تطورت الحركة الفكرية العربية مصاحبة لتطور الفكر السياسى البشرى على مستوى العالم . وحاولت الحركة العربية الفكرية أن تساير تطور الحركة على مستوى العالم . وتسعى لتفسير كل ظواهر الفكر السياسى العالمى . وقد تمددت حركات سياسية فى أوروبا . شاملة العديد من دول أوروبا وشعوبها , وكان من أكثرها تأثيرا الحركة الماسونيه التى ظهرت فى أوروبا فى أواخر القرن الخامس عشر . وان كان للماسونية حكايات وروايات امتئلت بها الكتابات العربية. حيث أفرطت الكتابات العربية فى وصف الماسونية وشرح مستواياتها دون التطرق لظروف النشأه الخاصه بهذه الحركة وكيفية نموها واتساعها على نطاق كيير فى دول عديده . فكلمة الماسونيه ممتده من الأصل الانجليزى Masson بمعنى البناء- ويعزى بعض الكتاب العرب هذه التسمية نسبة الى البناء الأول فى التاريخ المهندس حيرام أيبود مهندس البناء لهيكل سليمان فى بابل عام 244ق.م . وبذلك يصبح حيرام المهندس العراقى الأصل هو أول بناء فى تاريخ البشرية . ولعل أن يكون هذا هو الربط القائم بين الماسونيه واليهود ثم الصهانيه . حيث يمتد الاصل اليهودى الى الأب النبى سليمان وينحدر منه النبى يعقوب الذى هو فى اصل تسميتة يعقوب ويطلق عليه اسرائيل. وبالتالى صارت هناك قناعه واعتقاد خالص فى الكتابات العربيه بأنه لمجرد أن أصل اليهود ممتد لسليمان وأنه هو أصل الماسونيه اذا الماسونيه أصلها يهود , واليهوديه انبسقت عنها الصهونيه اذا الصهونيه هى امتداد الماسونيه هذا فى الكتابات العربية فقط . أما فى الدراسات الأخرى وباللغات الأخرى فقد تعاملت مع الماسونيه على أنها حركة أوربية خالصه ليس لها امتدادات فى المنطقة العربية وأن نشأتها كانت كالتالى , حيث أنشى المحفل الأكبر عام 1717م فى أسكتلندا فى عهد جورج الأول وأسس رموزه ورسومه" جيمس أندرسون" اليهودى الانجليزى واطلق عليه منظر الماسونيه الأول عام 1737 وانعقدت الجمعيه الصهونيه للبناءين" الماسون " عام 1738 وحيث أنه لا يمكن فهم الماسونيه الا بوضعها فى هذا السياق الفكرى الذى ولدت فيه فى أوروبا، فبعد ظهور فكر عصر النهضه الأوربى ولد فكر الاستناره والعلمانيه ، وكانت الحركة الماسونية رد فعل طبيعى لهذه الحركات الفكرية التى عاصرها الاوروبين فى القرن السادس والسابع عشر. وجاءت كلمة البناء أو الماسون Masson فى العصور الوسطى من كون هذا الوقت تحديدا هو العصر الذهبى لبناء الكاتدرائيات والأديرة والمعابد فى أوربا والشرق . وكان البناءون يعيشون على أجرهم وحده على عكس الحرفيين الأخريين مثل النساجيين والحدادين ، حيث كان البناءون يتقاضون مبالغ نقديه أما باقى الحرف فكانت تتعامل مع نظام المقايضه بالسلع والخدمات . وجاءت كلمة البناء بين الأحرار Free Massonمن كون . البناء حر تماما ينتقل من مكان لمكان ، على عكس الحداد مثلا الذى يعمل فى مكان ثابت ، وكان ابتداع اطار تنظيمى يتلائم مع حركتهم هو الهدف فلم يكونو ثابتن كباقى الحرف . وكان يتوجب عليهم معرفة ما يحتاجونه من امور تنظيميه . لتنظيم عملهم وحرفتهم التى تحتاج للتنقل طوال الوقت . وكانت الحركة الماسونيه فى مجملها حركة فكر تستمد من مهنه البناء تكوينها الهرمى يتمثل فى وجود