حول ثلاثة عشر ممثلا فلسطينيا ساحة قصر الخليفة الاموي هشام بن عبد الملك في مدينة اريحا الى خشبة مسرح عرضوا عليها مسرحية (الملك ريتشارد الثاني) للمخرج الايرلندي كونال موريسون. ولا تزال هنك بعض المعالم الواضحة من هذا القصر الذي شيد على بعد خمسة كيلومترات من مركز مدينة اريحا والتي جعلت المخرج يستغني عن اي ديكور للمسرح الذي كانت ارضيته من التراب ومثلت بعض الجدارن الباقية منه رمزا للقلعة التي تدور فيها احداث المسرحية. وجاء في كتيب وزع قبل العرض ليل الاربعاء "ريتشارد الثاني احدى مسرحيات شكسبير التي تدور احداثها حول السلطة والسياسة وتملؤها الدسائس والخيانات كتبها شكسبير عام 1595 وتدور احداثها حول سقوط عائلة مالكة بريطانية وظهور عائلة مالكة جديدة بمساعدة لوردات البلاط... حكاية مثيرة تظهر لنا ما معنى ان يكون المرء ملكا وكيف تفسد القوة المطلقة صاحبها في نهاية الامر." تبدأ المسرحية التي تمتد الى ما يقرب من الساعتين واعتمد فيها المخرج على الدمج بين الحداثة من خلال ملابس الممثلين والتاريخ المنبعث من عبق المكان بمشهد قصير يظهر فيه اثنان من الحراس الملثمين ويقتلان الملك جلوستر عم ريتشارد لتنطلق حكاية استيلاء ريتشارد الثاني على مقاليد الحكم الذي ينقلب عليه لاحقا ابن عمه هنري ويسجنه حيث يقتل هناك. وقالت الممثلة ايمان عون التي شاركت في المسرحية بدور زوجة الملك جلوستر وزوجة البستاني فيما بعد ولعبت دورا رئيسيا في تجميع طاقم العمل المسرحي الذي ضم ثلاثة اجيال من الممثلين الفلسطينيين لرويترز بعد العرض "يأتي هذا العمل المسرحي للمشاركة في اولمبياد شكسبير في شهر مايو ايار القادم الى جانب 36 دولة تشارك في هذا الاولمبياد." واضافت "كان حلم المشاركين في العمل ان يكون حفل الافتتاح في موقع قصر هشام في مدينة اريحا والذي بدا في اول الامر كأنه حلم مجنون حيث ان المكان غير مجهز لتقديم عرض مسرحي به في هذه الضخامة ولكن لان طموحنا كبير قررنا بعد ان سمحت لنا دائرة الاثار العامة ان نقدم العرض فيه." ومضت قائلة "الرغبة الملحة للعرض في موقع قصر هشام كانت نظرا لسحر المكان ولارتباطه بطبيعة العمل." وأضافت ان التحضيرات للعمل بدأت منذ نوفمبر تشرين الثاني الماضي وبدأ العمل الفعلي على التدريب قبل ستة اسابيع وتم عمل بروفة واحدة في المكان قبل عرض الافتتاح. المسرحية ترجم نصها الاصلي الى العربية المصري محمد عناني وحررها الى المسرح بلغة عربية فصحى مع المحافظة على روح الشعر فيها الشاعر الفلسطيني غسان زقطان. وكتب زقطان في تقديمه للمسرحية "العلاقة مع شكسبير ضمن فريق مسرحي تختلف تماما عن قراءته او مشاهدته على الخشبة كذلك الاصغاء الى مخرج متخصص وسخي في تقديم معرفته مثل كونال.. هنا يتفكك النص وتظهر الصورة الشخصية للمسرحي العظيم عبر تتبع المفردات ونموها داخل العمل." وقال الممثل الفلسطيني سامي متواسي المقيم في الاردن الذي ادى دور الملك ريتشارد الثاني "اتيت من الاردن للمشاركة في هذا العمل. ومثل هذا العمل تحديا لانه من الاعمال القليلة التي تقدم في الوطن العربي عملا مترجما لوليام شكسبير وفي نفس الوقت سنعرضه في الدول الام لاعمال شكسبير بلون جديد بنص عربي وحداثة في اللباس." واضاف "كل عمل مسرحي يوجد فيه رسالة سياسية قوية... والاحداث السياسية تتشابه عند الشعوب. وكما ان هذه المسرحية تشبة اشياء كثيرة في الغرب صادفت ان تشابه اشياء كثيرة تحدث الان معنا وهي مراة لواقعنا." وشكل العمل في الموقع الاثري تحديا للمخرج والممثلين من حيث الصوت وطبيعة جلوس الجمهور التي كانت من جهات ثلاث بشكل دائري. وقال متواسي "نحن لبسنا روح المكان.. حجارته وتاريخه وقصته. وشكل العرض في الهواء الطلق تحديا اضافة الى انه في كل زاوية تنظر اليها يكون الجمهور امامك." ويرى المخرج موريسون ان المسرحية "شكلت رحلة اكتشاف للجميع حول ما كتبه شكسبير والترجمة الى العربية باللغة الفصحى جعلته غنيا مع انني لا افهم العربية ولكن يمكنك مشاهدة الطاقة لدى الممثلين عند الحديث بها." وقال موريسون لرويترز بعد العرض "العرض في الهواء الطلق يشكل تحديا وخصوصا فيما يتعلق بالصوت الذي يذهب في كل مكان ولكن المكان خدم القصة بشكل كبير لان كل شيء في العرض -المكان والتاريخ والارض- كله كان على المنصة وجعل الممثلين يتحدون مع المكان خلال العرض بشكل دراماتيكي." واضاف "نحن عملنا على تقديم المسرحية كمسرحية ولكننا سعداء ان يجري ربطها بما يجري اليوم من احداث في العالم. ومع ان المسرحية كتبت قبل 400 سنة لكن سلوك الملوك والامراء السياسيين لا يتغير." وبدا الجمهور مستمتعا بالعرض وقال الفنان التشكيلي خالد الحوراني الذي حضر من مدينة رام الله لمشاهدة المسرحية "انا سعيد جدا ان اتيحت لي الفرصة لمشاهدة عمل جميل جدا في موقع ساحر." واضاف "المسرحية معبرة وتذكرنا بكثير من الاشياء التي يمكن ان تكون جرت في هذا القصر." ومن المقرر ان تعرض المسرحية اليوم الخميس ويوم السبت في ساحة قصر هشام بن عبد الملك قبل عرضها على مسرح جلوب في لندن وعرضين اخرين في اوكسفورد في مايو ايار القادم. من علي صوافطة (تغطية صحفية للنشرة العربية علي صوافطة من مكتب رام الله- تحرير أمل أبو السعود)