محافظ بني سويف: حياد تام وتيسيرات شاملة في انتخابات مجلس النواب 2025    تقديرًا لأمانته.. مدرسة بقنا تكرم تلميذًا أعاد «انسيال ذهب» لمعلمته    أسعار اللحوم اليوم الأحد 9 نوفمبر 2025    ارتفاع أم استقرار.. أسعار الذهب في مصر اليوم الأحد 9 نوفمبر 2025 وأسعار الأوقية عالميًا    ارتفاع النقد المصدر والمتداول إلى 1.506 تريليون جنيه بنهاية يونيو 2025    محافظ المنوفية: مشروعك وفر 20 فرصة عمل بتمويل يقرب من مليوني جنيه خلال أكتوبر    طريقة إضافة الزوجة والأبناء على بطاقة التموين عبر الإنترنت بخطوات سهلة من المنزل    القسام: الاحتلال يتحمل المسئولية الكاملة عن الالتحام مع عناصرنا في رفح    قيادي في البرلمان الأوروبي يدعو إلى عودة السوريين للمساهمة في إعادة إعمار بلدهم    اختطاف ثلاثة مصريين على يد تنظيم القاعدة في مالي    الخارجية الروسية: موسكو لن تنجر وراء استفزازات بروكسل في قضية التأشيرات    الليلة.. ليفربول ضيفًا ثقيلًا على مانشستر سيتي في قمة إنجلترا    عمرو الحديدي: الأهلي يفتقد إمام عاشور قبل نهائي السوبر    معسكر الزمالك للسوبر.. هدوء وتركيز وجلسات تحفيزية للمدير الفني    مواعيد مباريات اليوم الأحد 9-11- 2025 والقنوات الناقلة لها .. يتصدرها نهائي السوبر المصري    مصرع شخص وإصابة آخر في حادث تصادم بالمريوطية    «الأرصاد»: طقس اليوم خريفي مائل للبرودة.. والعظمى بالقاهرة 28 درجة    عاجل- تعرف على موعد انطلاق امتحانات نصف العام لصفوف النقل والشهادة الإعدادية 2026    اليوم.. نظر محاكمة 213 متهما بخلية النزهة    جامعة الدول العربية تكرم مدحت وهبة المستشار الإعلامي لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان تقديرا لجهوده    نقيب الموسيقيين يكشف تطورات الحالة الصحية ل إسماعيل الليثي: بين أيادي الله    الأرشيف والمكتبة الوطنية يستعرض نتائج الدراسة المسحية لواقع المكتبات في الإمارات ومدى تبنيها للذكاء الاصطناعي    ليلى علوي تتألق بالزي المغربي في مهرجان الرباط الدولي    تعرف على مواقيت الصلاة بمطروح اليوم وأذكار الصباح    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 9-11-2025 في محافظة قنا    «المعاهد التعليمية» تدخل أحدث طرق علاج السكتة الدماغية بمستشفياتها    سر الطعم المميز.. طريقة عمل الدقوس اللذيذ يمنح الكبسة والمشويات نكهة لا تقاوم    عوض تاج الدين: رئيس الجمهورية يتابع أسبوعيا مراحل الإنجاز في مستشفى 500500 تمهيدا لافتتاحه    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأحد 9 نوفمبر    المصريون في كندا ينهون التصويت في انتخابات «النواب» وسط تنظيم متميز    اليوم، استئناف بيع تذاكر زيارة المتحف المصري الكبير من شبابيك الحجز    الجيش أول المشاركين، انطلاق التصويت في الانتخابات البرلمانية العراقية (فيديو)    حظك اليوم الأحد 9 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    وزير التعليم العالي: فوز مصر بعضوية "اليونسكو" تتويج لرؤية الرئيس السيسي في تعزيز الحضور الدولي    مطار مرسى علم يشهد نشاطًا سياحيًا مكثفًا مع وصول رحلات أوروبية    حبس تشكيل عصابي تخصص في سرقة الدراجات الكهربائية بمنشأة ناصر    أحمد جعفر: تريزيجيه اكتر لاعب سيقلق دفاع الزمالك وليس زيزو وبن شرقي    مسئول أممى: المشهد الإنسانى فى السودان يثير القلق جراء أعمال العنف المتواصلة    صفاء أبو السعود: حفل «جراند بول» يدعم مرضى السرطان.. ويقام للمرة الأولى في مصر    إخلاء سبيل شخص وصديقه بواقعة