رئيس الوزراء يهنئ شيخ الأزهر بالعام الهجري الجديد    المستشارة أمل عمار تشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    صعود جديد ل سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء 24-6-2025 صباحًا للمستهلك    يتراجع رسميا عن 50 جنيها.. سعر الدولار مقابل الجنيه اليوم الثلاثاء 24 يونيو 2025 في البنوك    وزير البترول: وحدات التغييز الجديدة تعزز جاهزية البنية التحتية لتأمين الغاز خلال الصيف    وزير الإسكان يتابع آلية عمل وحدتي تنظيم السوق العقارية وتصدير العقار    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الثلاثاء 24 يونيو    وزير النقل يشهد توقيع عقد بناء سفينتين جديدتين من السفن العملاقة    رئيس مياه القناة الأنتهاء من تركيب مأخذ نموذجي لمحطة فناره العمده    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. اليوم الثلاثاء    رغم الهجمات المتبادلة بين الجانبين..اتفاق وقف اطلاق النار يدخل حيز التنفيذ بين إيران والكيان الصهيونى    بعد اعتقاله وإطلاقه .. ماذا وراء الاستدعاء الأمني ل(العضايلة) أرفع مسؤول بالإخوان في الأردن؟!    السوداني يأمر بالتحقيق في استهداف عدة مواقع وقواعد عسكرية عراقية    ليلة الرعب والخيبة | ترامب يخدع.. إيران تضرب.. بغداد تحترق.. الأهلي يودع المونديال    لماذا لم تتدخل روسيا لدعم إيران أمام إسرائيل؟ أستاذ علوم سياسية يوضح    واشنطن بوست: ترامب دمر خطط «الناتو» بشأن أوكرانيا بضربة إيران    «نشعر بالإحباط والحزن».. أول تعليق من محمد هاني بعد وداع الأهلي ل كأس العالم للأندية    كأس العالم للأندية| ريبييرو: قدمنا مباراة كبيرة أمام بورتو.. والحضور الجماهيري مذهل    تعليق مثير من مدرب بورتو بعد التعادل مع الأهلي: لم يكن هناك نقص في الطماطم    حالة الطقس اليوم في السعودية وارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ظهرت رسميا.. نتيجة الصف الثالث الإعدادي محافظة الأقصر 2025 برقم الجلوس استعلم الآن    ضبط 1257 قضية في حملات ب مترو الأنفاق والقطارات ومحطات السكك الحديدية    إصابة 6 أشخاص في تصادم 3 سيارات بطريق السخنة    الداخلية تضبط أكثر من 10 أطنان دقيق خلال حملات مكثفة لضبط الأسواق    بعد تدهور حالته الصحية.. تامر عبدالمنعم يعلن وفاة والده (موعد ومكان الجنازة)    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    صيف درامي ساخن.. 3 مسلسلات تستعد للمنافسة    موعد حفل صابر الرباعي في مهرجان موازين 2025    «تمويل محلي وتصنيع ذاتي وتحول رقمي».. «عبد الغفار»: مصر تطرح خارطة طريق لملف الصحة ب 3 ركائز    رئيس الوزراء يستعرض التعاون مع «برجيل القابضة» في مجال زرع النخاع    وكيل «صحة الإسكندرية» تؤكد ضرورة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    انعقاد لجنة اختيار المرشحين لمنصب عميد كلية التجارة بجامعة قناة السويس    أقوى 46 سؤالا فى الفيزياء لطلاب الثانوية العامة.. أفكار لن يخرج عنها الامتحان    