هناك العديد من الدراسات التي تتحدث عن وجود «مناطق رمادية» أو أسئلة غير مجاب عنها في خطاب الحركات والأحزاب السياسية الإسلامية تتعلق بمدي قدرتهم علي قبول النقد، وموقفهم من حقوق الأقليات الدينية والمرأة، ومدي إلتزامهم بالديمقراطية وبسلمية الممارسة السياسية، وقبول التعددية والقدرة علي بناء توافق مجتمعي والعلاقة بين المكون «الدعوي» والمكون «السياسي» في نشاطهم. لكن الخوف من الحركات والأحزاب السياسية ذات المرجعية الدينية ليس أمراً محصوراً علي الإسلاميين فقط؛ ففي الغرب رأي الكثيرون خطورة في المنظمات والأحزاب الديمقراطية المسيحية/ الكاثوليكية علي أساس أنها تسعي إلي قلب الأنظمة السياسية الغربية وفتح الباب أمام سيطرة الكنيسة الكاثوليكية. وقد أنحسرت هذه المخاوف منذ زمن بعيد إلتزام الأحزاب الديمقراطية المسيحية لعقود بإحترام الممارسة السياسية التنافسية الديمقراطية. ويعتبر بعض الباحثون أنه رغم أن نجاح الديمقراطيين المسيحيين في أوروبا يعد بمثابة دليل علي ان الحزب ذي المرجعية الدينية يمكن أن يكون ممارسا وفاعلا ديمقراطيا حقيقيا، إلا أن هذا الدليل لم يُختبر بالفعل علي الأقل في الحالة المصرية. إذ "أن سجل الحركات الإسلامية في السياسة الديمقراطية لا زال غير قاطع، من حيث أن الأمثلة عليه قليلة كما أنها حديثة العهد لدرجة لا تسمح باستخلاص الكثير من العبر. وليس في هذا اتهام مُوجه إلي الحركات الإسلامية، بل هو مجرد وصف واقعي لمعضلة وشكوك أولية علي كافة المنظمات السياسية حديثة العهد مواجهتها.". ويمكن الإسترشاد بتلك التوصيات في سبيل تحقيق وضوح ومصداقية في خطاب الأحزاب والجماعات السياسية الإسلامية؛ ومن أجل أن يصبح التيار الإسلامي أحد الأضلاع الرئيسية في بناء توافق مجتمعي. - ضرورة التحاور مع الأحزاب والحركات المدنية بهدف التوصل إلي تفاهم مشترك بخصوص الأسئلة الغير مجاب عنها حول البرنامج والخطاب السياسيين لتيارات الإسلام السياسي. - الدخول في حوار صريح مع ممثلي المواطنين الأقباط بشأن القضية الطائفية وموقف تيارات الإسلام السياسي من الأقليات الدينية. - الإستماع إلي رأي أعضاء جماعة الإخوان وخصوصا المرأة والشباب وزيادة فرص تمثيلهم داخل الهيكل التنظيمي للجماعة والحزب وخصوصا في المواقع القيادية كلما أمكن. - السعي إلي إجلاء الغموض والإجابة علي التساؤلات الغير مجاب عنها، بما يضمن ليس فقط إزالة الإلتباس والغموض ولكن أيضا الإستجابة لتطلعات الجمهور وإزالة لمخاوفهم المرتبطة بحقيقة نوايا تيار الإسلام السياسي. - توضيح العلاقة بين الجماعة والحزب السياسي المرتبط بها والإلتزام بحدود تلك العلاقة سرا وعلانية. - زيادة التركيز علي المساحات المشتركة للتنسيق والعمل مع القوي المدنية لتحقيق أهداف المرحلة الإنتقالية من الثورة. - تغييب النقد الذاتي أضعف الحركات الإسلامية، وكرّس أخطاءها، الأمر الذي يراه البعض سبباً رئيسياً لفشل برامج الإسلاميين على مدى عقود من السنين. ومن ثم يجب الإنفتاح علي النقد البناء وقبوله من أجل الوصول للصيغة المثلي لإدماج الإسلاميين في الحياة السياسية وتطوير أداءهم بإستمرار بما يساهم في بلورة تيار إسلامي ديمقراطي. - ضرورة