لاحظت كما لاحظ غيري أن شيكابالا الذي لعب مباراة الوداد الأخيرة وإنتهت بفوز أسطوري للأبيض بأربعة أهداف نظيفة ليس هو شيكابالا الذي تاه منذ سنوات ولم يستدل علي موهبته .. حتي ان الجمهور قد رمي طوبته بعد أن كان قبل زمن فتاهم المدلل الذي ما إن تلمس قدمه الكرة حتي تتحول إلي أداة سحرية عجيبة . الذي لعب أمام الوداد بكل هذا الحماس هو الناشئ الصاعد بقوة الصاروخ محمود عبد الرازق.. الشهير بشيكابالا أو الفهد الأسمر الذي حضر لتوه من قرية الحصايا بمحافظة أسوان المسالمة حاملا علي كتفيه أحلاما عريضة في مشهد مكرر من حوالي خمسة عشر عاما عندما إلتقطت الجماهير البيضاء خيوط موهبته العريضة وغزلتها بعناية لتضعها بجوار مواهب فذة خلدتها في وجدانها .. منتظرة منه الكثير والكثير . لكن للأسف الفتي المراهق في ذلك الوقت - والذي ظل مراهقا في أفعاله حتي بعد ان غادر فترة المراهقة - لم يكن علي مستوي المسئولية الجسيمة التي علقها الجمهور في رقبته ليكون أسطورة زملكاوية موازية لأسطورة الأهلي محمد أبو تريكة .. والحقيقة أن شيكا لم يكن يقل موهبة عن تريكة لكن ابن أسوان لم يمشي في طريق المجد الذي شيدته له الجماهير .. وإنحرف في طريق أخر رسمته له أهوائه .. وأصبحت أخبار شيكابالا مقرونة بالمشكلات والصدامات التي لاتنتهي مع طوب الأرض سواء في ناديه الزمالك أو في الأندية التي إحترف فيها أو أعير إليها مثل باوك اليوناني وسبورتنج لشبونة البرتغالي والوصل الإماراتي والإسماعيلي المصري .. وباءت كل محاولات إنتشاله من وحل الإستهتار بالفشل من قبل المدربين المؤمنين به .. لكن مع ذلك كانت موهبته الفذة أحيانا تغلبه .. وتظهر في مباريات فارقة ليرسم أروع اللحظات بأهداف ولمسات سحرية مختومة بختمه الخاص ثم سرعان ما يعود إلي أتون النسيان مرة اخري . لكن يبدو أن مؤمن سليمان نجح فيما فشل فيه غيره .. وأحضر ترياق الحياة لموهبة شيكابالا التي كانت علي وشك الإندثار .. ورأينا شخصا أخر في الملعب غير الذي إعتدنا عليه .. وجدنا قائد حقيقي موهوب يوجه ويصنع الفرص ويحرز الاهداف .. وفي ظني ان اللاعبين أصبحوا يشعرون بالطمأنينة عندما يجدوا شيكا القائد بجانبهم .. هذا ما شعرت به في مباراة الوداد وأشعرني بالسعادة المحفوفة بالأمل أن يكون رجوع شيكابالا لحلبة الموهوبين رجوعا أبدياً وليس صحوة مؤقتة للفهد الأسمر كالعادة . إذا لم يحقق مؤمن سليمان شيئا للزمالك والزملكاوية غير أنه أعاد لهم فتاهم الذهبي التائه منذ سنوات في غياهب الدلع والإستهتار .. فكفي بذلك إنجازا يحسب للمدرب الشاب .