التحرش اللفظي بسيدة فى بولاق أبو العلا    عيار 21 الآن بعد آخر ارتفاع.. سعر الذهب والسبائك اليوم الأحد 9-11-2025 في مصر    «إنت بتغير كلامي ليه! أنا عارف بقول إيه».. نقاش ساخن بين أحمد فتحي وخالد الغندور بسبب نجم الزمالك    حبس وغرامة.. نقيب الأطباء يكشف عقوبة التجاوز والتعدي على الطبيب في القانون الجديد (فيديو)    المخرج مازن المتجول في حوار ل«المصري اليوم»: احترم جميع الآراء حول حفل افتتاح المتحف الكبير.. والانتقادات 3% من ردود الأفعال    من الأرز إلى النيل.. الموارنة يجددون رسالتهم في مصر عبر أربعة قرون من العطاء    «معي في قائمة المنتخب».. حلمي طولان يفاجئ لاعب الأهلي قبل ساعات من السوبر    كورنيليا ريختر أول أسقفة في تاريخ الكنيسة الإنجيلية بالنمسا    إسرائيل حذرت أمريكا وجيش لبنان من عودة حزب الله بقوة    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم بلدتي الخضر وعابود ومدينة البيرة    أرتيتا بعد التعادل مع سندرلاند: لا أريد الشكوى من أي شيء    تقدير في المحيط المهني.. حظ برج العقرب اليوم 9 نوفمبر    تزوجت 5 مرات وتعاني من مرض مناعي نادر.. 17 معلومة عن الإعلامية منى عراقي    مقعد آل كينيدي!    واشنطن تسحب إشراف مساعدات غزة من إسرائيل    كيف يساعد عسل النحل في علاج الكحة والسعال؟    «عدد كتب الغيب 3».. خالد الجندي: الله قد يغير في اللوح المحفوظ    أمين الفتوى: صلاة المرأة بملابس البيت صحيحة بشرط    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 8-11-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاروق جويدة يكتب: من يتسلم الراية؟
نشر في كلمتنا يوم 24 - 07 - 2011

من الخطأ الجسيم أن يتصور البعض أن فتح أبواب الصراعات والانقسامات بين صفوف شباب الثورة يمكن أن يؤدى إلى إجهاضها أو أن حالة الانفلات، التى يعانى منها الشارع المصرى الآن يمكن أن تعيد أشباح الأمس مرة أخرى إن ما حدث فى مصر معجزة إلهية وما أراده الخالق لا يمكن أن يفسده الخلق، وقد أراد لنا الله سبحانه وتعالى أن نتحرر من قيود الظلم والبطش والطغيان وأن تخرج الملايين إلى الشوارع دون أن تحاصرها المصفحات وقوات البطش المركزى وأوامر الاعتقالات والتعذيب والمهانة..
إن الأزمة الحقيقية التى يواجهها الشارع المصرى الآن أننا أمام تيارات متعارضة فى مواقفها ومشاعرها ومصالحها..
نحن أمام أجيال نشأت وترعرت فى كهوف الطغيان وحتى الآن هى لا تصدق أن شيئا فى مصر قد تغير.. إنها لم تحاول أن تمحو من ذاكرتها كل طقوس العهد البائد.. ما زالت شعارات الحزب الوطنى المنحل وما زالت جلسات مجلس الشعب سيد قراره وجلساته الصاخبة بكل ما كان فيها من ألوان النفاق والكذب والتضليل.. وما زالت القوانين المضروبة ومجلس الشورى والمجلس الأعلى للصحافة وكل مجالس الدجل والتزوير.. هذا الجيل لا يتصور حتى الآن أن مصر تغيرت، وأن الشعب المصرى خرج إلى الحياة ولن يعود إلى كهوف الصمت والنسيان.. إن أزمة مصر الحقيقية أن هذا الجيل لم يعترف يوما بحق أجيال أخرى فى هذا البلد.. لقد بقى فى السلطة زمانا طويلا حتى تصور أن الدولة المصرية أملاك خاصة وقد وصل به الجبروت أن يورث البلد لأبنائه، وهناك شواهد كثيرة فى كل المواقع تؤكد أن مشروع توريث مصر كان يسير بخطى ثابتة حتى قامت ثورة يناير لكى تطيح بهذا المشروع الاستيطانى الهجمى وهذا العبث بمقدرات الأوطان والشعوب.. ما زال هذا الجيل حتى الآن رغم رحيل رأس النظام يسيطر على مواقع كثيرة فى دائرة القرار وهو لا يريد أن يرحل ويبدو أنه لن يحاول ذلك.