زيادة مرتكزات شعبية تيار الإسلام السياسي. ففي الماضي كانت تعتمد الشعبية ليس فقط علي الفاعلية الإجتماعية للتيار ولكن أيضا نتيجة فشل التجارب السابقة والقائمة وإنتقاما من الوضع الراهن. وعليه ينبغي علي تيار الإسلام السياسي البحث عن شرعية الإنجاز أوالشرعية القائمة علي الفعالية الإجتماعية والسياسية بشكل متزايد. - توضيح كافة ما يتعلق بموضوع «تطبيق الشريعة» من حيث الماهية والكيفية والمنهاجية وهل ستطبق بطريقة جذرية أم مرحلية ومن سيطبقها وعلي من وبأي آليات. - رغم أن الممارسة السياسية هي التي ستختبر مقولة «الألتزام بمفهوم الشوري أو الديمقراطية» إلا أن الأمر يحتاج إلي مزيد من ضبط المصطلحات وتوضيح الرؤي وتطوير المفهومين والبحث عن المساحات المشتركة بينهما من حيث المقاصد النهائية لكل منهما، والإمكانية والقدرة الحقيقية علي التطبيق العملي للمفهومين. - ضمان إلتزام الجماعات والأحزاب التي تمتلك أجنحة عسكرية أو شبه عسكرية، سواء سرية أو علنية، بعدم إستخدام تلك الأجنحة في الحياة السياسية والمنافسة السياسية المشروعة. - ضرورة تجاوز سياسة التخوين والعنف اللفظي والتشكيك في وطنية الخصوم. - قبول فكرة التعددية السياسية والثقافية أو التنوع والإختلاف بإعتبارها تقليد إسلامي أصيل مارسته الحضارة الإسلامية لقرون. - تقدير دور المرأة في المجتمع وفي نشاط حركات الإسلام السياسي ذاته، وضرورة إنعكاس هذا التقدير في حصول المرأة علي الحقوق التي يتوافق عليها أغلبيتهم سواء داخل احزاب وجماعات الإسلام السياسي أو داخل المجتمع الأوسع. - الإعتماد علي شرعية الجدل العام المستمر حول القضايا العامة، كسبيل وحيد للوصول إلي القرارات والاعتراف بصلاحية السياسات والمصالح المختلفة، وكصيغة مثلي للتواصل بين تيارات الإسلام السياسي والتيارات المختلفة في المجتمع. - زيادة الوضوح في تبني مفاهيم المواطنة والمساواة، وعدم ترك قضية الوحدة الوطنية عرضة لتقلبات سياسات الحكومات وبرامج الأحزاب القابضة علي زمام الحكم، وضرورة إعتبار مسألة الوحدة الوطنية أحد الثوابت الوطنية والدستورية وأحد أركان الدولة وأسس المجتمع. - العمل علي صياغة برامج أكثر وضوحا وفعالية تركز علي المشكلات الحقيقية للمواطنين وتجعل من الأبعاد الإقتصادية والإجتماعية أولوية حقيقية وليس النواحي الثقافية والسياسية فقط. - ضرورة الإلتزام بأيديولوجيا الحركة ذاتها ليس بما يعني الثبات والجمود، ولكن بما يوفر إتساقا في الممارسات ومصداقية ومصارحة وشفافية. - بدء نقاشات جادة حول العلاقة بين ما هو دعوي وما هو سياسي في نشاط وتنظيم الحركات الإسلامية. وذلك بالقيام بنقاش داخل الحركة ونقاش موسع بين الحركة وشركاءها في الوطن. - العمل علي التقريب بين المذاهب الإسلامية. - التركيز علي الممارسات الإسلامية الأصيلة كما مارسها المسلمون الأوائل والرسول الكريم، وليس فقط وفقا لإجتهادات جماعات إسلامية لاحقة. - ضرورة حسن إختيار من يتحدث بأسم الجماعات والأحزاب الإسلامية، يما يحقق الفصل بين تصورات بعض الأفراد/ القيادات، وبين المواقف التوافقية الراسخة في التنظيم. "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت".