الأصل في المعاملات الإباحة، والحل إلا ما دل الدليل على تحريمه وذلك من أجل التوسعة على الناس، ومن أجل حمايتهم مما يضرهم، فالحرام يمنع قبول الدعاء سواءً أكله أو شربه أو لبسه، يمنع قبول الدعاء وهذا في الصحيح كما في الحديث في "الرَّجُلَ الذي يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ"، لا يستجيب الله له، وهو بحاجة إلى الله، لا يستغني عن الله طرفة عين، ولكن الحرام حال بينه وبين ربه عقوبةً له، ولهذا لما طلب سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله له أن يجعله مجاب الدعوة قال: "يا سعد أطب مطعمك تستجب دعوتك"، فهذا أصلٌ عظيمٌ في تجنب المحرمات لأنها تحول بين العبد وبين ربه، فلا يستجاب له دعاء، ولا يتحقق له عند الله رجاء، محروم من إجابة الدعوة، بسبب أنه يتغذى بالحرام، وهذا يدل على عظمة أكل الحرام وتأثيره على العبد فليتجنب المسلم المحرمات بأنواعها ويقتصر على المباحات ففيها الخير، وفيها البركة، وفيها القناعة لمن وفقه الله سبحانه، والله لم يضيق على عباده لم يحرم عليهم إلا ما فيه ضرر عليهم، وما فيه أثر سيءٌ عليهم رحمةً بهم، فعلى المسلم أن يتحرى الحلال وأن يأكل منه ويتغذى منه ويلبس ويتصدق من الحلال، فإنه إذا تصدق من الحرام لم يقبل منه، وهو مردود عليه، فلا ينتفع من الحرام بشيء لا في الدنيا ولا في الآخرة، فلماذا يتعب العبد نفسه في طلب الحرام وجمع الحرام؟ والحرام متنوع في المكاسب وفي غيرها، في المكاسب وفي المطاعم وفي المشارب متنوع، وقد بينه لنا الله جلَّ وعلا وبينه لنا رسوله صلى الله عليه وسلم لنجتنبه ونبتعد عنه، فالربا هو أعظم المحرمات بعد الشرك بالله عز وجل، وقد صار اقتصاد العالم اليوم مبنياً عليه، ولذلك ابتلوا ولله الحمد، ابتلوا بالنكسات والعقوبات، ابتلوا بالنكسات في أموالهم والكوارث في أموالهم مصداقاً لقوله تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ)، كذلك من أنواع الحرام القمار وهو جميع المغالبات والمراهنات التي يؤخذ عليها جوائز إلا ما استثناه الرسول صلى الله عليه وسلم من قوله عليه الصلاة والسلام.
والسحت: هو الرشوة، فهي حرام وكبيرةٌ من كبائر الذنوب، لا يجوز تقديمها للمسئولين والموظفين من أجل أن يحيفوا مع المراجع، أو من أجل أن يقدموا معاملته على معاملة غيره، أو من أجل أن يصدقوا على عطاءه في المقاولات كل هذا حرام لا يجوز، يلزم على المسئول أن يكون صادقاً في تعامله، وأن يعدل بين الناس وبين المراجعين ولا يتطلع إلى الرشوة قد لعن النبي صلى الله عليه وسلم: الرَّاشِي وهو الذي يدفع الرشوة ولعن الْمُرْتَشِي وهو الذي يأخذ الرشوة ولعن الساعي بينهما وهو الرائش لعن فيه ثلاثة لشدة خطرها والعياذ بالله، أصبح الآن لا يتوصل الإنسان إلى مطلوبه المباح إلا بدفع الرشوة، فلا حول ولا قوة إلا بالله، فقد يسمونها بغير اسمها يسمونها أتعاباً أو يسمونها جائزة أو ما أشبه ذلك وهي الرشوة والأسماء لا تغير الحقائق اكتفوا بالحلال، فإن فيه البركة وفيه الخير، واتركوا الحرام، فإنه شر وعار ونار ولو تكدس ولو تجمع، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:(ياأيها الذين ءامنوا كلوا من طيبات مارزقناكم واشكروا لله ان كنتم اياه تعبدون) فكسب الحلال سر من اسرار استجابة الدعوات فعليكم الحرص لهذا الكسب المشروع بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
كذلك من أنواع المحرمات الرشوة، وما أكثرها اليوم وهي ما يدفع للمسئولين والمدراء وغير ذلك ممن لهم مسؤولية لأجل إنجاز المعاملات، وإمرار المقاولات، وإرسائها على من يغش ويخدع لأجل الرشوة، والرشوة هي السحت وقد قال الله جلَّ وعلا في اليهود: (سماعون للكذب اكالون للسحت)