رأي فيه الجميع " العريس اللُقطة " ، طيب ، ابن حلال ، صديق شقيقها في العمل منذ فترة طويلة وسانده في الكثير من الشدائد ولم ينتظر أبداً مقابل . كما إنه " مقطوع من شجرة " كما يقولون وأسرته من أصل طيب . ترددت في قبوله لأنها لا تعرفه ، لا تعرف عنه أكثر من إنه صديق شقيقها ، لم تره حتى من قبل إلا لثوانٍ . *** كادت ترفضه ولكن اسرتها اتهمتها بالافتراء و" التبطر " على نعمة الله وهددوها كثيراً بأن الله سيعاقبها وسيبتليها بزوجٍ لا يتقيه فيها وستشقى طوال حياتها لأنها ترفض نعمة الله . لم يفهمها أحد حين قالت لهم أنها " لا تعرفه "، اتهموها بأن الأفلام والأغنيات والروايات التي لا تفارق يدها قد أفسدت أخلاقها ، قالت لهم أنا لا أعرف عيوبه ولا مميزاته ، ماذا يحب ؟ ماذا يكره ؟ لا أعرف عنه أي شيء ردت أمها " أخوكي يعرفه ، الراجل طيب وابن حلال وكريم وبيصلي وبيتقي ربنا عايزة ايه تاني ؟ أي عيب بعد دا كله هيبقى عيب تافه وتقدري تتعاملي معاه " *** اقتنعت على مضض وتم الزواج في خلال شهر ، وبالفعل وجدته طيباً حنوناً لا يعيبه شيء بدأت تغير وجهة نظرها فيه واقتنعت بكلام أهلها وحمدت الله كثيراً على أنه هداها ووافقت وإلا ضيعت كل هذه السعادة من بين يديها . *** كان كل شيء على ما يرام حتى يومهم العاشر ، كانت تجهز " السفرة " كي يتناولا الغداء في حين دخل هو لقضاء حاجته ، خرج ويداه جافاتين ولم تسمع صوت الماء ! ظنته نسى فحاولت أن تلفت نظره " هي الماية مقطوعة ولا ايه ؟ " " لأ موجودة عادي بتسألي ليه ؟ " " لأ .. أصلك .. آ .. ممم مافيش " كاد يغشي عليها وهي تراه يأكل بيديه دون أن يغسلها بعد أن قضى حاجته لم تمد يدها للأكل وحين انتبه لذلك سألها " ما بتاكليش ليه يا حبيبتي " " لأ مافيش حاجة .. ماليش نفس خالص ... كل انت بالهنا والشفا " " لأ مش هاكل لوحدي .. أنا هأكلك بإيدي " صرخت برعب " لألألألألأ هاكل أنا " " انتي لسة مكسوفة مني ؟ احنا خلاص بقينا في بيت واحد ماينفعش تتكسفي !" "لألألألأ مش كسوف ، كل انت وانا هاكل هاكل " " لأ لازم أكلك بإيدي " لم تقو على مقاومته ، ولم تقو على مقاومة احساسها بالغثيان كذلك فتقيأت كل ما أكلته وبكت بهيستريا أما هو فقد ابتسم في رضا .. وربت على كتفها قائلاً " شكلنا هنبقى تلاتة قريب " فهمت ما يقصده فإزدادت حرقة بكائها من غباءه ! **** اكتشفت بعد ذلك أنه في عمره كله لم يغسل يديه بعد قضاء حاجته ! لم تعرف كيف تكلمه في هذا الموضوع فرغم انهما أصبحا زوجين إلا إن بينهما ألف حاجز نفسي ولا يمكن أن تناقشه في مثل هذا الموضوع . أصابها هوس النظافة ، كل مكان من جسدها يلمسه بيديه تظل تحكه بالصابون مئات المرات حتى كادت تدمي جلدها ، كلما اقترب منها لا ترى منه إلا يديه وتتخيل أن هناك سوائل لزجة مقززة تتساقط منها ، كلما اقترب منها ترتسم على وجهها - لا ارادياً - علامات القرف والاشمئزاز ! لاحظ كل هذا لكنه ظن أنه من أعراض الحمل ، وكان يتحمل في صبر وبابتسامة حنون يربت على كتفيها ويبتعد عنها . **** لم ترحمها الفكرة حتى في نومها ظلت تطاردها كوابيس مرعبة ترى فيها يديه ملوثة بسوائل لزجة مقززة تحاول خنقها وهي تجري وتحاول الفرار ولكن بلا جدوى ! *** أصبحت لا تأكل تقريباً إلا أقل القليل ، نقص وزنها وشحب وجهها وتلفت أعصابها ، أصبحت تفقد أعصابها وتبكي لأتفه سبب ، لاحظت أمها احوالها فسألتها عما بها . ترددت كثيراً قبل أن تقول لها ، ولكنها صارحتها في النهاية لأنها أوشكت على الانفجار فضحكت امها كثيراً وقالت لها "حرام عليكي خضيتني انا بحسب في حاجة بجد " " وهي دي مش حاجة بجد ؟؟ انا هتجنن انا مش عارفة اعيش " " ايه التفاهة دي ؟ ليه مش عارفة تعيشي الجدع طيب وحنين .. حاولي تنسى الموضوع دا انتي مزوداها اوي " " مزوداها ؟ انا هموت ياماما انا بجد هموت .. هو ما ينفعش اخويا يكلمه في الموضوع دا ؟ " " انتي بتستهبلي ؟؟ انتي عايزة اخوكي يكلمه ازاي في الموضوع دا ؟ هو عيل صغير لسة هنعلمه يغسل ايده ؟ في ناس كده عادي ايه يعني " " ياماما انا بتخنق ، انا كل يوم ببقى بموت بجد " " انتي عقلك صغير اوي " *** قررت أن تطلب منه الطلاق ، وذهبت إليه بالفعل عدة مرات كي تواجهه بطلبها لكن ابتسامته الحنون التي يستقبلها بها تُصَعِب الأمر عليها . حاولت أن تتناسى المشكلة وتقنع نفسها بأنها تخلق مشكلة من لا شيء لكنها فشلت . قررت أن تطلب الطلاق بالمحكمة دون أن تواجهه بذلك وتترك عبء اخباره للمحكمة ، بالفعل توجهت في اليوم التالي للمحكمة وطلبت الطلاق للضرر ،وانتظرت أياماً وشهور حتى تنظر المحكمة في قضيتها . **** بعد سبعة أشهر من الانتظار ومن تساءله عن سر طريقة تعاملها الغريبة معه رغم عدم وجود حمل وعن شحوبها الدائم ووزنها الذي ينخفض باستمرار ونوبات الصراخ الهستيري التي تنتابها ليلاً ، جاء الرد برفض الدعوى لإنتفاء الضرر !