سؤال وجهته للعديد من البنات، وتفاوتت الإجابات بين القبول والنفي، ولكن ثق أنهم جميعاً تعرضوا لها أحياناً وشعروا بها أحياناً أخرى، فلا توجد أنثى على وجه الأرض لم تعان من هذا الإحساس على مختلف أسبابه، نعم فلغيرة البنات أسباب عديدة، ومن أبرزها تفاوت مستوى الجمال والمستوى التعليمي والثقافي والاجتماعي والمادي. كداب قوي ! فعندما تشعر حواء أن هناك من تتفوق عليها لأي سبب، يبدأ ذلك الإحساس يتسلل إليها، لتبدأ معه رحلة هي الوحيدة القادرة على أن تجعلها قصيرة أو طويلة، فمنهن من تستطيع أن تفرمل تلك الأحاسيس فوراً ومنهن من تغرق فيها. فإذا قالت لك أحدهن أنها لم تشعر أبداً بهذا الإحساس في حياتها فاعلم أنها ليست غيورة فقط بل كاذبة أيضاً. كنت أجلس مع صديقاتي عندما سألت إحدهن: هل جربت نار الغيرة؟ فترد: " أنا باكينام وأنا واثقة في نفسي" بثقة " أنا عمرى في حياتي ما حسيت الإحساس ده أبداً، لأن اللي تحس بيه أكيد عندها نقص في حياتها". فتقاطعها العاقلة الراسية :" يا سلام عالعقل ، أمال مين بقه اللي كان هيموت من الغيظ التيرم اللي فات لما جبت جيد جداً وهو جاب جيد ". طبعاً الأخت اللي اتبرعت بشهادتها الأولى نظرت إليها شزراً وصمتت طويلاً مع وعد منها برد الإهانة. سألت الأخت الصريحة المقدامة العاقلة الراسية: " إذن متى شعرت بالغيرة ؟ ردت:" ساعات بحس إني غيرانة من واحدة أجمل مني مثلاً أو لابسة أشيك، أو بتتكلم أحسن مني في موضوع معرفش فيه حاجة خالص". طيب وماذا يكون رد فعلك وقتها أو بمعنى آخر ماذا تفعل بك غيرتك منها؟ " عادي أحاول أن أتكلم وخلاص وأثبت إني أعرف أكتر منها، ولو المناقشة وسعت قوي بهرب لموضوع تاني عشان الإحراج" لكن أكيد هذا يدفعك إلى أن تكوني أفضل مما أنت عليه؟ "أكيد وممكن ده يكون النوع الإيجابي من الغيرة،واللي بيساعد الإنسان على النجاح". فتقاطعها الأخت باكينام لتقول: " الغيرة الإيجابية دي اللي ممكن تكون في الدراسة مثلاً أو في الشغل، لكن في واحدة ممكن تغير من صحبتها عشان مرتبطة وهي لأ ودي بقى غيرة أكيد سلبية لأنها ساعات ممكن توصل إنها توقع بينها وبين خطيبها لمجرد إن الموضوع يبوظ. سألتها:" ومتى آخر مرة شعرت بذلك النوع من الغيرة؟ ووقتها أيقنت تماماً أنا والأخت العاقلة الراسية مش هنروح النهارده بسلام، يإما هنتنقل للمستشفى أو للآخرة. وفجأة رأينا من بعيد إحدى صديقاتنا تتقدم ناحيتنا تحمل ابتسامة عريضة رقيقة كعادتها، وكانت تلك الصديقة دائماً بالنسبة لي هي الأرق والأقرب إلى قلبي، كنت أشعر دائماً أنها تحمل مشاعرالطفولة في أعذب صورها، فهي تتحدث بتلك التلقائية التي وهبها الله للأطفال دون سواهم، فوجهها يعكس دائماً كل ما يدور في عقلها وقلبها، تستطيع أن تضفي على أي مكان بهجة وفرح غامرين، وهذا ما جعلها صاحبة أكبر رصيد في قلوبنا وفي قلب كل من عرفها، فتفتح لها القلوب دون أدنى تردد لتصبح هي خزنة أسرار الجميع لما تحمله من عقل راجح قادر على استيعاب الأشياء فبجانب طفولتها تلك تشعرنا دائماً أنها الأكبر سناً، وفجأة قفز إلى رأسى اعتراف لم أوجه به نفسي أبداً، فتجيب أحاسيسي متحدية عقلي الذي يجيبني بالنفي قائلة: تلك هي حواء التي أغير منها. ليقاطع سؤالها عن أحوالى شرودى، فأرد: الحمد لله كله تمام. وفجأة تسألنى باكينام: وأنت بقه بتغيري من مين. فأرد في ثقة: أكيد مش منك .... هاهاهاهاهاهاها فسألتنا الطفلة الرقيقة: إيه يا جماعة هو في إيه؟ إجابتها: أصل احنا كنا بنتكلم عن غيرة البنات، وبصي بقه الدور جه عليك قوليلي عمرك غيرتي من واحدة صحبتك؟ فردت لتؤكد: طبعاً، مين مننا محسش الإحساس ده قبل كده، ومتسألنيش مين عشان هرد عليك من غير ما تسأليني، منك أنت. لينزل عليه ردها كالصاعقة: مين أنا؟! .... هاهاهاها حقيقي القلوب عند بعضها. ولم يمر وقت طويل حتى قامت كل منا لتذهب إلى بيتها، وفي طريقي إلى البيت ظلت الأسئلة تتهافت على رأسي كأسراب طير في موسم هجرة فهي تتدافع بانتظام وإصرار واضحين، حتى توصلت إلى أن إنسان يقضي نصف عمره تقريباً باحثاً متطلعاً لما في يد غيره مع أنه يملك الكثيرالذي يتمناه غيره، وفي النهاية أقول لصديقتي الصدوقة: تيجي نبدل.