وزير السياحة والآثار يتابع أعمال غرفة عمليات انتظام الحركة السياحية في مصر    مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة: الضربات ضد إيران قد تستغرق أياما أو أسابيع    الجيش الإسرائيلي يدعي تدمير عشرات منصات الصواريخ الإيرانية    بدون زيزو وبن رمضان.. إكرامي يختار تشكيل الأهلي في كأس العالم للأندية    ليفربول يكشف موعد الإعلان عن ضم فيرتز    حريق يلتهم شقة سكنية في الوادي الجديد.. وسرعة التدخل تمنع كارثة    إزالة 8 حالات تعدي على الأراضي الزراعية بالشرقية    وليد قطب يكتب: مصر وأمنها خط أحمر    رحلة تعريفية لوفد من المدونين والمؤثرين الأمريكيين بالمقصد المصري    المشاط تبحث مع سفير المملكة المتحدة في مصر دفع العلاقات الاقتصادية    الأهلي يهنئ نادي سيراميكا ببطولة كأس عاصمة مصر    مدير بايرن يثير الشكوك حول مستقبل كومان بعد كأس العالم للأندية    ساني واثق في التواجد مع ألمانيا بكأس العالم 2026    القاصد يهنئ محافظة المنوفية بعيدها القومي    الداخلية تكشف تفاصيل تعرض أفراد أمن لهجوم مسلح بالقاهرة| فيديو    إصابة 3 أشخاص في مشاجرة مسلحة بقنا    بالصور.. «الفندق» في أول لياليه على مسرح ملك    خاص| سلوى محمد علي: انفصال بشرى فاجأني وأنهت العلاقة بشياكة    «نويرة» تغني تترات الدراما المصرية على المسرح الكبير بالأوبرا    الطيران المدني: المجال الجوي آمن.. ورفع درجة الاستعداد القصوى    الرعاية الصحية والجمعية المصرية لأمراض القلب تختتمان حملة التوعية بقصور عضلة القلب بيوم رياضي    قلق عالمي بسبب انتشار «السعال الديكي».. أسبابه وطرق الوقاية منه    «الفجر الساعة 4,18».. مواعيد الصلوات الخمسة فى المنيا والمحافظات السبت 14 يونيو    بيريز يدعم لاعبي ريال مدريد قبل مواجهة الهلال في كأس العالم للأندية    ميناء دمياط يستقبل 5 أوناش رصيف عملاقة لمحطة الحاويات «تحيا مصر 1»    «الرقابة النووية»: نتابع كافة التطورات ونرصد المستويات الإشعاعية في مختلف أنحاء الجمهورية    قرار جديد من الفيفا قبل انطلاق مونديال الأندية    الفيلم المصري «happy birthday» يحصد 3 جوائز من مهرجان تريبيكا بأمريكا    أنشطة وورش متنوعة لأطفال روضة السيدة زينب احتفالا باليوم العالمي للعب    خطباء المساجد بشمال سيناء يدعون للوقوف صفا واحدا خلف القيادة السياسية    تجهيز 24 استراحة للمشاركين في امتحانات الثانوية العامة ب كفرالشيخ    إصابة 5 أشخاص في حادث انقلاب سيارة بوسط سيناء    شديد الحرارة ورياح وأتربة.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الأيام المقبلة    3 أيام متتالية إجازة رسمية للموظفين والبنوك والمدارس    إنفوجراف| إسرائيل تدمر «عقول إيران» النووية.. من هم؟    إخلاء سبيل والد عريس الشرقية المصاب بمتلازمة داون ووالد عروسه    حملات أمنية لضبط جالبي ومتجري المواد المخدرة والأسلحة النارية والذخائر غير المرخصة في أسوان ودمياط    أسباب عين السمكة وأعراضها ومخاطرها وطرق العلاج والوقاية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    الحج السياحي في مرآة التقييم ..بين النجاح وضيق المساحات.. شركات السياحة تطالب بآليات جديدة لحجز مواقع الحجاج بالمشاعر المقدسة .. دعوات بعودة التعاقد الفردي مع المطوفين    وكيل الأوقاف ببني سويف يوجه بضبط استخدام مكبرات الصوت لعدم إزعاج المواطنين    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من الجامع الأزهر    رسالة سلام من الباليه الوطني الروسي للعالم بالأوبرا    محمد هاني: "لم يخطر على بالي انضمام زيزو إلى الأهلي"    رئيس مدينة بلبيس يتعرض لمحاولة اعتداء مسلح أثناء ضبط مخالفة بناء    من صمت الصخور إلى دموع الزوار.. جبل أحد يحكي قصة الإسلام الأولى    بعد استهداف إيران.. رئيس الأركان الإسرائيلي: «كل من يحاول تحدينا سيدفع ثمنا باهظا»    الدولار الأمريكي يرتفع متأثرا بالضربة الإسرائيلية على إيران    أبو العينين: طارق أبو العينين ابتعد عن سيراميكا كليوباترا بعد انضمامه لاتحاد الكرة    سعر الفراخ بالأسواق اليوم الجمعة 13-6-2025 فى المنوفية.. الفراخ البيضاء 87 جنيه    رئيس الوزراء: نتابع الموقف أولا بأول وتنسيق بين البنك المركزي والمالية لزيادة مخزون السلع    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 13-6-2025 في محافظة قنا    في ختام رحلة الوفاء.. أسر الشهداء يغادرون المدينة المنورة بقلوب ممتنة    مع إعلانها الحرب على إيران.. إسرائيل تُغلق مجالها الجوي بالكامل    نتيناهو: نحن في لحظة حاسمة في تاريخ إسرائيل وبدأنا عملية «شعب كالأسد» لإحباط المشروع النووي الإيراني    تعرف على برامج الدراسة بجامعة السويس الأهلية    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025.. عطلة رسمية للقطاعين العام والخاص    تعامل بحذر وحكمة فهناك حدود جديدة.. حظ برج الدلو اليوم 13 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلال فضل يكتب : أردوجان والفلول