عودة آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية من الأراضي المقدسة.. غدًا الأربعاء    كنائس وسط القاهرة تطلق كرنفال افتتاح مهرجان الكرازة المرقسية 2025 للأطفال    داري وعطية الله يخضعان لكشف المنشطات بعد مباراة الأهلي وبورتو    أفشة يعتذر لجماهير الأهلي بعد وداع كأس العالم للأندية    بعد توقف أسابيع.. البابا تواضروس يستأنف عظاته الأسبوعية بالإسكندرية غدًا    نانسي عجرم تحمل كرة قدم وقميص فريق منتخب المغرب ب«موازين» (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    جامعة أسيوط تطلق بودكاست "أخبار جامعة أسيوط" باللغة الإنجليزية    مسئول فلسطيني يتهم إسرائيل بسرقة منازل بالضفة أثناء اقتحامها    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 3 محافظات    الديدان الطفيلية تساعد البشر في مكافحة السمنة.. كيف؟    بوجبا يقترب من العودة إلى منتخب فرنسا    استدعاء مالك عقار شبرا المنهار لسماع أقواله    البابا تواضروس يعزي بطريرك أنطاكية للروم الأرثوذكس في ضحايا الهجوم على كنيسة مار إيلياس    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    فرص تأهل الهلال إلى دور ال 16 من كأس العالم للأندية    سلمى أبو ضيف تتصدر التريند بعد كشف تفاصيل قصة حبها مع إدريس: "طلب إيدي في إسبانيا!"    جماهير الأهلى تحفز اللاعبين بلافتات "أعظم نادى فى الكون"    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    طريقة عمل المسقعة باللحمة المفرومة في خطوات بسيطة    ترجمات| «هكذا تكلم زرادشت».. صدم به «نيتشه» التيارات الفلسفية المتناقضة في أوروبا    عرفت من مسلسل.. حكاية معاناة الفنانة سلوى محمد علي مع مرض فرط الحركة    مسئول إيراني: طهران لم تتلق أي مقترحات لوقف إطلاق النار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان وأمريكا الحلقة الأخيرة

لقاءات الجماعة بالأمريكان شملت مسئولين بالخارجية الأمريكية والمخابرات وأعضاء بالكونجرس الإخوان لم يتحركوا من أجل الرسوم المسيئة للرسول بينما تظاهروا من أجل إرسال رسائل للأمريكان
ونصل الي الحلقة الأخيرة في سلسلة مقالاتنا حول علاقة الإخوان الإستراتيجية بالولايات المتحدة الأمريكية‏,‏ وقد وصلنا فيما سبق حتي بداية الألفية الثالثة‏,‏ وقلنا أن العلاقة وصلت إلي ذروتها بلقاءات علي أعلي مستوي وصلت في بعض الأحيان إلي المستوي الرئاسي‏,‏ ورد الأمريكان بحضور مكثف لجميع محاكمات الجماعة‏,‏ الأمر الذي اعتبرته الحكومة المصرية تدخلا سافرا في شئونها الداخلية‏,‏ وبدأت التحركات إلي واشنطن‏,‏ فتم التغاضي عن هذه الموضوعات ووعدت واشنطن بالأخذ في الإعتبار حساسية تلك الموضوعات بالنسبة لمصر‏.‏
وفي دراسة أعدتها الجماعة حول استراتيجية تعاملها مع الولايات المتحدة الأمريكية تحمل عنوان‏,(‏ رؤية الإخوان للسياسة الأمريكية وكيفية التعامل معها‏)‏ انتهت الجماعة إلي وجوب استمرارية الإعلان عن معارضة الجماعة لسياسة الإدارة الأمريكية‏,‏ مع استمرار السعي لفتح قنوات اتصال معها‏..‏ في ذلك الوقت
