هيمن على السياسة التونسية منذ أكتوبر تشرين الأول عندما أدت أول انتخابات في دول الربيع العربي إلى تولي السلطة حكومة تتزعمها حركة النهضة الإسلامية المعتدلة والتي كانت محظورة خلال عهد النظام السابق.
وعلى أحد الجانبين يقف الكثير من التونسيين الذين يعتبرون الثورة فرصة للتعبير عن هويتهم الدينية التي كان يقمعها بن علي وزعيم الاستقلال الحبيب بورقيبة الذي قمع الإسلاميين بكل أطيافهم فسجن الآلاف أو نفاهم.
وعلى الجانب الآخر هناك النخبة التونسية المحبة للثقافة الفرنسية ومثقفوها في المدن والفنانون والأكاديميون ورجال الأعمال والذين يتمسكون بشدة بمبادئهم العلمانية ويعتبرون نهاية النظام الشمولي فرصة لتوسيع حرية التعبير.
تجلس مريم بودربالة وهي إحدى أمناء معرض (ربيع الفنون) محتضنة ركبتيها وتتنقل في حديثها بين الانجليزية والفرنسية التي تتحدثها بشكل عادي تماما نظرا لأنها تربت في فرنسا.
وفي منزلها هناك أعمال فنية أصلية معلقة على الجدران مما يكسب منزلها جوا مريحا يهيمن عليه الفن.
وقالت "بعد الثورة كان الفنانون يشعرون بالحرية. كانوا يريدون التعبير بحرية. أنتجوا أعمالا فنية قوية جدا."
وأضافت "لم يكن الفنانون يتوقعون مثل رد الفعل هذا. لهذا يشعرون بأن وضعهم هش. لجأوا للحكومة لكنها لا تدعمهم لذلك يشعرون أن ظهورهم للحائط."
وقالت بودربالة إن الفنانين يجب أن يتقربوا أكثر للمواطن العادي ويتجنبوا الاكتفاء بالنخب. واتفقت الفنانة التي رفضت ذكر اسمها على أن من الواجب إخراج الأعمال الفنية من المعارض إلى الشوارع. لكن الهوة كبيرة للغاية.
فمن الشبان الملتحين الذين يبيعون كتيبات دينية أمام مسجد الفتح في تونس العاصمة إلى محبي الموضة الذين يرتادون النوادي في المناطق الثرية يعيش التونسيون في عالمين مختلفين تماما.
وفي حين أن المحللين يقولون إن أعدادهم ليست كبيرة فإن السلفيين يريدون أن يعيشوا في دولة إسلامية تحكمها الشريعة. وهم لا يؤمنون بالديمقراطية والكثير منهم لم يشارك في الانتخابات.
وهم يريدون جعل القرآن دستورا ويرفضون المناقشات التي تجري بين العلمانيين والإسلاميين المعتدلين حول شكل الدستور الجديد الذي تجري صياغته حاليا.
والكثير من المواطنين العاديين لا يتعاطفون كثيرا مع الفنانين.
وقال منصف عصيمي الذي يدير مقهى للانترنت في حي للطبقة العاملة بتونس العاصمة والذي شهد أسوأ أعمال الشغب "يجب على العلمانيين أن يتوقفوا عن استفزاز المسلمين لأن ذلك سيكون له رد فعل حتى بين من لا يصلون."
ووعدت حركة النهضة التي وجدت نفسها محاصرة بين هاتين الرؤيتين المتضاربتين لتونس الجديدة بعدم اعتبار الشريعة مصدرا للتشريع في الدستور الجديد. لكن تصاعد العنف أثار مخاوف من احتمال أن يكون الحزب الحاكم غير قادر أو غير راغب في كبح جماح المتطرفين الذين يسعون إلى فرض قيمهم.
وتسببت هجمات على بائعي المشروبات الكحولية في سيدي بوزيد حيث بدأ الربيع العربي في اشتباكات الشهر الماضي. كما أن سلفيين أثاروا شغبا في بلدة جندوبة بشمال غرب البلاد.
واستمرت مواجهة كثيرا ما اتسمت بالعنف في جامعة منوبة بين سلفيين يطالبون بالسماح للطالبات بارتداء النقاب وبين العميد الذي يرفض الإذعان لهذه المسألة لشهور.
وقال راشد الغنوشي زعيم النهضة مرارا إن في تونس الجديدة لن يسجن أي إسلامي بسبب رأيه كما كان يحدث خلال عهد بن علي بل بناء فعله. وتشير حركة النهضة إلى موقفها الصارم من أعمال الشغب باعتبارها دليلا على أنها تفي بوعدها فيما يتعلق بمعاقبة المسؤولين عن العنف.
لكن العلمانيين يشكون في أن حركة النهضة متعاطفة مع المتطرفين على أفضل تقدير أو متواطئة معهم على أسوأ تقدير لتحويل تونس في نهاية الأمر إلى دولة إسلامية.
ولم يتغير الكثير في وضع التونسيات منذ الثورة لكن مريم زغيدي المتحدثة باسم الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تشعر بقلق على حقوق أساسية في الزواج والطلاق نالتها المرأة منذ استقلال البلاد عام 1956 .
ويطالب دعاة حقوق المرأة بضرورة أن يكفل الدستور الجديد حقوق النساء لحمايتها من أي قيود دينية.
وقالت "السلفيون هم أشخاص يتصرفون بشكل غير ديمقراطي في الشارع. إنهم أشخاص يتبنون العنف وهذا أمر مقلق لأن كل ما حدث منذ ثورة 14 يناير وحتى الانتخابات كان سلميا."
وأضافت "عليناأن نسأل... لماذا لا تتصرف الحكومة ولا تقل شيئا حيال هذا الأمر؟"
وما زال النبيذ المصنوع محليا يتدفق على المطاعم التونسية كما أن الشواطئ مليئة بالنساء اللاتي يرتدين لباس البحر ذا القطعتين في عطلة نهاية الأسبوع.
لكن أعمال الشغب أدت إلى تصدر الجدل حول القيود المفروضة على حرية التعبير الأجندة السياسية.
وتعرضت وسائل الإعلام بالفعل للتهديد. ففي وقت سابق من العام الجاري قضت محكمة على مدير قناة نسمة التلفزيونية بدفع غرامة لعرضه فيلم (برسيبوليس) للرسوم المتحركة بسبب تجسيده الذات الإلهية. كما حكم على ناشر صحيفة بدفع غرامة لنشره صورة لاعب كرة قدم تونسي الماني مع صديقته شبه العارية.
وذكر أعضاء البرلمان وأغلبهم من حزب النهضة أن من الممكن تجنب حدوث أعمال عنف في المستقبل من خلال إصدار قانون لمكافحة التجديف والذي سيثني الناس عن إنتاج أعمال استفزازية.
ويقول علمانيون إن هذا سينقل تونس إلى مرحلة خطيرة. وهم يتساءلون عمن سيحدد مثل هذه الخطوط الحمراء.
وبالنسبة لبودربالة فإن الحكومة تستغل الاضطرابات التي حدثت خلال معرض ربيع الفنون والذي كان المعرض السنوي العاشر واعتبره كثيرون الأقوى فنيا كذريعة لفرض المزيد من القيود على الحريات في تونس الجديدة.
وقالت "هذه أولى الخطوات نحو الدكتاتورية. إنهم يخشون الفنانين لأنهم لا يمكن السيطرة عليهم. فرض قوانين بها خطوط حمراء على أساس دينية يعني السيطرة."
ومضت تقول "الكثير من الناس سيراقبون انفسهم ذاتيا. يخافون لأنها ستصبح مسألة حياة أو موت لكن... الفنانين يتكيفون مع أي وضع... الفنانون أصحاب رؤى. إنهم يجدون وسيلة دائما."
(إعداد دينا عفيفي للنشرة العربية - تحرير أميرة فهمي)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.