وزير العدل يزف بشرى سارة لأبناء محافظة البحيرة    إجازة المولد النبوي الأقرب.. العطلات الرسمية المتبقية في 2025    الأمم المتحدة: الوضع في غزة فاق الكارثة ولن نشارك في أي نزوح قسري (تقرير)    جهود «أمن المنافذ» في مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    مواصلة جهود أجهزة وزارة الداخلية لمكافحة جرائم استغلال الأحداث    وسط أجواء فنية ساحرة.. "صوت مصر" يعيد أم كلثوم لواجهة المشهد الثقافي    "فلسطين 36" ل آن ماري جاسر ممثلًا لفلسطين بجوائز الأوسكار عام 2026    فنان شهير يفجر مفاجأة عن السبب الرئيسي وراء وفاة تيمور تيمور    رحيل الدكتور يحيى عزمي أستاذ معهد السينما.. وأشرف زكي ينعاه    مدير أوقاف الإسكندرية يتابع لجان اختبارات مركز إعداد المحفظين بمسجد سيدي جابر    والد الطفل «حمزة» يكشف اللحظات الأخيرة في حياته بعد تناول وجبة سريعة التحضير (التفاصيل)    طبيب الأهلي يكشف حالة إمام عاشور ومروان عطية قبل مواجهة المحلة    رئيس الرعاية الصحية: بدء تشغيل عيادة العلاج الطبيعي للأطفال بمركز طب أسرة العوامية بالأقصر    جولة تفتيشية للوقوف على انتظام حركة التشغيل في مطاري الغردقة ومرسى علم    البورصة تواصل ارتفاعها.. وانخفاض ربحية شركة كونتكت بنسبة 17%    إصابة علي معلول تثير قلق جماهير الصفاقسي التونسي    حسن عابد مديرا لبطولة أفريقيا ل شباب الطائرة    "قصص متفوتكش".. 3 معلومات عن اتفاق رونالدو وجورجينا.. وإمام عاشور يظهر مع نجله    ميدلزبره يقترب من ضم موهبة مانشستر سيتي    رئيس اقتصادية قناة السويس يشارك في مجلس الأعمال والمنتدى المصري الياباني لتعزيز الشراكة الاستثمارية بطوكيو    كامل الوزير: تشغيل خطوط إنتاج الأسمنت المتوقفة وزيادة القدرات الإنتاجية    تحريات أمنية لكشف ملابسات تداول منشور بوفاة طفل فى عين شمس    الأرصاد: فرص أمطار رعدية على حلايب ونشاط رياح بكافة الأنحاء يلطف الأجواء    وزارة النقل تناشد المواطنين التوعية للحفاظ على مترو الانفاق والقطار الكهربائي    قرار جديد من وزارة الداخلية بشأن إنشاء مركز إصلاح (نص كامل)    وزير الري: تطوير مؤسسي ومنظومة إلكترونية لتراخيص الشواطئ    محافظ المنوفية يشدد على الإسراع فى معدلات تنفيذ الخطة الاستثمارية    بلتون للتمويل العقاري تصدر أول توريق بقيمة 1.32 مليار جنيه    قرار جمهوري.. ماجد إسماعيل رئيسًا تنفيذيًا لوكالة الفضاء بدرجة وزير    غداً الأربعاء .. أوس أوس ضيف برنامج "فضفضت أوى" على watch it    روسيا تعلن استعدادها لتسليم 31 شخصا إلى أوكرانيا ضمن اتفاق تبادل المواطنين    واعظة بالأزهر: الحسد يأكل الحسنات مثل النار    " ارحموا من في الأرض" هل هذا القول يشمل كل المخلوقات.. أستاذ بالأزهر يوضح    إطلاق قافلة "زاد العزة" ال 18 إلى غزة بحمولة 85 ألف سلة غذائية    وزيرة التخطيط والتعاون تتحدث عن تطورات الاقتصاد المصري في مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية    الأردن: عبور 85 شاحنة محملة بالمواد الإغاثية إلى غزة    جولة للجنة التفتيش الأمنى والبيئى بمطارى مرسى علم والغردقة الدوليين    53 مليون خدمة.. ماذا قدمت حملة "100 يوم صحة" خلال 34 يومًا؟    