لقد ترتبت لهذا الجيل مصالح كثيرة ما زال حريصا عليها ومتمسكا بها.. إنه يشارك فى إدارة شئون الدولة وكل مواقعها الحساسة، وقد قام بتوريث جزء كبير منها للأبناء.. وهو أيضا يسيطر على جزء كبير من مواردها الاقتصادية.. وقبل هذا هو يجيد اللعبة السياسية بقواعدها القديمة بكل ما فيها من مظاهر التحايل والنفاق.
وللأسف الشديد أن جزءا كبيرا من هذا الجيل يتصدر الآن العمل السياسى، وجاء بعد سنوات طويلة قضاها فى سراديب سلطة توحشت، وفسدت لكى يشارك فى صياغة وطن جديد، وللأسف الشديد أن هذا الوطن الجديد لا يمكن أن نشيده على خرائب الماضى.. إن الكثير من الوجوه التى تتصدر الآن المشهد السياسى بعد الثورة تحاول أن ترتدى أقنعة مزيفة، ولكن الشارع المصرى يدرك حقيقة كل شىء ولن يخدعه أحد مرة أخرى.
فى الشارع المصرى الآن بقايا جيل آخر عاد إلى مصر بعد فترة غياب طالت ما بين المعتقلات والسجون وظل سنوات طويلة يمشى للوراء، وهذا الجيل من أكثر الأجيال المصرية، التى تعرضت لظلم فادح لأنها لم تعان فقط ظلام السجون، ولكن النظام البائد الفاسد استطاع أن يفصلها تماما عن مسيرة الحياة والزمن.. نحن أمام جيل دخل السجون منذ أربعين عاما، وكان يومها فى ريعان شبابه، وهو الآن يخرج للحياة، وهو فى خريف العمر فلم يشاهد ما حدث فى هذا الوطن من تغييرات اكتسحت كل شىء فيه ابتداء بالأخلاق والقيم وانتهاء بالمال والأصول والثوابت.. هذا الجيل الذى يرى مصر اليوم لأول مرة يحتاج إلى سنوات طويلة لكى يستعيد إحساسه بالأشياء والبشر والأماكن ولهذا لم يكن غريبا أن يبدو هذا الجيل غريبا أمام المصريين وأن يكتشف هو نفسه أنه يشاهد وطنا آخر غير هذا الوطن الذى عاش فيه يوما.
ولأن هذا الجيل عاش خارج الوطن وخارج الزمن فهو يعود لنا برؤى تختلف تماما عن واقعنا الذى نحياه.. إنه يطرح أفكارا عظيمة فى السلوك والأخلاق والقيم لأن الأخلاق لا تتغير ولكنه للأسف الشديد لا يعرف مشاكلنا ولا يدرك حجم الكوارث التى لحقت بنا إنه يتحدث عن حلول ليس هذا زمانها وعن أفكار ليس هذا أوانها لقد جاء ليزرع الورد فى أرض أجدبت، حيث لا ماء ولا هواء ولا بشر.
وما بين جيل عاش زمانا طويلا فى هواء ملوث وفاسد، وجيل آخر جاء من زمن آخر يبدو الشارع المصرى الآن حائرا بين من يحاول الثبات والإبقاء على ما كان مع تغيير بعض الوجوه ومن يحاول أن يشد الجميع للوراء حتى وإن كان ذلك خارج العصر وخارج حدود الزمن.
من يشاهد الوجوه التى تتصدر المشهد السياسى المحتمل فى مصر الآن سوف تصيبه حالة من الألم الشديد والارتباك والحيرة إنها وجوه مكررة لصور شاهدناها عشرات المرات فى أرشيف ذكرياتنا.. هذا كان وزيرا سابقا.. وهذا كان شيخا مضطهدا وهذا كان بوقا من أبواق الكذب والنفاق، وهذا كان متهما فى قضايا نصب واحتيال.. تتداخل الصور فى عيوننا بين حاضر عشناه وعانينا منه ولا نريد له أن يعود.. ووجوه نحبها ونشفق عليها، ولكنها لا تصلح لأن تقدم لنا مستقبلا فقد كان قدرها أن تدفع ثمن الماضى وثمن المستقبل لأنها أصبحت خارج الزمن تماما.
يبقى أمامنا جيل ثالث كان وراء أكبر معجزة تشهدها مصر طوال تاريخها الحديث، وهو جيل ثورة 25 يناير.. إن الأزمة الحقيقية بيننا وبين هذا الجيل تتركز فى عدة نقاط أساسية إن الأجيال الأخرى لم تدرك حتى الآن حجم الإنجاز، الذى قدمه جيل الشباب لهذا الوطن.. إن البعض حتى الآن لا يصدق أو لا يريد أن يصدق أن هناك جيلا جديدا صنع ثورة ونجح فى تغيير وطن.. هناك انفصال شبكى بين الأجيال الثلاثة. إن الجيل الأول صاحب السلطة والسلطان، وقد ورث الدولة المصرية لا يتصور نفسه بعيدا عن السلطة حتى وإن رحل رأس النظام وبعض رموزه.. هناك جيل آخر يعتقد أن المجتمع لابد أن يعوضه عن كل ما لحق به من الظلم والمعاناة، ولهذا يتصور لنفسه دورا فى مستقبل له الحق فيه خاصة أنه عاد وخلفه كل مواكب الماضى البعيد..
