آخر ما قاله طلعت زكريا إنه على استعداد للذهاب إلى المحكمة للشهادة ضد مبارك، مؤكدا أنه اعترف له بحصوله على عمولات من صفقات السلاح والبترول، وذلك فى اللقاء الذى تم بينهما قبل الثورة بنحو ثلاثة أشهر، هذا هو ما أكده موقع «mbc» مؤخرا فى حوار مع طلعت، عندما قال له مبارك على فكرة يا طلعت أنا عندى معاش ومرتب وعمولات.. فى التحقيقات أنكر تماما مبارك حكاية تلك العمولات، فقرر طلعت أن يفضحه على صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية، بل طلب من المحكمة أن تستدعيه ليكشف كذب الرئيس! كلنا شاهدنا طلعت يبكى مرة على مبارك، ويفضح الثوار، ويتهمهم فى شرفهم، وأخرى يستهين بالمقاطعة التى انتشرت على «فيسبوك» ضد أعماله الفنية، وكان من نتيجتها الضربة القاضية التى منى بها فيلمه «الفيل فى المنديل» بعد عرضه بدقائق، بل أدت أيضا إلى أن عددا كبيرا ممن اتفقوا معه على المشاركة فى أعمال فنية أخرى ألغوا تعاقداتهم معه.. كان طلعت يستهين بكل ذلك، مرددا إذا كان هناك مليون سوف يقاطعونه، فإن لديه 10 ملايين سوف يقطعون التذكرة لمشاهدة فيلمه، إلا أنه فى الواقع لم يعثر على أثر يذكر لأى من هؤلاء فى دار العرض.. طلعت كان هو أكثر النجوم وجودا فى كل برامج رمضان، وجدوا فيه ورقة مختلفة، لأن أغلب النجوم كانوا من مؤيدى الثورة، حتى أعداؤها والمستفيدون من العهد البائد قفزوا إلى قطار الثورة، بل إن بعضهم سارع بالمشاركة فى أفلام تنحاز للثورة، وتهاجم العهد البائد بكل ضراوة.. طلعت كان ثابتا فى لقاءاته، فهو يحب مبارك، ولا ينكر عشقه له، كنت أراه دائما حالة خاصة، عندما التقى مبارك على مدى أكثر من ساعتين، وجد نفسه ينتقل من موقع نجم الصف الثانى فى الكوميديا، ليتقدم صفوف كل نجوم الكوميديا، بل و«الجانات» بهذا اللقاء، وكتبت وقتها فى «الدستور» الأسبوعى عن سر اللقاء بين الطباخ ورئيسه، ولاحظت أن الرئيس عندما يلتقى أى إنسان بسيط فى الطريق -وكانت كل اللقاءات مدبرة لا صدفة- تحرص أجهزة الإعلام والصحافة على إبرازها فى الصفحات الأولى، باعتباره حدثا يصب فى صالح مبارك، بينما هذه المرة تم التعتيم المتعمد، لأن النظام لم يستطع أن يقول لا لمبارك، ويمنعه من تحقيق رغبته بلقاء طلعت، فى نفس الوقت كان الإحساس بتلك الرغبة، باعتبارها تقلل من مكانة الرئيس، فهو بحكم كونه رئيسا يلتقى السوبر ستار.. بعدها تحدى طلعت التعتيم الإعلامى الرسمى، وخرج إلى الفضائيات الخاصة والعربية، مؤكدا أن مبارك كلفه بإقامة عيد الفن، ووافق أيضا على تقديم الجزء الثانى من طباخ الريس، بعد أن استمع منه إلى القصة وأعجبته وأنه -أى طلعت- لن تستطيع الرقابة أن تمنعه من تصوير الفيلم، لأن الرئيس ضمن له الحماية! كان تحليلى لهذا اللقاء أن مبارك ربما وهو يحرك الريموت كنترول بين الفضائيات كعادته ليلا، شاهد مقطعا من الفيلم، فكسر الحائط الوهمى بين الطباخ طلعت والفنان طلعت.. كل اللقاءات التى أجراها مبارك بعد ذلك مع النجوم كانت بترتيب من زكريا عزمى، حتى لا تهتز مكانة مبارك، لو أنه اكتفى بلقاء طلعت فقط، وهكذا أعقب دعوته إلى الفنانين، للقائهم مع عدد من الأدباء حتى لا يقال إنه تخصص نجوم تمثيل فقط.. ومن أشهر المعتذرين كان عادل إمام، واعتبر اعتذاره أحد توابع لقاء مبارك مع طلعت، لأنه عز عليه بعد كل الذى قدمه للنظام ودفاعه المستميت عن التوريث أن يختار مبارك طلعت، ويجلس معه ساعتين، ثم يجد عادل نفسه فى لقاء مع نحو 10 نجوم، ويومها قال عادل إن ما أعاق ذهابه تناوله وجبة جبنة بالشطة، أدت إلى إصابته بإسهال، ولم تكن هذه هى الحقيقة! بينما الحقيقة هى أن طلعت صار بعد هذا اللقاء يحب مبارك، وحيث إنه لن يلتقيه مجددا فى قصر العروبة، فليس أمامه سوى أن يلتقيه فى ساحة المحكمة، حتى لو شهد ضده وأودى به إلى السجن.. ومن الحب ما قتل! المصدر : جريده التحرير