‏(‏ أواخر‏2004)‏ عقد التنظيم الدولي للإخوان اجتماعا في العاصمة التركية اسطنبول‏,‏ شارك فيه ممثلو الأجنحة الإخوانية بكل مصر‏(‏ مصر فلسطين الأردن الجزائر‏)‏ تمت خلاله مناقشة الانفتاح علي الإدارة الأمريكية انطلاقا من العلاقة القديمة والمستمرة بينهما‏.‏
كما استغلت الجماعة سماح السلطات للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح للسفر خارج البلاد بالنظر لموقعه كأمين اتحاد الأطباء العرب للمشاركة في حضور المؤتمرات التي يشارك فيها مسئولون أمريكيون ومن بينها مؤتمر عقد بالعاصمة التركية اسطنبول نهاية شهر أبريل عام‏2005‏ تحت عنوان‏(‏ الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني‏)‏ شارك فيها من الجانب الأمريكي‏,‏ ريتشارد ميرفي‏(‏ المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكي لشئون الشرق الأوسط‏)‏ وجورج تينت‏(‏ الرئيس السابق للمخابرات الأمريكية‏),‏ ومن الإخوان الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح‏,‏ كما التقي أيضا الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح ومهدي عاكف‏,‏ بالأمريكي جون شانك وهو شخصية بارزة بالكونجرس الأمريكي خلال شهر سبتمبر عام‏2004,‏ والذي أبلغهما استعداد السفير الأمريكي بالبلاد لاستقبال قيادات الجماعة والاستماع لوجهة نظرهم واقتراحه بتشكيل وفد إخواني لزيارة أمريكا والالتقاء بالمسئولين بوزارة الخارجية‏,‏ كما عقد ممثلو الحكومة الامريكية عدة لقاءات مع العديد من الرموز الإخوانية ونوابها بمجلس الشعب من بينها لقاء النائب السابق محمد سعد الكتاتني‏(‏ مسئول الكتلة البرلمانية للإخوان‏)‏ بزعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس النواب الأمريكي ستاني هويد بمنزل السفير الأمريكي بالقاهرة في‏2007/4/4‏ خلال حفل الاستقبال الذي أقامه السفير الأمريكي بالبلاد بمناسبة زيارة وفد الكونجرس للقاهرة‏,‏ وسيق هذا اللقاء‏,‏ لقاء آخر للنائب سعد الكتاتني بالمستشار السياسي للسفارة الأمريكية بالقاهرة للحصول علي تأشيرة دخول للولايات المتحدة الأمريكية خلال شهر مارس‏2007,‏ حيث أبلغه الدبلوماسي بإختياره كمندوب اتصال بين جماعة الإخوان والإدارة الأمريكية‏.‏
انصياع إخواني للأمريكان
ومن أبرز المؤشرات التي تؤكد انصياع الجماعة لرغبات الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي موقفها من الرسوم المسيئة للرسول صلي الله عليه وسلم‏,‏ التي أوجعت أقباط مصر قبل مسلميها عدا جماعة الإخوان‏,‏ التي لم يتحرك لها ساكن باستثناء بيان هزيل‏,‏ أصدرته الكتلة البرلمانية الإخوانية‏,‏ في الوقت الذي طالبت فيه بتنظيم مظاهرات مليونية للتنديد بموضوعات كالتعديلات الدستورية‏,‏ أو مد قانون الطوارئ أو الدفاع عن القضاة‏,‏ وقامت الجماعة بتنفيذ وصية كوندوليزا رايس‏,‏ حول ما اسمته بالفوضي الخلاقة‏,‏ الذي اتفق أغلب المحللين السياسيين علي أنه مصطلح وضع لوصف أي نوع من أنواع الفوضي التي تصب في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية‏,‏ وليس أدل علي ذلك من مقال للباحث الأمريكي