يقف الآن جيل ثورة يناير حائرا بين جيلين من الآباء، أحدهما لا يريد الاستسلام والآخر يريد التعويض، وكلاهما لا يصلح لأن يقود مسيرة المستقبل.
إن الأزمة الحقيقية التى يواجهها جيل الشباب جيل الثورة إنه قد لا يملك الخبرات والتجارب والأفكار.. وقد لا يملك تاريخا يقدمه أو نماذج يضعها ولكن الشىء المؤكد أنه قدم لهذا الوطن شيئا فريدا صنع به تاريخا، وأصبح لديه من نماذج الشهداء والأبطال ما يجعله يفخر بهم.
فى تقديرى إنه جاء الوقت لكى نعترف أن من حق هذا الشباب أن يتصدر المشهد، سوف يقول البعض وأين الخبرة.. وأقول وأين كانت خبرة ضباط ثورة يوليو؟، وكانوا جميعا فى ثلاثينيات العمر، ولو أننا وضعنا شبابنا اليوم بجوار هؤلاء الذين شاركوا فى ثورة يوليو لاكتشفنا أن شبابنا الجديد أكثر انفتاحا على العالم وأكثر معرفة بما يجرى وما يدور حوله، والمؤكد أن فيهم نماذج رفيعة فى تخصصات نادرة.. وقد يقول البعض وماذا تفعل الأجيال الأخرى من الآباء إن الأكرم للآباء أن يقفوا خلف أبنائهم بالمشورة ولا يزاحمونهم فى سباق لن يكملوه.
ما زال موقفنا من شباب الثورة يدعو للشك والريبة وهناك من يراهن على فتح أبواب الصراعات بينهم لأن فى خلافاتهم إجهاضا للثورة، وقد نسى هؤلاء أن الثورة الآن أصبحت ثورة مصر كلها.. إن البعض بدأ يلوث ثياب الثورة الطاهرة أنهم يتحدثون عن دعم هنا ومساعدات هناك، وإذا كان ولابد من الحساب فليسأل هؤلاء عن آلاف الأسماء، التى صنعها النظام السابق وكان يساعدها ويؤيدها ويشجعها على ارتداء ثياب العمالة والارتزاق والتاريخ لا ينسى ولن ينسى وعلينا أن نؤجل ملفات العمالة حتى يجىء وقت الحساب وهو بلا شك قادم.
إن البعض يحاول الآن أن يفسد العلاقة بين شباب الثورة والمجلس العسكرى والقضية الآن لم تعد مستقبلا ينتظر الثورة أو الشباب أو المجلس العسكرى ولكن القضية الآن هى إلى أين تسير مصر الوطن والشعب والمستقبل؟
من حق الشباب أن يجد فرصته كاملة فى صناعة المستقبل ومن واجب الأجيال الأخرى أن تسلم الراية بزهد وترفع ونزاهة. كان النظام السابق يريد توريث الراية للشباب من رموز الحزب الوطنى بكل ما فيهم من مظاهر الانحراف والفساد، فهل نبخل على أشرف وأنبل جيل عرفته مصر أن يتسلم رايتها.
من واجب مصر، أجيال مصر العتيقة أن تفتح الآن الأبواب كل الأبواب لشباب مصر القادم وتمنحه خبراتها ودروسها فى الحياة خاصة تلك الخبرات التى حافظت على ثوابت هذا الوطن وأخلاقياته وتراثه.
من حق جيل الشباب أن يمارس وأن يتعلم وأيضا أن يخطئ، ولكن المهم أن يدرك أنه صاحب المستقبل فى هذا الوطن ولابد أن يكون مؤهلا لقيادة السفينة رغم كل المخاطر التى تعرضت لها فى السنوات العجاف.. على جيل الآباء أن يأخذ مكانه خلف الأجيال الجديدة الشابة ويسلمها الراية عن قناعة وإيمان وسماحة لأنها الأحق بحكم الزمن وأنها الأجدر بحكم الجسارة وما أنجزته فى ثورة 25 يناير والمهم أن نكمل المسيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.