القاهرة - الرهان على دخول الصيف وعودة المصريين من الخارج لتمضية إجازاتهم السنوية بأرض الوطن لن يعيد لسوق الأسمنت توازنها واستقرار أسعارها التى شهدت خلال الشهر الأخير وحده زيادات قدرت ب100 جنيه للطن . فسوق البناء تعانى حالة من الركود وعمليات البناء شبه متوقفة وعدم استقرار الأوضاع السياسية والأمنية يحول دون الدفع باستثمارات جديدة قد تعيد الحياة إلى حركة العمران ورغم وجود فائض من الأسمنت فإن أسعاره تشهد قفزات . ووفقا لبيانات الشركات فإن أسعار الأسمنت تباع للمستهلك ب550 جنيها للطن وتصل إلى 600 جنيه فى بعض المحافظات فيما يباع الأسمنت التركى المصدر لدول مجاورة رغم فارق التكلفة لصالح مصر ب50 دولارا للطن وهو ما يقترب من نصف أسعار بيع الأسمنت المحلى. ومسئولية زيادة الأسعار تتحملها الشركات المنتجة التى اتفقت على تلك الزيادات فيما بينها وهو ما يشير إلى وجود شبهة احتكار فى سوق الأسمنت بحسب أحمد الزينى رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية وأضاف الزينى أن الشركات المنتجة لم تراع حالة السوق المحلية من اضطرابات فى الأوضاع متمسكة بأعلى معدلات للأرباح رافعين حجة زيادة أسعار الطاقة التى لم تطبق بعد والتى لا تمثل زيادة فى سعر تكلفة الطن أكثر من 30 جنيها فسعر لتر السولار المصدر الأساسى للطاقة فى صناعة الأسمنت لا يزيد على 24 جنيها فقط مشيرا إلى أن المصانع رفعت الأسعار منذ شهر ديسمبر الماضى بنحو 150 جنيها للطن . ويتوقع الزينى حدوث ارتفاعات جديدة فى أسعار الأسمنت الذى يصل للمستهلك حاليا ب565 جنيها نتيجة تعمد تعطيش السوق بلجوء شركات مثل بنى سويف والسويس وحلوان إلى التصدير بسعر متدن أقل من سعر البيع بالداخل مؤكدا أن الفترة المقبلة ستشهد المزيد من الركود فى سوق البناء بسبب موسم الحصاد وقدوم شهر رمضان ومنع التعدى بالبناء على الأراضى الزراعية. ويرى الزينى أن السعر العادل لتكلفة الطن يتراوح ما بين 200 300 جنيه بحسب حداثة المصنع والإنتاج بدليل أن مصانع الأسمنت التابعة للقوات المسلحة تبيع الطن ب395 جنيها على أرض المصنع وقال إن الشركات تتلاعب بأسعار البيع من فترة لأخرى من خلال إرسال رسائل المحمول إلى وكلائها بالبيع بالأسعار التى تقررها على فترات متباعدة والتى تختلف عن الأسعار المدونة على الشكائر للبيع للمستهلك محقققة أرباحا خيالية ولافتا إلى أسمنت السويس حققت أرباحا 621 مليون جنيه خلال ستة أشهر فقط وحتى 31 / 12 / 2011 رغم ظروف السوق. وشدد الزينى على ضرورة إعلان الشركات الأسعار بشفافية للمستهلك النهائى وأن تكون أسعار البيع فى السوق المحلية تطابق المكتوب على الشكائر المعبأة والمتداولة فى الأسواق، لافتا إلى غياب دور الرقابة الممثلة فى قطاع التجارة الداخلية وجهاز المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية للسيطرة على سوق الأسمنت. مشيرا إلى تقدم الغرفة بعدة مذكرات إلى وزير الصناعة والتجارة وجهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار وذلك منذ شهور نطلب التحقيق فى واقعة الاحتكار لكن الجهاز لم يفعل شيئا حتى الآن. والمنتجون مصرّون على زيادة أسعار تكلفة الإنتاج كمبرر لزيادة الأسعار يقول سيد عبدالعزيز، منتج أسمنت، إن سعر المازوت ارتفع إلى 60 جنيها للطن ويشير إلى أن استهلاك رأس المال يرفع التكلفة حيث تصل استثمارات إقامة أى مصنع إلى مليار و800 مليون جنيه. ويضيف سعر تسليم المصنع 490 جنيها للطن يصل للمستهلك ب530 جنيها بينما يصل سعر تصدير الطن إلى 450 جنيها مبررا ارتفاع السعر المحلى عن سعر التصدير يأتى كمحاولة للتنافس مع المنتج التركى فى الأسواق الخارجية المجاورة والتى يصل فيها سعر الأسمنت التركى إلى 50 دولارا، ويرى عبدالعزيز أن الطلب سوف يزيد مع بداية فصل الصيف لكن ليس بالمعدلات المعتادة. ولا توجد أزمة فى الأسمنت وإنتاج مصر البالغ 60 مليون طن سنويا يكفى رغم قيام بعض الشركات بالتصدير إلى ليبيا والأسواق المجاورة تبعا للمهندس نبيل الجابرى رئيس شركة النهضة، إحدى الشركات المملوكة للدولة فى محافظة قنا، مشيرا إلى أن نسبة الصادرات لا تزيد على 7 % من حجم الإنتاج الكلى مشيرا إلى وجود بيان شهرى صادر عن قطاع الأعمال العام يوضح حجم المنتج والمصدر من الأسمنت شهريا وينفى الجابرى بيع مصانع الأسمنت التى ما زالت فى حوزة الدولة كمصنع النهضة بنفس أسعار الشركات الخاصة والأجنبية. مشيرا إلى أن سعر البيع على أرض المصنع 440 جنيها رغم حداثة المصنع الذى بدأ انتاجه فى يناير الماضى ورغم زيادة الأعباء المالية المتمثلة فى سداد 83 مليون جنيه قيمة للرخصة وشراء الأرض التى أقيم عليها المصنع الذى وصلت تكلفته الاستثمارية إلى مليار و900 مليون جنيه منها مليار، و300 مليون قروض من البنوك وقال إن التكلفة الاستثمارية لأى مصنع تسترد بعد 10 سنوات. وقال الجابرى إن إنتاج المصانع العامة لايمثل سوى 10% من حجم إنتاج الأسمنت فى السوق وهو ما يجعل قدرتها عل توازن السوق محدودة وأضاف زيادة أسعار الطاقة المخصصة للمصانع تمثل من 30 40% من سعر التكلفة. ويجب أن يقتصر طرح رخص الأسمنت على المصريين فقط كفانا احتكار الأجانب لهذه السلعة المهمة يقول عبدالعزيز قاسم سكرتير شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة مستنكرا على حكومة لم يتبق لها سوى شهرين فى السلطة تطرح رخصا جديدة مضيفا لو هناك ضرورة لضخ استثمارات يجب أن تكون حصة المصرى هى الأكبر فالشركات الكبرى تحاول إقصاء التجار والوكلاء واحتكار الأرباح وهو ما يجعلها تفرض الأسعار التى تريدها وتتحكم فى السوق وللأسف المستهلك هو الضحية. ويؤكد قاسم على أن عودة نشاط السوق سوف يتوقف على خطة الحكومة فى التوسع فى بناء مدن جديدة ومصانع للأسمنت بسيناء والمنطقة الغربية تجذب السكان إليها.