‏(‏ مايكل ماكفيل‏)‏ في مجلة
‏(‏ البوليسي ريفيو‏)‏ قال فيه إنه لم يعد في وسع الولايات المتحدة الحفاظ علي الوضع الراهن فقط فهي تسعي إلي التغيير وهذه المهمة لابد وأن تكون عدوانية بطبيعتها‏.‏
ولم تكذب الجماعة خبرا‏,‏ حيث قامت الجماعة أخيرا في محاولة لإشاعة جو من الفوضي وزعزعة الاستقرار في مصر بتبني الدعوة للعصيان المدني في البلاد تنفيذا لوصية أسوأ وزيرة خارجية للولايات المتحدة في تاريخها‏.‏ لكن رغبة الشعب المصري الواعي في الاستقرار حالت دون أن تصل إلي غايتها‏.‏
مراكز البحوث الأمريكية والدعوة للحوار مع الإخوان‏:‏
قبل ذلك بقليل‏,‏ وفي مارس‏2006‏ كان عدد من الباحثين بمؤسستي كارنيجي اندومينت للسلام الدولي وهبربرت كواندت‏,‏ قد أكد في دراسة مشتركة حملت عنوان المناطق الرمادية‏:‏ الحركات الإسلامية والعملية الديمقراطية في العالم العربي‏,‏ علي ان سياسة المشاركة مع المنظمات الإسلامية‏,‏ وبخاصة مع الأجنحة الإصلاحية فيها هي الخيار البناء الوحيد المتاح أمام المنظمات والحكومات التي تعتقد أن تنمية الديمقراطية في الشرق الأوسط هي في مصلحة الجميع‏.‏
بني هؤلاء الباحثون استنتاجهم الأخير علي فرضيتين أساسيتين‏,‏ الأولي‏:‏ تمثلت في عدم وجود امكانية لتشجيع أي عملية للتحول الديمقراطي أو علي الأقل التحول الليبرالي‏,‏ دون أن يحدث في نفس الوقت نفوذ متزايد للحركات الإسلامية‏,‏ وذلك في معظم الدول العربية‏.‏
والثانية‏:‏ ان المساعدات الديمقراطية سواء في شكلها المحايد فيما يتعلق بتدريب جميع الأحزاب السياسية‏,‏ أو حتي في شكل التمويل المباشر للأحزاب العلمانية ومنظمات المجتمع المدني‏,‏ لن تؤدي إلي تغيير هذه الحقيقة‏,‏ نظرا للضعف الشديد الذي تعاني منه تلك الأحزاب‏,‏ بالاضافة الي انعدام شعبيتها في الشارع العربي‏.‏
وأقرت الدراسة في الوقت نفسه بوجود عدد من المناطق الرمادية في فكر وأيديولوجية ومواقف الحركات الإسلامية لا يمكن إحداث تغيير جذري عليها في المدي المنظور‏,‏ مشددة علي ان حسم هذا الغموض في موقف تلك الحركات من هذه القضايا‏,‏ هو المحدد الأساسي الذي سيقرر ما اذا كان صعودها سيقود بلدان العالم العربي‏,‏ في نهاية المطاف‏,‏ الي الديمقراطية أم إلي شكل جديد من النظم السلطوية ذات الطبيعة الإسلامية‏,‏ وحدد الباحثون المناطق الرمادية بست مناطق أساسية هي‏:‏ الموقف من الشريعة الإسلامية‏,‏ والعنف‏,‏ والتعددية‏,‏ والحقوق المدنية والسياسية‏,‏ وحقوق المرأة‏,‏ والأقليات الدينية‏.‏
الملاحظة الأولية علي هذه الدراسة المهمة من حيث ما وصلت اليه من استنتاجات هي عدم تحديد الأسباب الحقيقية وراء صعود التيار الإسلامي السياسي في المنطقة العربية‏,‏ طوال سبعينيات وثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي‏,‏ واعتمادها آلية التصويت في الانتخابات البرلمانية عاملا وحيدا لحسم وقياس شعبية التنظميات السياسية‏,‏ دون النظر إلي ضعف نسب التصويت في مجمل البلدان