قرار جمهوري بتعيين الدكتور ماجد إسماعيل رئيساً تنفيذيًا لوكالة الفضاء المصرية    استكمال أوراق الشهادات المعادلة العربية بجامعة بنها الأهلية (للمتقدمين إلكترونيًا فقط)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 19-8-2025 في محافظة قنا    هيئة التأمين الصحى: إشراك القطاع الخاص ركيزة أساسية للتوسع المستقبلى    رئيس الوزراء يلتقى وزير الدولة للاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني    عماد أبوغازي: هناك حاجة ماسة لتغيير مناهج التاريخ فى الجامعات    ضبط ترسانة أسلحة بيضاء ومواد مخدرة متنوعة بمطار القاهرة الدولي (صور)    بعد إلغاء تأشيرات دبلوماسييها.. أستراليا: حكومة نتنياهو تعزل إسرائيل    إيمي طلعت زكريا: أحمد فهمي سدد ضرائب والدي بعد وفاته    رابط نتيجة تقليل الاغتراب 2025 بعد انتهاء تسجيل رغبات طلاب الثانوية العامة 2025 للمرحلتين الأولي والثانية    "الجبهة الوطنية بالفيوم" ينظم حوارًا مجتمعيًا حول تعديلات قانون ذوي الإعاقة    رئيس وزراء السودان يطالب الأمم المتحدة بفتح ممرات إنسانية في الفاشر    «عارف حسام حسن بيفكر في إيه».. عصام الحضري يكشف اسم حارس منتخب مصر بأمم أفريقيا    شروط الحصول على منحة الزواج 2025.. الخطوات والأوراق المطلوبة (كيفية حسابها من المعاش الشهري)    أبرزها 10 أطنان مخلل.. ضبط أغذية منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر ببني سويف    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    عماد النحاس يكشف موقف لاعبي الأهلي المصابين من المشاركة في المباريات المقبلة    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد المسلمانى يكتب: الأسطول السادس
نشر في كلمتنا يوم 21 - 03 - 2011


كتب - أحمد المسلماني.. المصري اليوم
قابلت الرئيس معمر القذافى ذات خريف قبل سنوات، كنت ضمن وفد مصرى ذهب للمشاركة فى احتفالات ثورية. وكان الراحل النبيل الدكتور محمد السيد سعيد قد كلفنى بعمل بحث عن «حقوق الإنسان فى ليبيا»، وقد نشرته لاحقاً فى كتاب صدر لى عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. أثناء إعداد البحث جاءتنى دعوة ليبيا وكنت أعرف أنى لن أدخلها بعد نشر البحث.. ومن ثم فإن هذه الدعوة هى فرصتى الأولى والأخيرة.
■ ■ كنت أفكر طيلة الوقت.. من هو القذافى هل يمكن لرجل بهذا المستوى أن يحكم دولة واسعة مثل ليبيا؟.. إن القذافى يبدو شخصاً غير طبيعى.. وهو يتحدث كثيراً ولا يقول شيئاً.. وهو يقدم حالة استعراضية من الكلام «قذافى شو» أكثر مما يقدم خطاباً سياسياً مسؤولاً أو موزوناً.. من يكون هذا الرجل؟.
إننى أتذكر الآن ذلك التعبير الأخاذ الذى صاغه الرئيس الكوبى فيدل كاسترو عن الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن «كل ما أخشاه أن يكون هذا الرجل بالغباء الذى يبدو عليه»!