قاعدة عريضه من المنتمين للحركة كأعضاء بسطاء لايحملون أى ترتيب نظامى داخل الحركة . ثم أعلى القاعدة الهرمية قاعدة أقل حجما تشمل الأعضاء المنفذين لتعليمات القادة الأعلون والذين يبلغ عددهم 14 قائد بحسب ترييب السلم التدريجى للقاعدة فى الحركة الماسونية وصولا للقائد العام للحركة الماسونية وراس الهرم والذى يطلق عليه " الصدر الأعظم "والذى ينال احترام وتقدير جميع أعضاء البناء الهرمى فى التنظيم. وقد عرفت الماسونيه بأنها نوع من أنواع التفاعل الأجتماعى المطلوب فى المجتمعات الصناعية الكبرى فى ذلك الحين وانتشرت فى غضون سنوات قليلة . وحظيت بأحترام وتقدير النبلاء والارستقراطيين . واشتملت الطقوس المتعلقة بالماسونيه على استخدام رموز البناءين من تقاطع الفرجار او البرجل على المسطرة من رموز البناء الحديثة المستخدمة فى بناء تلك الكتدرائيات والمعابد .ولهذه الجاذبية انضم لهذه الحركة معظم النبلاء طامعين فى اضفاء نوع من الجاذبية والتشويق لحياتهم التى ملئها الملل وطمح العديد منهم بعد هذا الانضمام الى التمثيل الاعلى فى مرحلة القادة إما الاربعة عشرة درجة او يتاح لهم التمثيل فى القاعدة التالية لرأس القيادة فى تلك القاعدة الهرمية . وحتى هذه اللحظه لم يتضح حقيقة الربط أو الارتباط الذى شاع بين اليهوديه والماسونيه. وظلت العلاقة بينهم تنحصرفى ان منظرها الرئيسى "جيمس اندروسون" يهودى انجليزى . وبعض أعضائها من اليهود . وذلك على الرغم من وجود عداءات كبيره ظهرت فى المحافل الماسونيه الفرنسيه لانظمام الماسون الالمان اليهود تحديدا فى انتشار موجه العداء الكبيرة التى ظهرت فى أوروبا ضد اليهود ابتداءا من نهايه القرن الثامن عشر وبدايه القرن التاسع عشر . حيث ظهرت دساتير ماسونيه تستبعد اليهود بشكل خاص , وترتب على ذلك قيام بعض الماسون الألمان بالاحتجاج على استبعاد اليهود من معظم المحافل الماسونية الفرنسية . وشاعت العدائيه بقوه بين اليهود والماسون ولم تعد الماسونيه كما بدأت تحتوى كل اليهود سواء كانوا من طائفة البناءين المنتشرين فى أوروبا الذين قاموا ببناء تلك الكاتدرائيات أو غيرهم . ولأن معظم هؤلاء البناءين كانوا من اليهود فكان من المستغرب محاولات ابعاد اليهود من التنظيم الماسونى ، وبالتالى لم يكن فى معظم الكتابات الغريبة استحداث هذا الربط الذى شاع بين الكتابات العربية حول علاقة الماسونية بالصهيونيه وردهم ثانية الى اليهودية كديانة غير تبشيريه ذات علاقات محكمة, اذ ينطبق هذا الوصف على كل من الماسونيه والصهيونيه كحركتين سياستين لاتسمحان بمرور أعضاء من الخارج الى داخل دائرة العضوية دون المرور بكامل مراحل الانتماء الخاصة بعضوية أحدى الحركتين وجاءت المتشبهات التى خصصها العرب وحددوها كرموز مشتركة بين الحركة الصهيونيه والحركة الماسونيه ومنها:- 1- الشمععدان السباعى المشترك بين العقيدتين الماسونيه والصهيونيه – ومرده للعقيدة اليهودية بالاساس كرمز دينى لايستخدمه إلااليهود . وتحول لرمز الدوله الاسرائيلية بعد استخدام الحركة الصهيونيه له كرمز للدوله الحديثة. 