اجمع محللون سياسيون وكتاب مغاربة على ان تصريحات القيادي الاخواني عصام العريان حول لجنة القدس، تهدف الى خلطة الاوراق والاستحواذ على القرار الفلسطيني وحصره في بيد حركة "الاخوان المسلمين". يأتي ذلك متزامنا مع رد رسمي من وزارة الخارجية المغربية رفضت فيه بشكل حاسم لمحتوى تصريح العريان المجافي للحقيقة. واتفق المحللون على أن العريان "أخطأ الهدف هذه المرة لإشغال المصريين عن مشاكل بلدهم كعادته، خاصة عندما يتعلق الأمر بالرغبة في طمس أفضال المغرب على القضية الفلسطينية التي يسعى إلى تقديمها على قدر سعة يده دون انتظار لأي جزاء أو شكر، ودون حسابات دعائية ضيقة الأفق، فالمغرب من بنى مرافق كبرى هناك تنفع الطلبة والمرضى". وعلق مراقبون على تصريح العريان بالقول إنه بينما وضع المغرب شعار نصرة القضية الفلسطينية على أرض الواقع ومنذ عقود، استمر الإخوان منذ ثمانين عاما من نشاطهم السري في رفع شعار تحرير فلسطين للمزايدة به على خصومهم، ليعلنوا بمجرد وصولهم إلى الحكم بوضوح تام أنهم مع اتفاقية السلام التي أبرمتها مصر السادات مع إسرائيل، وكانوا ينتقدونه ويكفرونه لأجلها. ويتهم متابعون للشأن الفلسطيني اخوان مصر بالتدخل في الشأن الفلسطيني لفائدة حركة حماس على حساب منظمة فتح. وقبل أيام، قال ياسر محرز المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين إن "تشويه حركة حماس، جريمة نكراء باعتبارها 'الكيان الذي يقوم بواجب الجهاد عن المسلمين والعرب جميعا'، متهما 'بعض وسائل الإعلام بأنها تعمل لصالح الكيان الصهيوني، في تشويه حركة حماس بعدما فشلت إسرائيل في ذلك إعلاميا". ويقول مراقبون إن مثل هذا التصريح يكشف بوضوح رؤية الإخوان للعلاقة مع الفلسطينيين، حيث أنها تصادر فعل المقاومة لشق يشاطرها نفس الإيديولوجيا، وتنفيه عن الشق الآخر، الذي تتهمه ضمنا بالعمالة لإسرائيل. ويرى هؤلاء ان الأخطر في هذا الموقف أن الإخوان يخططون من خلال دعم حماس إلى وضع الملف الفلسطيني برمته تحت جناحهم والسيطرة عليه للتصرف بشأنه وفقا لما يفيد مخططهم الإقليمي للسيطرة وتقديم انفسهم للقوى الدولية على اساس أنهم أصحاب الحل والعقد في قضية السلام بالمنطقة. وفي هذا الموقف الإقصائي للتفرد بالقضية الفلسطينية يدخل موقف العريان من لجنة القدس. وقال المحللون إن القيادي الإخواني تحدث عن لجنة القدس، وهو إما جاهل بنشاطها ودور المغرب في دعمها والإسهام بثمانين بالمئة من ميزانيتها، أو أنه يقفز على الحقيقة، وفي الحالتين فإن تلك التصريحات لا تليق برئيس كتلة برلمانية (كتلة حزب الحرية والعدالة الإخواني) في بلد عريق مثل مصر فضلا عن كونه نائبا للمرشد العام في حزب يزعم الدفاع عن الدين وأخلاقه وأبرزها الصدق والنزاهة المفقودين في كلام العريان. وعبرت الخارجية المغربية عن "استغرابها الكبير بشأن تصريحات لشخصيات مصرية تنتقص من دور لجنة القدس". وأكدت أن التصريح يشكل "إنكارا غير مسؤول لما تقوم به لجنة القدس وذراعها وكالة بيت مال القدس الشريف، التي يشرف الملك محمد السادس شخصيا على عملها٬ من خلال مبادرات ومشاريع حيوية لحماية المدينة المقدسة والحفاظ على موروثها الديني والحضاري ودعم صمود أهلها أمام كل محاولات التهويد". ونددت منظمات مجتمع مدني ومواطنون مغاربة بتصريحات العريان معتبرين إياها "غير بناءة وبعيدة عن الواقع". ودعت هذه المنظمات العريان إلى أن ينتبه إلى أن مصر في عهد الإخوان لم يكن موقفها بأحسن حال مما كان عليه في عهد مبارك. فلم يطالب الإخوان بقطع الغاز عن إسرائيل ولم يعلقوا عن إعلان أوباما بأن القدس عاصمة إسرائيل ولم يطالبوا بإلغاء اتفاقية كامب ديفيد ولم يغلقوا السفارة الإسرائيلية ولم يطردوا السفير الاسرائيلي كما كانوا يطالبون بذلك أيام مبارك. بل على العكس من ذلك فقد اوقفوا حتى مجرد الشتائم ضد أمريكا وإسرائيل. ويقول معلق آخر متهكما، إنه يبدو أن العريان يعتبر دعوته لليهود ممن كانوا يقيمون في مصر إلى العودة للعيش فيها ومغادرة الأراضي الفلسطينية التي لجؤوا إليها، من الأدوات غير التقليدية التي ينبغي على لجنة القدس اعتمادها. وأضاف انه وأمثاله "لم يضيفوا إلى مصر غير التخلف والفقر وانعدام الامن وقلة الاستثمارات والفوضى والهرج"، واصفا جماعة الإخوان بانها "جماعة النفاق والتدليس والكذب" التي تقود مصر إلى مصير مجهول.