نشر في كلمتنا يوم 20 - 09 - 2011

أما لهذه الفلول من آخر؟ سؤال أسأله لنفسى كلما حضرت اجتماعا رسميا أو خاصا، لأجد أغلب المتصدرين لحضوره من فلول النظام المباركى اللعين، وأغلبهم لم يكونوا مشاركين فى فساده وقمعه بالصمت والتواطؤ فقط، بل كانوا من المساندين بالقول والرأى والجهد. دعنى أعترف أننى أشعر بتناقض عندما أتحمس للمطالبة بعزل قيادات الحزب الوطنى عن الحياة السياسية، عندى يقين أن هؤلاء لو خاضوا معركة انتخابية تتوفر لها ضمانات الرقابة القضائية والحقوقية والشعبية والدولية سينهزمون شر هزيمة وسينكشف حجمهم الطبيعى دون أن ينالوا فرصة الظهور بمظهر المقموعين المحرومين من حقوقهم السياسية، لا أستطيع أن أنسى كيف كانوا ينجحون على الحركرك فى ظل تزوير مفضوح ومال مسفوح وأمن سنكوح، لذلك أثق بأن إرادة ملايين الثائرين ستحاصر كل هذه الوسائل وستمنعهم من اللعب بها فى المعركة الانتخابية، لكننى كلما شاهدتهم يتقافزون فى هذا المحفل أو تلك المناسبة، وهم يتحدثون عن تضحياتهم من أجل الوطن وكراهيتهم للنظام المباركى أجد أن ذلك اليقين يختفى تماما لتحل مكانه مخاوف من قدراتهم الشيطانية على تبديل الوشوش واللعب بالثلاث سلطات وتتملكنى رغبة عارمة ليس فقط فى عزلهم سياسيا، بل فى أن يلقوا مصير «المخلفين فى الأرض» الذين تحدث عنهم القرآن الكريم ولكن لمدة ثلاثين عاما، ولست واثقا أن الحال سينتهى بأغلب هؤلاء نادمين على أخطائهم كما ندم الثلاثة الذين خلفوا والذين أتقدم لهم بخالص الاعتذار للزج بمقامهم الرفيع فى تشبيه مع أصحاب مقام وضيع كقادة الحزب الوطنى.
لست ضد حق الإنسان فى أن يحضر حفل عشاء فيأكل فيه كما يحلو له، ويبرطع بين الحاضرين موزعا سماجاته عليهم، لكننى أطالبه فقط بأن يجعل عنده دما يفترض أنه ورثه من دماء الذين خلفوه، فلا يجرؤ على التحدث باسم ثورة قامت لتطهير الحياة السياسية من أمثاله وكان يتمنى لها الفشل لكى تستمر مصالحه ومكاسبه. كل هذا قلناه لأنفسنا ونحن نشاهد أسئلة بعض رموز النظام المباركى وهى تنهال على رجب طيب أردوجان تافهة ومخجلة وكاشفة عن رغبة صاحبها فى أن يقول للجميع «أنا هنا ما زلت قادرا على الوجود رغما عن أنوفكم ولن أمنحكم فرصة الراحة من وجهى أبدا». قالت الأستاذة أهداف سويف معلقة «يبدو أن الثوار يمتلكون شجاعة إسقاط النظام لكنهم لا يمتلكون شجاعة الحصول على الميكروفون التى يمتلكها الفلول». عندما وصل اثنان من الثوار أخيرا إلى الميكروفون بعد طول عناء، قاما بتوجيه سؤالين للرجل كان كل منهما بمثابة توريطة سياسية أفلت منها ببراعة. كان السؤال الأول عما سماه السائل «الجمهورية الثانية» التى بدأ أردوجان الآن فى إرساء دعائمها وهو يواجه العسكر، وكيف يمكن أن تستفيد مصر من هذه التجربة؟ أردوجان بادر إلى نفى وجود أى خلافات بينه وبين المؤسسة العسكرية التى يقدرها الأتراك، نافيا أن تكون هناك أصلا جمهورية ثانية من أساسه. قال الدكتور عمرو الشوبكى المتخصص فى الشأن التركى لصاحب السؤال لو كان أردوجان قد وافقك أو حتى صمت على ما قلته لتعرض لأكبر أزمة سياسية فى تاريخه، فالحديث عن جمهورية ثانية خط أحمر فى تركيا التى يقدر شعبها مؤسس جمهوريتهم مصطفى كمال أتاتورك ويفخرون بها وبه. أخذت أتأمل فى إجابة أردوجان السياسية الحكيمة التى تبدو مهادنة لقادة الجيش التركى، وأتذكر صورته الشهيرة التى نشرتها وكالات الأنباء وهو يمشى منتصب القامة وخلفه يسير قادة المؤسسة العسكرية بعد معركة سياسية خاضها معهم انتهت بانتصاره، مستندا إلى إرادة شعبية كاسحة، قلت لنفسى هذا رجل تعلم من تجاربه جيدا، وأصبح يدرك أن أى معركة سياسية شائكة لا يمكن حسمها بنبل الشعار أو عظمة الأهداف، بل لا بد لها من عمل شاق وسط الناس. لا تتحدث عن رغبتك فى تغيير الواقع، اعمل على تغييره دون أن تتحدث كثيرا عن رغباتك وعندها فقط سيتغير الواقع.