العربية‏,‏ وشيوع ظاهرة الأغلبية الصامتة‏,‏ التي لا تشارك في العملية السياسية من قريب أو بعيد بما في ذلك التصويت في أي انتخابات‏,‏ برلمانية كانت أم بلدية‏,‏ إضافة إلي ظواهر أخري لا تقل أهمية مثل التصويت الإحتجاجي الذي أدي لنجاح هذا الكم الكبير من مرشحي الإخوان في مصر عام‏2005,‏ وكذا ظاهرة تفتيت الأصوات نفس الظاهرة التي أعتمدت عليها الإخوان كتكتيك إنتخابي أدي إلي خروج عدد لا بأس به من مرشحي الحزب الحاكم من الجولة الأولي عام‏2005‏ أيضا‏,‏ وهو ما لم ترصده أو تشر إليه الدراسة من قريب أو من بعيد عند تقييمها لحجم شعبية الإخوان في الشارع‏.‏
وبغض النظر عن هذه الملاحظات الأولية‏,‏ التي كان من الممكن ان تحدث فرقا ملحوظا في الاستنتاجات التي توصلت إليها الدراسة لو تمت العناية بها‏,‏ فأننا نود أن نطرح عددا من الأسئلة نراها أكثر ارتباطا بتلك الاستنتاجات النهائية‏,‏ وهي تلك المتعلقة بتشديد الدراسة علي وجود صراع حقيقي بين جناحين في الحركات الإسلامية الكبري والسؤال هنا‏,‏ ما هو شكل ومدي هذا الصراع؟ ومن الذي يمسك بكل خيوطه الفاعلة‏,‏ ان وجد ؟ وهل بالفعل مجرد حدوث انفراج ديمقراطي حقيقي في المجتمع يعزز من دور ذلك الجناح المسمي بالاصلاحي داخل تلك الحركات؟‏!‏
وهنا لابد ونحن نختم تلك السلسلة من المقالات‏(‏ ولا أقول الدراسة فقد جاءت علي عجل بحكم المناسبة‏),‏ أن نجيب عن تلك الأسئلة ونبدأ بالسؤال الأول متخذين من جماعة الإخوان المسلمين كبري الحركات الإسلامية في العالم العربي نموذجا‏.‏
ازمة حزب الوسط
لقد كشفت أزمة حزب الوسط وما نتج عنها من فصل لعدد من أهم قادة جيل الشباب داخل جماعة الإخوان النقاب عن الكذبة الكبري التي راح البعض يلوكها زمنا طويلا حول وجود تيارين داخل الجماعة‏,‏ أحدهما نعتوه بالإصلاحي‏.‏
لقد قدم مؤسسو حزب الوسط‏,‏ برنامجا للمراجعة الشاملة لسياسات الجماعة‏,‏ تضمن التاريخ والحركة والفكر‏,‏ ظنا منهم أن هذا دور يجب عليهم القيام به من أجل نهضة التنظيم وتقدمه‏.‏
وتضمنت رؤية الوسطيين فيما يتعلق بالتاريخ ضرورة دراسة الأخطاء الكبري التي ارتكبتها الجماعة‏,‏ وأهمها انشاء النظام الخاص والأعمال الإرهابية التي قام بها‏,‏ وكذلك الصدام مع عبد الناصر ومسئولية الجماعة عنه‏,‏ ومشروعية عودة الجماعة في السبعينيات وطريقة اختيار المرشد وقتها‏,‏ كذا الطريقة التي اتبعها رجال النظام الخاص في الاستحواذ علي القرار داخل الجماعة‏,‏ وأخيرا اهدار الفرصة التاريخية التي قدمها اليهم الرئيس الراحل أنور السادات حينما رفضوا عرضه بإنشاء حزب سياسي‏.‏
وشملت رؤيتهم للمراجعة الحركية‏,‏ ضرورة التحديد الدقيق والحاسم للشكل التنظيمي الذي يجب ان تعمل من خلاله الجماعة‏,‏ اذ لايجوز الجمع بين شكل الجماعة الدعوية والحزب السياسي‏,‏ فالأول ملك للأمة وناصح أمين ومعين لها علي اختياراتها‏,‏ اما الثاني فمنافس للقوي السياسية الموجودة‏.‏
