برزت مؤخرا في اوروبا فكرة قيام هيئة رقابة مصرفية مع التوجه الى اسناد هذا الدور الى البنك المركزي الاوروبي على حساب السلطة المصرفية الاوروبية المؤهلة لتولي هذه المسؤولية. ووعد رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو الاربعاء بتقديم اقتراحات "في الخريف" بشان قيام اتحاد مصرفي، وذلك غداة دعوته الى تحقيق هذا الاتحاد اعتبارا من 2013. والمح رئيس البنك المركزي الاوروبي ماريو دراغي الجمعة الى انه قد يتم طرح اقتراحات بهذا الصدد في القمة الاوروبية المقررة في 28 و29 حزيران/يونيو، بعدما كان افاد انه على اتصال مع باروزو ورئيس الاتحاد الاوروبي هيرمان فان رومبوي ورئيس مجموعة يوروغروب جان كلود يونكر "لبحث عناصر تتيح رسم رؤية على المدى الابعد" للاتحاد النقدي. وازاء الازمة التي تشهدها مصارف المنطقة، كان البنك المركزي الاوروبي من الجهات التي بادرت الى المطالبة بقيام اتحاد مصرفي استكمالا للاتحاد النقدي. وهذا الاتحاد سيفوض سلطة الرقابة وسيمنح صندوقا لتسوية الازمات واعادة الرسملة، وكذلك نظام ضمان للودائع لتفادي هروب الرساميل من بعض المصارف او بعض الدول. وتصطدم النقطتان الاخيرتان بمعارضة صريحة من برلين، المساهم الاول في خطط المساعدة الاوروبية لكونها الاقتصاد الاول في المنطقة. وترى المانيا انه من المبكر قيام اتحاد مصرفي طالما ليس هناك اتحاد مالي يتيح مراقبة الماليات العامة في مختلف الدول. ونقض نائب رئيس البنك المركزي الاوروبي فيتور كونستانسيو وجهة النظر هذه خلال الاسبوع معتبرا ان الاتحاد المالي لا يشكل شرطا مسبقا للاتحاد المصرفي. لكنه سعى لطمأنة برلين، موضحا ان المصارف هي التي ستلعب الدور الاكبر في تمويل صناديق الاتحاد المصرفي، وليس الماليات العامة. واعرب بوضوح عن رغبة البنك المركزي الاوروبي في تولي مهام الرقابة المصرفية. وهو اقتراح يثير ارتياح المستشارة الالمانية انغيلا ميركل التي تدعو الى تعزيز دور البنك المركزي في مراقبة المصارف. وقالت "اننا بحاجة الى سلطة رقابة اكثر استقلالية" في انتقاد مبطن للسلطة المصرفية الاوروبية المتهمة بالتساهل حيال هيئات الضبط الوطنية وباساءة تقدير مشكلات المصارف الاسبانية. وتجد السلطة المصرفية الاوروبية التي انشئت في تشرين الثاني/نوفمبر 2011 لتشديد اطار الرقابة على النظام المالي، صعوبة في اثبات جديتها في العمل بعد اختبارات الجهد التي خضعت لها المصارف الاوروبية واعتبرها العديدون متساهلة اكثر مما ينبغي. وتعاني السلطة براي خبراء الاقتصاد من نقص حاد في الوسائل البشرية، وما لا يساعدها في ترسيخ مكانتها موقع مقرها في لندن على مقربة من حي المال والاعمال، بعيدا عن بروكسل وفرانكفورت حيث مقر البنك المركزي الاوروبي. وراى سيلفان برواييه الخبير الاقتصادي لدى ناتيكسيس ان "قيام رقابة قريبة من البنك المركزي فكرة جيدة، لان المصرف المركزي مؤهل اكثر من سواه لفهم ما يجري على الارض". واضاف انه "في ما يتعلق بمعرفة المهنة المصرفية والوصول الى المعلومات، فان المصرف المركزي هو المحاور المناسب". ولفت الى ان "البنك المركزي الاوروبي هو اساسا السلطة المكلفة الاشراف على الاستقرار المالي بشكل مباشر الى حد ما، وتكليفها الرقابة المصرفية سيكون استكمالا لصلاحياتها الحالية". وراى هولغر شميدينغ من مصرف بيرينبرغ ان "اعطاء الدور الرئيسي للبنك المركزي الاوروبي سيسهل الحصول على موافقة المانيا والبنك المركزي الالماني على آلية على مراحل تقود الى اتحاد مصرفي". واضاف شميدينغ ان ذلك سيشجع ايضا البنك المركزي الاوروبي الذي يبذل اقصى جهوده لمساعدة المصارف ولا سيما من خلال منحها منذ بدء الازمة قروضا غير محدودة بسقف وبنسب فوائد متدنية جدا، على الاستمرار في هذا النهج. وفي حال تولى البنك المركزي الاوروبي الرقابة المصرفية، عندها "ستفقد السلطة المصرفية الاوروبية مبرر وجودها" بحسب ما نقلت صحيفة هاندلسبلات الالمانية عن مصادر دبلوماسية الجمعة. وما يعزز هذا الاحتمال انه من المستبعد توسيع صلاحيات السلطة المصرفية الاوروبية التي تراقب مصارف الاتحاد الاوروبي، بسبب ما قد يثيره الامر من تضارب في المصالح مع الدول العشر غير الاعضاء في منطقة اليورو، وعلى الاخص بريطانيا التي تتمنع عن اخضاع قطاعها المالي للمراقبة المشددة.