(1)
أقمنا فى «الفندق الكبير» فى العاصمة طرابلس على شاطئ البحر المتوسط، وحين تجولت على كورنيش طرابلس.. كانت صدمتى كبيرة فى حالة الفقر الشديد الذى يعانيه عدد كبير من الليبيين هنا ليس بالخليج العربى، لا مظاهر للثراء ولا أثر للنفط.. وقد استقبلت فى ساعة واحدة عشرات المتسولين الليبيين الذين يطلبون الصدقات والإحسان!
كان ينبعى أن يكون الشعب الليبى أغنى شعوب العالم، إنه يملك أكبر ثروة على عدد قليل من السكان فى دولة ساحلية سياحية معتدلة المناخ والبشر.. كان ينبعى أن تكون ليبيا سويسرا العالم العربى حتى لو لم يفعل الشعب أى شىء غير الإنفاق والاستمتاع.
كان دخل ليبيا من البترول عام 1980 يزيد على العشرين مليار دولار.. استقبلت ليبيا فى أكبر ثروة استقبلها شعب على مدى ثلث قرن، لكن نجاح القذافى كان مذهلاً فى تبديد أكبر ثروة فى التاريخ!
ضاعت وعود القذافى بتقسيم عائدات النفط وحلت محلها طوابير المتسولين أمام الجمعيات التعاونية.. وكلما بدأت ملامح طبقة وسطى أو ملامح طبقة من القادرين كان القذافى يدعهم حتى يصلوا إلى قرابة أهدافهم.. ثم يسحقهم ليعودوا إلى الصفر من جديد!
وفى عام 1996، أعلن القذافى عن «عمليات التطهير» ألقى القبض على رجال الأعمال وأصحاب المحال والعقارات والمصانع، وأقام لذلك الهدف ألفاً ومائتى لجنة تطهير وإحدى وثمانين محكمة عسكرية!
(2)
غادرت العاصمة طرابلس إلى مدينة سرت حزيناً على ما رأيت، وفى مطار سرت تضاعف ذلك الحزن.. دخلت إلى صالون الاستقبال من أجل بعض الراحة وبعض الشاى.. وكان الفيلسوف الفرنسى الشهير روجيه جارودى قد سبقنى إلى الشاى وإلى الجلوس.. كان من حظى أنى قضيت الوقت مستمعاً إلى جارودى.
كان جارودى يتحدث إلىّ بإنجليزية سهلة عن السياسة والسيايين.. ولقد صدمنى رأى جارودى فى القذافى.. قال لى: «إن القذافى سياسى ومفكر.. وهو صاحب رسالة صعبة فى زمن صعب» لم تكن ملامح جارودى بالصدق الكافى وهو يمتدح معمر القذافى، وقد قابلت جارودى مرة ثانية فى طريق العودة إلى مطار سرت وكان جارودى لايزال على موقفه.. وقد عرفت فيما بعد أن الفيلسوف الفرنسى الكبير كان يتقاضى أموالاً من القذافى.
(3)
قابلنا الرئيس القذافى فى خيمة فاخرة.. ولو كانت الخيام كالفنادق تقاس بالنجوم.. لقلت إن خيمة القذافى مائة نجمة.. ولكن القذافى بدأ حديثه بالقول: إننى قائد بسيط أعيش فى خيمة متقشفة!
كانت تلك العبارة هى افتتاحية خطاب عبثى امتد ثلاث ساعات لم يكن هناك رابط واحد بين كل ما يقول إلا «العبث».. وبينما يواصل القذافى نوباته الكلامية.. توقف فجأة ثم قال: لماذا أنتم هنا؟.. ماذا تفعلون فى هذه الخيمة؟.. إن العدو أمامكم فلماذا لا تواجهونه؟.. لماذا جئتم بالطائرة من القاهرة إلى تونس ولماذا دخلتم إلى طرابلس عن طريق البّر؟.. الثائر الحقيقى لا يخاف.. عليكم أن تكسروا الحظر الجوى علينا.. الآن بعد أن تخرجوا من الخيمة عليكم أن تركبوا الطائرة من سرت إلى القاهرة.. وأن تواجهوا الأسطول السادس الأمريكى.. ماذا سيحدث لكم؟.. لا شىء.. سيضربكم الطيران الأمريكى.. ستموتون.. نعم سوف تموتون، ولكنكم ستموتون أبطالاً.. بدلاً من أن تعيشوا خائفين من أمريكا!