ولفتت توصياتهم الخاصة بالمراجعة الفكرية الي أهمية مراجعة أفكار ورؤي الجماعة‏,‏ بما فيها مؤسسها حول قضايا المرأة والعمل الحزبي والمجتمع الجاهلي واستخدام القوة في التغيير‏,‏ كذا الأفكار المتعلقة بالمواطنة والتعددية والنظرة الي السلطة الحاكمة‏,‏ وقضايا قبول الآخر والديمقراطية والمرجعية والإسلامية‏.‏
فماذا كانت النتيجة؟‏!..‏ تم فصل هؤلاء الشباب‏,‏ علي خلفية موقفهم السابق‏,‏ كما تم اصدار تحذيرات مشددة تقضي بعدم التعامل معهم‏,‏ اضافة الي سحب جميع التوكيلات الممنوحة إلي وكيل المؤسسين من قبل اعضاء الجماعة‏.‏
لقد لخص المهندس أبو العلا ماضي‏,‏ أحد أهم قادة الجيل الوسيط السابق بالإخوان‏,‏ ازمة الجماعة بالقول‏:‏ كنا نجمع الناس من كل مكان‏,‏ وهم يوظفونهم عبر عمليات تجنيد‏,‏ تبدو في الظاهر لمصلحة التنظيم‏,‏ ولكنها في واقع الأمر كانت تصب في خانة الانتماء لهم كأشخاص علي خلفية مبدأ السمع والطاعة‏.‏
تلك هي الحقيقة المريعة‏,‏ التي لايعرفها سوي من اكتوي بنارها‏,‏ اذ لايوجد ما يسمي بتيارين داخل حركة الإخوان‏,‏ انما هو مبدأ واحد يسيطر علي الجميع‏,‏ السمع والطاعة‏,‏ دون مناقشة ومن يعترض ليس له مكان داخل الجماعة‏.‏
ان هذه الحركات تعمل في مجال السياسة بروح الجندية‏(‏ سبق أن قرأنا هذا التوصيف في مذكرة عاكف عندما كان يتحدث عن محاذير العلنية في أمريكا‏..‏ راجعه‏),‏ تيار واحد وفلسفة واحدة يمثلها جيل واحد‏,‏ يري أن هذه الجماعة هيئة جامعة سياسية واجتماعية واقتصادية وبجملة واحدة دولة داخل الدولة فهل هذا ما تريد مراكز البحوث الأمريكية ان تتبناه ادارتهم‏,‏ وتقوم بدعمه في مواجهة كل قوي المجتمع المدني بجميع أشكالها وانتماءاتها من أحزاب ومؤسسات وجمعيات وحركات سياسية‏.‏
المناطق الضبابية والمجهول‏:‏
إن المناطق الضبابية الست التي أشارت اليها الدراسة لا يمكن حسمها لا بشكل كلي ولا بشكل جزئي‏,‏ لصالح تقدم تلك المجتمعات سواء علي المدي المنظور أو علي المدي الطويل‏,‏ لأن حسما علي هذا المستوي الذي أشارت اليه الدراسة يعني أننا سنكون أمام حركات أخري قد يطلق عليها أي تسميات غير مسمي الحركات الإسلامية‏.‏ ان تغييرا أو تبديلا جذريا يطرأ علي موقف الحركات الإسلامية من تلك القضايا سيقلبها الي حركات ليبرالية عادية لأن هذه العملية ستكون بمثابة تفريغ لهذه الحركات من محتواها وتوجهها الحقيقي وهو ما لن ينجح إلا عبر اختفاء تلك الحركات نفسها‏,‏ وبالتالي فإن المنطق يدفع باتجاه دعم قوي وجاد وفعال ليس للأجنحة الإصلاحية
‏(‏ عير الموجودة‏)‏ داخل الحركات الإسلامية ذات المناطق الضبابية‏,‏ وانما لمؤسسات المجتمع المدني بكل أشكالها وصورها‏(‏ أحزاب وجمعيات ومنظمات وحركات سياسية واجتماعية‏)‏ في مواجهة ذلك الغول المتغول المسمي بالحركات الإسلامية‏,‏ هذا اذا أردنا خيرا لهذه المجتمعات ولمجمل المجتمع الإنساني‏,‏ فمن جهة نحن ندفع تلك الحركات الي احداث أكبر عملية تغيير في بناها الفكرية والحركية‏,‏ ومن جهة نشد عضد قوي المجتمع الحية حتي تنهض تلك المجتمعات بسواعد مجمل ابنائها وليس بسواعد البعض دون الآخرين‏.‏
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.