هل تعلم أن السؤال الذى تم توجيهه لأردوجان حول المرجعية الإسلامية لحزبه وأقامت إجابته الدنيا ولم تقعدها، لم يكن المقصود منه توريط أردوجان أبدا، بالعكس فقد كان سائله الكريم الدكتور محمد أبو الغار يطلب منه بحسن نية أن يوجه نصيحة إلى زملائه من أصحاب الأحزاب المصرية ذات المرجعية الإسلامية، وكان طبيعيا لمن يعرف تركيا جيدا أن يبادر أردوجان فورا إلى نفى أن يكون حزبه ذا مرجعية إسلامية أصلا، لكى يستطيع حزبه أصلا أن يكمل تصدره الساحة السياسية، مؤكدا احترام حزبه للنظام العلمانى الذى تقوم عليه الدولة التركية، وهو ما اكتفت أغلب الصحف بالتركيز عليه والحديث عن خيبة أمل التيار الإسلامى الذى هلل لأردوجان، وكان الأولى بالجميع أن ينقلوا نص إجابة أردوجان التى جاءت شديدة العمق وتحمل فى طياتها معانى كثيرة للراغبين فى التفكير والتغيير. تحدث أردوجان عن وجود معانٍ متعددة للعلمانية فى العالم تختلف من بلد إلى آخر، ومر عليها سريعا، مشيرا ضمن كلامه إلى مفهوم العلمانية الشاملة والعلمانية الجزئية الذى كتب عنهما أستاذنا الدكتور عبد الوهاب المسيرى كتابا من جزأين لم يهتم أحد بتبسيطهما وتقريبهما للناس، ثم قال إن حزبه عندما قرر اختيار مفهوم يناسبه للعلمانية اختار المفهوم الموجود فى الدستور التركى، وهو أن تقف الدولة على مسافة واحدة من كل الأديان، لكن ذلك لا يعنى نفى الهوية الإسلامية لقادة الحزب، فهم مسلمون كغيرهم من الأتراك، لكنهم لا يحكمون باسم الإسلام، لكى لا يتحمل الإسلام مسؤولية أخطائهم، بل يتحملونها هم كبشر.
أخذت أستمع إلى حديث أردوجان وأنا أتذكره وهو يقف قبل سنوات ملقيا خطبة حماسية جلجل فيها بأبيات شعر تحن إلى تركيا الإسلامية وتطالب المآذن بأن تتحدث، ليدخل بسبب خطبته إلى السجن، وأخذت أقارنه بأردوجان الذى أراه الآن، تذكرت أننى لم أصادف طيلة علاقتى بتركيا التى يبلغ عمرها سبع سنوات مواطنا تركيا يحب أردوجان إلا وقال لى إنه يحبه لأنه «مسلم من أهل التقوى وزوجته محجبة ويعرف أن سرقة المال العام حرام». ولم أصادف مواطنا تركيا يعارضه إلا وقال لى إنه يكرهه لأنه يتاجر باسم الدين ويضحك على البسطاء ويتمسكن حتى يتمكن فيعتدى على حريات الناس ويسقط العلمانية التى ناضل أتاتورك من أجلها، لكن أردوجان لم يتوقف عند أقوال محبيه أو كارهيه، بل واصل هو وقيادات حزبه العمل وسط الناس، لاعبين على مساحة المسكوت عنه كما يجب لسياسى أن يلعب بذكاء، مترفعين عن الدخول فى متاهات التفاصيل، ومتعلمين من دروس الماضى التى أكدت لهم عبث مناطحة صخور الواقع الراسية، ومؤمنين بالقاعدة الشرعية التى تؤمن بأنه أينما وجدت المصلحة فثم وجه الله.
وأن ليس للإنسان إلا ما سعى.
المصدر : جريده التحرير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.