(4)
لا يؤمن القذافى بقيمة الحياة إلّا له ولأبنائه.. الموت للشعب من أجل أن يعيش القائد.. بل الموت للوطن من أجل أن يحيا الزعيم.. إن أول ما يفكر فيه القذافى تجاه أى رأى مخالف هو الموت.
لا يعرف القذافى أى تدرج فى الخلاف أو العقاب.. وحين تولى السلطة فى عام 1969 أصدر قانوناً بإعدام كل من تعتقد السلطة أنه يقاوم الثورة، وفى عام 1972 أصدر قانون «تحريم الحزبية» والذى يقضى بإعدام كل من يشكل حزباً سياسياً، ثم أصدر قانوناً بإعدام كل من يخالف سعر الصرف السائد، ثم كان «قانون تعزيز الحربية».. والذى يقضى بإعدام كل من تشكل حياته خطراً على المجتمع!
كان القذافى مجرماً فى تنفيذ تلك الأحكام.. وكان يتوسع فيها بلا خوف أو رادع.. وفى عام 1984 أمر القذافى بإعدام طالبين أمام زملائهما.. الأول فى فناء كلية الزراعة والثانى فى فناء كلية الصيدلة.. ولما تظاهر الطلاب أطلق عليهم الرصاص، وفى عام 1996 أطلق الأمن الليبى النار على الجمهور الذى حضر مباراة لكرة القدم بين فريقى الأهلى والاتحاد بعد أن ردد الجمهور هتافات سياسية.. وكانت نتيجة المباراة مقتل خمسين وإصابة خمسمائه!
(5)
أصبحت ليبيا جماهيرية بلا جماهير.. ودولة بلا رموز.. لا أغنياء ولا أقوياء ولا ساسة ولا مفكرون ولا نجوم.. تم إطفاء ليبيا بكاملها من أن أجل يضىء معمر القذافى.
ولقد نشر القذافى حالة من «السّفَهْ الفكرى».. مزيج من خرافات حول المؤتمرات الشعبية واللجان الثورية والقائد الملهم.. يرى القذافى فى نفسه زعيماً أكبر من بلاده، وكان يرى نفسه جديراً بحكم مصر.. ومنها يحكم العالم العربى.. ثم إنه رأى نفسه جديراً بحكم أفريقيا، فأعلن نفسه ملكاً على ملوكها.. ثم أنه رأى نفسه أميراً للمؤمنين، فكان يخطب الجمعة ويؤم الصلاة.. وزعيماً للصوفية العالمية.. ثم إنه زاد فى تسمين قدراته الدينية فراح ينافس بيت النبوة ذاته.. فألغى السنة النبوية والتقويم الهجرى واتهم عبدالمطلب جد النبى «صلى الله عليه وسلم» بالعمالة لأبرهة الحبشى!
■ ■ دارت السنوات اثنين وأربعين عاماً.. كان القذافى فى أولها يتحدث عن الثورة والثوار وعن مناهضة أمريكا والغرب.. ثم مضت السنون.. ليخرج جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة الأحد عشر من السلطة ومن الحياة.. ثم ها هو القذافى يواصل جدول أعماله.. «قَتَلَ الشعب فى بنغازى وطرابلس ومصراته ورأس لانوف.. وكل مكان.. ثم ها هو يأتى بالقوات الأمريكية والبريطانية والفرنسية إلى بلاده من جديد.
■ ■ اثنان وأربعون عاماً.. لا ثروة ولا حرية ولا استقلال.. عاش القائد الأول ليعيش الأسطول السادس!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.