القاهرة - أعترف بأنني لم أتوقع هذا العرض الثري والمتكامل لأوضاعنا الإقتصادية كما لم أتوقع الإجابات الصريحة والصادقة من أحد قيادات المجلس الأعلي للقوات المسلحة وهو اللواء محمود نصر مساعد وزير الدفاع للشئون المالية والذي وضع الكثير من النقاط فوق الحروف بما يكمل دلالات الصورة ويضعنا جميعا علي مستوي المسئولية كإعلام وكشعب وكمؤسسات. البداية صيحة تحذير أن معدلات النمو لن تزيد العام المالي الجاري والقادم عن 2% لن تفي بمتطلبات التوظيف ومن ثم علينا توقع تفاقم أكبر في معدلات البطالة. الأمر الثاني ضرورة السرعة في تصويب أوضاعنا الأقتصادية قبل أول يوليو المقبل وإنتخاب رئيس جديد للجمهوية لضمان الإنتقال الهادئ بالمجتمع وبما يقلل من تفاقم معدلات الفقر التي تهدد بثورة جياع. والنقطة الثالثة دعوة لرجال الأعمال المصريين الشرفاء للإستثمار في مصر. والنقطة الرابعة أن مجهود الحكومة ينصرف لمهمتين رئيسيتين وهما إستعادة الأمن وإستمرار تدفق المخزون الإستراتيجي من السلع والخدمات. النقطة الخامسة ضرورة التخطيط للفترة الإنتقالية بإعادة هيكلة جميع العناصر الدافعة والداعمة لعملية الإنتاج. بلغ إجمالي الميزانية 594 مليار جنيه للعام المالي الجاري وبنسبة نمو19% عن العام المالي الماضي. وإرتفع إجمالي حجم الأجور من95 مليار إلي117 مليار والدعم من 129 مليار إلي 157 مليارجنيه. بلغ إجمالي العجز في الميزانية157 مليار جنيه مقابل1.6 ترليون جنيه ناتجا محليا إجماليا. تم خقض العجز بنحو40 مليار جنيه ثم13.4 مليار جنيه أخري سيصدر بتخفيضها قانون قريبا ليصل إجمالي عجز الموازنة144 مليار جنيه ولترتفع نسبته من8.6% إلي9.4% من الناتج المحلي الإجمالي. بلغ إجمالي الدعم السلعي بما فيه دعم رغيف الخبز إلي19 مليار جنيه ودعم المواد البترولية95.5 مليار جنيه. الإحتياطي إنخفض من36 مليار في يناير2011 إلي نحو15 مليار دولار حاليا ومهمة الإحتياطي سداد أقساط الدين الخارجي والحفاظ علي قيمة سعر صرف الجنيه من المضاربات والتقلبات العكسية وتمويل الواردات من السلع الإستراتيجية. ميزان المدفوعات سجل عجزا بلغ18.3 مليار دولار والإستثمارات الأجنبية تحولت من6.4 مليار دولار إستثمارات وافدة العام2010 إلي483 مليون دولار إستثمارات متدفقة للخارج. والسؤال.. اين ذهب الإحتياطي؟ الإجابة خرج اكثر من20 مليار دولار في صورة3.8 مليار دولار لسداد أقساط الدين الخارجي و2.1 مليار دولار سندات و10.5 مليار دولار استثمارات الأجانب في أذون خزانة حكومية و6.9 مليار دولار واردات سلعية( زيت وسكر وفول وعدس وخلافه) و1.4 مليار دولار تم بيعها للبنوك لمواجهة إحتياجات المستوردين الإحتياطي لو استمر الوضع كما هو مقدر له أن ينخفض إلي10.7 مليار دولار أول يوليو المقبل. هل نقترض من الصندوق أو لا نقترض؟ أشارت ندوة المجلس الأعلي للقوات المسلحة إلي أن الفجوة التي لم تتمكن الحكومة من تدبيرها في عجز الميزانية تصل لنحو10 مليارات دولار لا مفر من تغطيتها إلا بالإقتراض. والحوار مع صندوق النقد الدولي لإقتراض3.2 مليار دولار يحتاج إلي أمرين حتي نصل للتوقيع علي البرنامج الاول هو بيان بمصادر سد باقي الفجوة في المواردن والأمر الثاني التوافق الشعبي والمجتمعي. الحكومة حددت مصادر بديلة لسد الفجوة تمثلت في طرح أراضي وسندات للمصريين العاملين بالخارج الإقتراض من الإتحاد الاوربي والبنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية. ولكن كيف نقترض وقد تم تخفيض تصنيفنا الإئتماني باربع درجات كاملة؟ وحصلنا علي النجمة الحمراء في ذيل التقويم والتي تعني نظرة سلبية في المستقبل وقدرة ضعيفة للوفاء بالإلتزامات الخارجية. الحل الإتفاق مع الصندوق والحصول علي شهادة صلاحية تقنع باقي المؤسسات المالية بقدرتنا علي الوفاء بإلتزاماتنا وقد وضعت الدول المانحة والمؤسسات الدولية التوقيع مع الصندوق كشرط رئيسي. كيف نخفض العجز؟ لامفر من ترشيد الدعم حيث سيتم تطبيق نظام لترشيد دعم المواد البترولية وخاصة للصناعات كثيفة إستخدام الطاقة وبحيث يتم توجيه هذا الفائض للإسكان الشعبي وتطبيق الحد الأدني للأجور ومعاش الضمان الإجتماعي ودعم برامج تنمية الصعيد وبرامج التدريب التحويلي. إضافة إلي ذلك تخفيض الإنفاق الحكومي بنحو13.4 مليار جنيه وتصريف المخزون السلعي الراكد وترشيد الدعم. مصر ستحصل عقب التوقيع من الصندوق وبشكل فوري علي1.7 مليار دولار و400 مليون دولار كل شهرين وعلي9.4 مليار دولار من أربع دول عربية الإمارات وقطر والسعودية والبحرين. ومن بين الوسائل التي تم اللجوء إليها التصالح مع رجال الأعمال في القضايا غير المقرونة بفساد تم إثباته. وتم إصدار قانون للتصالح وهناك11 حالة تم التصالح في5 حالات وهؤلاء المستثمرين لديهم القدرة علي تحريك السوق كما أن التصالح تفادي صدور تحكيمات دولية بغرامات كبيرة. رسالة وجهها المجلس الأعلي للقوات المسلحة من خلال ندوة رؤية للإصلاح الإقتصادي تتمثل في مشاركة الإعلام في التوعية وتغيير النمط الإستهلاكي للمواطنين. قامت القوات المسلة من خلال وزارة الدفاع بإقراض وزارة المالية مليار دولار وجهتها للإحتياطي لدي البنك المركزي لدعم مشتروات الحكومة من السلع الإستراتيجية هذه الأموال التي وفرها الجيش للدولة تأتي من مشروعاته الخاصة والتي توفر له موارد الإعاشة وتحقق له الإكتفاء الذاتي ويتم طرح الفائض منها ينتجه الجيش من سلع وخدمات للسوق المحلية بسعر التكلفة بما يقلل من معدلات التضخم ويزيد من المعروض. هذه المشروعات تخضع لرقابة من الجهاز المركزي للمحاسبات ووزارة المالية وجميع مناقصاتها مراقبة من مجلس الدولة ومعتمدة من الجهات الرسمية وملتزمة بالقوانين والممارسات السائدة. وإذا كان الجيش مقرضا للحكومة ألا يعني ذلك إمكانية الإستغناء عن المعونة العسكرية؟ الرد.. نعم يمكن الإستغناء عن المعونة العسكرية كرقم ولكن هذه المعونة ترتبط يتوريد قطع غيار ومعونة فنية لازمة لا يمكن الحصول عليها بالإستيراد المباشر بل عن طريق طرف ثالث وبشكل سري. هذا الرد يفسر لنا وبشكل كبير لماذا تحتاج مصر المساعدات العسكرية الأمريكية ويفسر لنا بشكل كبير كثير من القضايا المرتبطة بهذا الموضوع والتي أثارت جدلا سياسيا كبيرا. ما يمكن إستنتاجه من الندوة أوضاعنا الإقتصادية لا تحتمل الهزل القوات المسلحة متمثلة في المجلس الأعلي بذلت جهدا كبيرا لتحقيق التوازن وأداء المهمة والحفاظ علي إستقرار مصر وسلامتها المجلس العسكري يتوق إلي تسليم المسئولية فور إنتهاء المرحلة الإنتقالية وإنتخاب رئيس جديد للبلاد تحدي ال90 يوم الفاصلة علي إنتخابات الرئاسة يتطلب مشاركة الشعب بكل طوائفه لحماية الإستقرار وتفويت الفرصة علي من يرغبون في تفجير الوضع الداخلي دور كبير علي الحكومة ومجلسي الشعب والشوري والأحزاب المختلفة والمجتمع المدني في الوصول بمصر لبر الأمان.