الاختلاف طبيعة إنسانية ولكن .............؟ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ... حكمة إلهية بالغة فلو اعتنق الناس جميعا رأيا واحدا ورؤية واحدة وظلوا أمة واحدة متفقين على كل شئ لتحولوا إلى قطيع يفتقد أى فرصة للتقدم والتطور والتغيير فاختلاف العقائد والألوان والألسنة واختلاف مناهج التفكير والآراء والرؤى والمصالح والطموحات هو الطريق الذى صنع الحضارة الإنسانية ونقل الإنسان من العصر الحجرى إلى عصر الفضاء ومن عصور الظلام والاستعباد إلى عصور الحرية والتنوير فالرأى الجديد والرؤية المخالفة للسائد والشائع هى التى تصنع التغير والتقدم فدائما يذهب الزبد جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض . ولكن هذه الطبيعة التى خلقها الله فى الإنسان ليصنع بها التقدم ينحرف بها بعض الناس إلى صناعة التطرف والتعصب التى تصل إلى محاولة إجبار الآخرين على اتباع رأى أو رؤية محددة لا تقبل الاختلاف ويستخدمون العنف لفرض رؤيتهم , سواء كان عنفهم ماديا أو معنويا يتضمن تشويه المخالف ومهاجمته فى سمعته وعرضه بشكل منفر ومقزز وغير أخلاقى وبعيد عن سلوك يلتزم بالقيم الأخلاقية والدينية والإنسانية ورحم الله أمير الشعراء حين قال اختلاف الرأى لا يفسد للود قضية فالاختلاف يجب أن يظل داخل حدود الرابطة الإنسانية التى تجمع الجنس البشرى علاوة على روابط الوطنية والعقيدة وغيرها من الروابط التى يمكن أن تضاف إلى الإنسانية التى تجمع كل البشر فحين يصل التعصب المقيت إلى حد تكفير الآخر ورفضه والتحريض عليه أو الاعتداء على المخالف لنا بالقول والفعل نكون قد دمرنا الهدف الإلهى السامى من طبيعة الاختلاف , إلى جانب إنكار طبيعة أزلية خلقها الله فينا هى الاختلاف , وقد كان هذا الاستخدام غير السوى والمتعصب للاختلاف سببا فى كل الكوارث والحروب التى راح ضحيتها ملايين البشر عبر التاريخ لذلك فنحن فى أشد الحاجة إلى أن نتعلم ثقافة الاختلاف المتحضر واحترام الرأى الآخر والرؤية المغايرة لنا ونحترم مصالح الآخرين وندافع عما نراه بالحجة والبينة والبرهان والمناقشة المحترمة التى تثرى الفكر ولا تثير العداوة , أليس هذا ما أمر الله تعالى به رسوله العظيم محمد صلى الله عليه وسلم : " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " ويقول له : " وجادلهم بالتى هى أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم " فكيف يستخدم من يدعون أنهم دعاة لدين الله وهم يخالفون أوامر الله فى الدعوة ويهاجمون بعنف غير أخلاقى كل من يختلف معهم فى الرأى والرؤية حتى وإن كان من إخوتهم فى الدين والعقيدة , ألا يعدون بذلك مخالفين لأوامر الدين الذى يدعون إليه بل هم فى نظرى أعداء لهذا الدين لأنهم ينفرون من لا يعلم شيئا عن ديننا السمح العظيم .. غفر الله لهم وهداهم .