انعكست حالة التخبط والعشوائية التي تسود كافة الربوع المصرية علي المنطقة الموبوءة والتي هي أكثر فساداً من كل بر مصر وهي الجبلاية.. انطلقت من هذه البؤرة غير المباركة خلال الأسبوع الماضي عشرات التصريحات المتضاربة والمتضادة ودارت معظمها حول مسابقة الدوري الممتاز والفترة القصيرة المتبقية منه.. أكد البعض في تصريحاته الجوفاء ضرورة تأجيل المباريات المتبقية وان هذا التأجيل يأتي بمثابة إلغاء مقنع للمسابقة.. بينما قال البعض في تصريحاته الخرقاء ان المسابقة سيكتمل فصولها لكنها لن تنتهي كما نصت اللائحة بهبوط الأندية الأخيرة وصعود أوائل مجموعات الأندية المكافحة بالقسم الأدني.. ورغم انني لم آبه أو أهتم بما يصدر ويخرج من هذه المنطقة لأنني تعودت علي ألا أتلقي منها سوي السفه والعته غير أنني حزنت جداً وتألمت بشدة من التصريح المستفز الذي اطلقه أحد الأعضاء وقال فيه ان استكمال المسابقة مرهون بقبول إحدي الدول الصديقة استضافه ما تبقي من منافسات علي ملاعبها وان الخيار والمفاضلة بين قطر والسودان.. إلي أي حد بلغ السخف والحمق في أهل الجبلاية غير الكرام.. أعلم ان كل الثمار التي تنبت في هذه المنطقة ثمار غير يانعة لأشجار غير طيبة تعمقت جذورها المهترئة في تربة فاسدة وارتوت بمياه آسنة عفنة.. لكنني لم أتصور ان بالجبلاية خونة وعملاء وجهلاء وغير عقلاء.. لم أتخيل ان تأتي مثل هذه التصريحات البلاء ممن ينتمون لمصر وينضوون تحت رايتها ولديهم قدر ولو ضئيل من الوطنية.. هانت مصر علي شعبها وعلي ابنائها للدرجة التي أصبحت فيه عاجزة مشلولة عن حماية بعض المنافسات الرياضية وتخضع للتهديدات وتتصاع للتخوفات ولا تجد من الاجراءات والوسائل ما يكفل تأمين الاستادات والمدرجات.. ولعلي كنت أتوهم ان ما يتم تداوله في الساحة الرياضية من أحاديث وأقاويل حول ضعف النظام المصري أمام أي حشود وفي مواجهة أية مجموعات ما هو إلا مبالغة وتضخيم خيالي ليس له أي ارتباط بالواقع.. غير أنني صدمت عندما تابعت ما حدث يوم السبت الماضي قبيل لقاء الأهلي والجونة في الدوري.. قام الالتراس الأحمر بالتهديد بحضوره اللقاء بملعب الدفاع الجوي.. وتصور المسئولون انه يهدد باللسان والاشارات فقط.. غير انه بالفعل تجمع بعدة آلاف وتوجه للملعب ودخل واحتل مكانه بالمدرجات حاملاً اللافتات مطلقاً الهتافات التي كان بعضها مسيئا ويتضمن ألفاظا جارحة ومشينة والبعض الآخر حماسي ومقبول ودارت حوارات ومناقشات انتهت إلي استكمال المباراة بعد ان غادرت الجماهير المدرجات قبل مضي ربع ساعة من البداية.. وكعادة الجبلاية خرجت منها التصريحات العديدة وكلها جاءت ضعيفة خاوية من المضمون فارغة من القرار.. فضلوا تأجيل التصرف لحين عقد الاجتماعات واستشارة أهل الخبرة والدراية وكأن هؤلاء الأعضاء لا يملكون أية مهارات أو قدرات.. ولا أعتقد ان الانتظار كان لمجرد الاستشارة.. وانما أتصور أنه كان للحصول علي الاذن وتلقي النور الأخضر من أهل الحل والعقد.. ولو كان أحد أعضاء الجبلاية من رجال المواقف الذين لا يقبلون بالحال المائل لما تردد فوراً في عقد اجتماع عاجل للجنتي الانضباط والمسابقات لبحث الأمر ثم عرض ما أسفر عنه هذا الاجتماع علي مجلس الإدارة لاتخاذ القرار الانسب لمواجهة هذه الظاهرة المتعلقة.. لكن الجبلاية ستظل كما هي ليست لديها القدرة علي المواجهة وليست صاحبة قرار.. وانما تفضل تمييع الأمور وتسويف المشاكل والاعتماد علي مكرمة النسيان التي وهبها الله لعباده.. ولست هنا مع أو ضد أحد بعينه.. أنا مع الحزم والحسم اللذين من صفات القيادات الرشيدة.. الوطن في حاجة ماسة إلي رجالات أقوياء أشداء لا يخشون في الحق لومة لائم.. مصر في مسيس الحاجة إلي أشخاص أنقياء اتقياء نزهاء يضربون بيد من حديد علي المخطئين مهما كانت ألوانهم وانتماءاتهم.. المجاملات والمهادنات والوساطات لن تحل مشاكلنا المستفحلة إننا في حاجة إلي حلول فورية ومواجهات ثورية وابتكارات ابداعية.. ولا يسعني إلا ان أدعو الله ان يخرج من بين رجالات مصر من يتمتع بالعزائم القوية والهمم العفية والضمائر النقية والنفوس الفنية قولوا آمين.