من اشهر الأساطير والتى توضح كيفية التأمر لهزيمة الخصم من الداخل هى أسطورة أو قصة [ حصان طروادة] حيث سردت قصة هذا الحصان ليصبح رمزا وتعبيرا عن فن الخداع والتآمر من الداخل لهزيمة الخصم . وطروادة مدينة غرب تركيا المنافس لليونان التجاري حاصرها اليونانيون طروادة أكثر من عشر سنين (1193-1184 ق. م ) دون ان يدخلوها لمتانة الحصون والقلاع لذا باشروا بالحيلة أمام الفشل العسكري وبعد دراسة العادات والتقاليد وجدوا ان الحصان عند الطرواديين مقدس فصنعوا لذلك حصاناً خشبياً يتسع لعشرة من أشداء الجنود اليونانيين. ثم تم جر الحصان الى أبواب مدينة طروادة والجنود بداخله وطلبوا من الجيش اليوناني المحاصر بالانسحاب من داخل المدينة . وهنا تفاجئ الطرواديون بانسحاب الجيش اليوناني فانطلت الحيلة عليهم واعتبروا أنفسهم منتصرين فادخلوا الحصان الخشبي الى داخل المدينة للاحتفال بالنصر المبين وتجمع الأهالي والجنود الطروديين حول الحصان يرقصون ويشربون فرحين بالنصر المزعوم حتى أصبحوا سكارى وحل الليل فخرج الجنود اليونانيين من الحصان وفتحوا أبواب المدينة من الداخل ودخلها الجيش اليوناني وحرقها بعد سلبها وسبي سكانها بفضل هذه الخديعة .
ونتيجة لنجاح تلك الخدعة فى الماضى أصبحت هى الخدعة والتى تلجأ لها أية جيوش تبغى إحتلال دولة ما ولكن مع تطوير الطريقة مع عدم تغيير الفكرة , فأى منافس يفشل فى هزيمة منافسه يلجأ لحصان طروادة بأن يفتش عن شىء ما يحترمه منافسه سواءاً أكان فكرة او عقيدة أو حتى شخص ومن خلاله يستطيع أن يصل لمبتغاه , ففى أسطورة طروادة وعندما فشل الإغريق فى هزيمة طروادة فتشواعن أى شىء له أهميته لدى الطرواديين فهداهم تفكيرهم إلى عمل حصان خشبى لعلمهم ان أبناء طروادة يقدسون الحصان , وعن طريق ذلك الحصان إستطاعوا أن يصلوا لهدفهم الأول وهو إدخال عناصر تابعة لهم لداخل تلك المدينة الحصينة ,لكن العدو لا يلجأ لتنفيذ خطته إلا عندما يتأكد أن منافسه غافلُ عنه ومشغول إما فى إحتفالاته أو فى غير مبال بما يحدث لذلك لم يخرج الإغريق من الحصان الخشبى إلا عندما تأكدوا أن شعب وجنود طروادة قد أعياهم التعب وانهم شربوا فى إحتفالاتهم حتى سكروا تماماً .