2- استخدام الأبجدية العبريه ، ووجود بعض الكلمات المشتركة بين اللغه العبرية . والمصطلحات الماسونيه . منها :- بوعز رمز لاحد أجداد سليمان . جيكين ابن شمعون ابن يعقوب . سبولت سنبله وهكذا استخدمت بعض الكلمات بين الماسونيه والعبريه . 3- وجود صور واعلام فى الماسونيه ترمز للاسباط الاثنى عشر اليهود . 4- استخدام نجمة داود كشعار . مستحدث فى تعامدالفرجار على المسطرة فلو قمنا بتوصيل ما بين الفراغات لحصلنا على نجمة داود السداسية الصهيونيه وهى بالاساس رمز فى العقيدة اليهوديه يشير الى درع السيد اسرائيل أو يعقوب عليه السلام . 5- استخدام شكل الهيكل ووجود مذبح دائما داخل المحافل الماسونيه – وهو الشكل المشترك الموجود فى المعابد اليهوديه . وهكذا أصبحت الماسونيه والصهيونية تصب فى اتجاه واحد وهو أنها قد تنبعث بالاساس من الديانه اليهوديه ولكن هناك فصل تام وكامل فى كل الدراسات التى أعدت فى الغرب للحديث حول الحركتين الماسونيه والصهيونيه . حيث ظهرت كل حركة منهما على حدا منفصله عن الأخرى ولظروف نشاءة تختلف تماما عن الأخرى ولم يربط بينهما أبدا غير كونهما تحملان عضويه لبعض اليهود .وذلك على خلاف ماهو شائع بالنسبة للحركة الصهيونيه. فهى فكره ممتده فى معظم دول العالم وليست تنظيم كالحركة الماسونيه ولها عضوية . فالصهيونية ليس لها عضوية وليس لها أدوات حال الانتماء اليها أو محافل مثل الماسونيه فكل من يؤمن بوجود الكيان الاسرائيلى وساعد على وجوده هو مؤمن بالدرجه الأولى بالحركة الصهيونيه ومجهوداتهاانتهت فى ايجاد ونشأة دولة اسرائيل . ولايشترط ابدا أن يكون الصهيونى يهودى حيت أن الفكر الصهيونى فكر سياسى انتشر فى ربوع العالم وأوجد مؤيدين له من جميع الجنسيات وجميع الأديان وأكبر دليل على ذلك صهيونيه "بلفور" وزير خارجية بريطانيا . المسيحى الديانة والعديد من رؤساء العالم ممن ساعدوا على وجود دوله اسرائيل اذا فالحركة الصهيونيه تختلف تماما عن التنظيم الماسونى سواء فى التكوين أو الترتيب أو التنظيم البنائى الخاص بكل منهما فالاولى فكر سياسى له توجهاته الواضحة المؤثرة فى المجتمع الدولى . أما الثانية فهى حركة انسانيةكما تعرضها الادبيات العالمية وذات تنظيم وكيان مؤسسى وعضويه لاتقبل من الخارج أحدا . وان تشابهتا فى بعض التكوينات الداخلية . وبالتالى يظل التساؤل الخاص بمقالانا اليوم مفتوح ومعروض للنقاش وهو هل الصهيونيه امتداد للحركة الماسونيه . على حين أن الماسونية ظهرت فى القرن الخامس عشر والصهيونيه بدأت ارهاصاتها الاولى فى نهاية القرن التاسع عشر 1898 حيث المؤتمر الصهيونى الأول , ولكن هل حقيقة الصهيونية امتداد للماسونية . أظن وبعد هذه المقارانات أن اجابة هذا السؤال تأتى بالنفى . حيث أن كلا منهما حركة تنظيمية ظهرت فى أوروبا وساهم فى ايجادهما اليهود . وأثرت فى المجتمع بشكل أو اخر وانتهى بها الأمر عند هذا الحد . وأصبح الحديث الأن حول ما بعد الصهيونيه سواء داخل اسرائيل أو خارجها . أما الماسونيه فقط اصبحت عبئا على المؤمنين بها والأعضاء فيها وذلك بعد هذا الغموض الذى شملها وجعل الانتماء لها انتماء أكثر منه عضويه لجماعه سريه . وسوف ينتهى بها الأمر الى التفكك والأنتهاء شانها شأن كل الجماعات السرية التى ظهرت على مستوى العالم وعبر التاريخ .