أقول ما سبق لأننى عندما أرى الوضع الحالى حولى فلا أجد سوى تكراراً لتلك القصة فى كل مكان فمن منّا لا يتذكّر الإتحاد السوفيتى والذى كان نداً قوياً للولايات المتحدة وكان بالنسبة لها كاللقمة فى الزور وحارت كثيراًفى كيفية هزيمته وأعيتها الحيل حتى لجأت فى النهاية إلى فكرة حصان طروادة , حيث إنتظرت حتى أصبح الوضع مناسباً لتنفيذ الخطة ولعبت على الفكرة والتى يتمناها الشعب الروسى والذى كان يأن تحت اوضاع جامدة وفكر قيادى عفى عليه الزمن فإستغلت تلك الاوضاع ولجأت لحصان طروادة لمتمثل فى قيادات تنادى بأفكار جميلة وبشعارات لا يختلف عليها أحد فيألفها الكل ولا يعترض عليها وبذلك تدخل القلعة الحصينة ولكنها ما إن تدخل حتى يتلاشى كل ذلك ولا يتم تحقيق أية شعار من الشعارات والتى كان الهدف منها فقط أن تكون حصان طروادة , وهذا ما حدث فلأول مرة يسمع الشعب الروسى عن (البروسترويكا) ومعناها ( إعادة البناء) وايضاً (الجلاسونست ) ومعناها ( الشفافية والمصارحة والمكاشفة) وهى شعارات جميلة يتمنى الجميع أن تتحقق وكان الشعب الروسى فى أشد الحاجة إلى تحقيق تلك الشعارات على أرض الواقع وهنا كان الفخ حيث وجد الشعب الروسى نفسه يسير فى طريق طروادة فلم يحقق أياً من تلك الشعارات وفوجىْ انها كانت فقط كحصان طروادة كل مهمتها أن تكون سبباً لإختراقه , ورأى الجميع الإتحاد السوفيتى والذى كان قوة عظمى يتهاوىوينكمش ليصبح دولة صغيرة حجماً هى روسيا , ويلجأ ابناؤه للعمل كخدم و مهن اخرى لاداعى لذكرها فى الدول المجاورة , وغنىُ عن البيان كيف إستعادت روسيا مكانتها وتصاعد منحنى التنمية بها حتى عادت مرة اخرى لتناطح القوى العظمى فى العالم .
ويدور الزمن دورته ليأتى دور الشعب المصرى والذى فشل كل غزاة العالم فى إختراقه , ذلك الشعب الذى قال فيه رسولنا الكريم أنه فى رباط إلى يوم الدين , وحاول المتآمرون أن يجربوا معه فكرة حصان طروادة بأن فتّشوا عن الشىء الذى يحترمه الشعب المصرى لكى يكون هو ذلك الحصان الخشبى والذى يخترقون به أسوار ذلك الشعب الأبىّ وفعلاً ظنوّا أنهم وجدوا مبتغاهم فرأينا شعاراتِ جميلة وبرّاقة كان الجميع وأنا منهم يفتقدها ولا جدال فى وجوب تحقيقها وهى العيش والحرية والعدالة الإجتماعية والكرامة الإنسانية وعاش الكل يحلم بتحقيقها وبإذن لله سنحققها , وهنا تحقق الشرط لأول للغزاة الجدد فى عثورهم على حصان طروادة والذى سيدخل الحصون وبقى الشرط الثانى الا وهو غياب الشعب والجند عن وعيهم وعدم يقظتهم حتى يخرج من فى الحصان ليفتحوا الحصون من الداخل ولكن هذا لم يحدث فقد بقى ذلك الشعب متحداً مع جيشه ومتيقظاً ولم يفقد يقظته ونسى هؤلاء الغزاة أننا فى رباط ليوم الدين , وهنا إنقلبت الآية فقد تم القبض على هؤلاء الموجودون بداخل الحصان وتلقينهم درساً لن ينسوه ولم يتم فتح الحصون من الداخل أبداً وظلت مصر أبية على الإختراق , وهنا أُسقط فى أيدى الغزاة والذين ظنّا أنهم وصلوا لما يريدون فعندما علموا بخبر القبض على طليعتهم وإنكشاف خطتهم هاجوا وماجوا وحاولوا التنصل مما فعلوه وأيقنوا أن خطتهم لم تكن لتفشل لولا يقظة الشعب والجند والذين سهروا ولم يلقوا السلاح بل ظلوا على يقظتهم فضربوا الخطة فى مقتل , بل وغنموا ذلك الحصان الخشبى والذى صنعته أيادى أعدائهم وحولوه من حصان إلى حمار يمتطيه أطفالهم .
نعم ستظل مصر محمية بكلمات ربنا العلى لقدير والذى أنزل فيها قرآناً ٌيتلى الى يوم الدين , وجعل سبب حمايتها وامنها فى كلمات قالها نبيه الكريم عندما قالها صريحة ان مصر بها خير أجناد الأرض , ولذلك فإن أى محاولة لإدخال حصان طروادة لمصر لن تفلح ولن يجنى منها من يحاول ذلك سوى أن يتعب هو فى صناعته ثم يأخذه المصريون منه كغنيمة , لأن حراس القلاع متيقظين دائماً . عاشت مصر حرة أبية وعاش أبناؤها احراراً .