تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات معاهد تمريض 2024 بالدرجات    أخبار مصر: بيان من وزارة المالية بشأن حزمة اجتماعية جديدة، سر تواصل صلاح مع الأهلي، قفزة بأسعار الجبن، واشنطن تهدد حماس    بعد ارتفاعه 25 جنيهًا.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025 ببداية التعاملات محليًا وعالميًا    بكام الطن؟.. أسعار الأرز اليوم الثلاثاء 22-7-2025 في أسواق الشرقية    5 قرارات جمهورية حاسمة ينتظرها الشارع المصري    استشهاد فلسطينيين في قصف الاحتلال منطقة الحكر جنوبي دير البلح    خلص الكلام، "رونالدو الجديد" يوجه القاضية إلى مانشستر يونايتد رغم الإغراءات    رابط نتيجة الثانوية العامة 2025 المعتمد برقم الجلوس فور إعلانها عبر موقع الوزارة    «تالجو ومكيف».. مواعيد قطارات «الإسكندرية - القاهرة» اليوم الثلاثاء 22 يوليو 2025    حبس بلوجر بتهمة نشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي    شديد الحرارة نهارًا.. تعرف على حالة الطقس اليوم الثلاثاء في شمال سيناء    «حرب الجبالي» الحلقة 43 تتصدر التريند.. أسرار تنكشف وصراعات تشتعل    خبراء تغذية يحذرون من إعادة تسخين هذه الأطعمة في المصيف.. قد تتحول لسموم صامتة    اليوم.. فتح باب التقديم لكلية الشرطة للعام الدراسي الجديد إلكترونيًا    تنسيق الثانوية العامة 2025.. مؤشرات كليات حاسبات ومعلومات وذكاء اصطناعي 2024 بالدرجات (علمي علوم ورياضة)    «أزمات في أوضة اللبس؟».. رد صريح من نجم الأهلي    وسيط كولومبوس ل في الجول: النادي أتم اتفاقه مع الأهلي لشراء وسام أبو علي    العاهل الأردني يؤكد دعم المملكة لأمن سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها    أجنة على حافة الموت.. تقرير أممي يكشف مأساة الحوامل في غزة    البيت الأبيض: ترامب يسعى إلى حل دبلوماسي لصراعات الشرق الأوسط    «الوزير» ورئيس وزراء الكويت يبحثان تحويل الوديعة الكويتية لاستثمارات في مصر    ترامب: مستعدون لشن ضربات متكررة على المنشآت النووية الإيرانية إذا لزم الأمر    «هل انتهت القصة؟».. جون إدوارد يرفض كل سُبل الاتصال مع نجم الزمالك (تفاصيل)    ثلاث صفقات من العيار الثقيل في الزمالك خلال ساعات (تفاصيل)    مفاجأة مدوية، محمد صلاح يتدخل لانتقال كوكا إلى الأهلي    لندن: فرض عقوبات على من يسهلون رحلات المهاجرين عبر القنال الإنجليزي    وزير العمل: أي عامل بلا عقد سيُعتبر دائما.. والأجنبي لن يعمل إلا بتصريح    9 اختبارات تؤهلك للالتحاق بكلية الشرطة    يوسف معاطي يكشف سر رفض فيلم "حسن ومرقص" وهذا طلب البابا شنودة للموافقة (فيديو)    زيلينسكي: الجولة الجديدة من المحادثات مع روسيا تنعقد في إسطنبول الأربعاء    «انهيار لغوي».. محمد سعيد محفوظ يرصد أخطاء بالجملة في بيان نقابة الموسيقيين ضد راغب علامة    مصطفى كامل يهدد محمود الليثي ورضا البحراوي بالشطب: منصبي لا يقل عن أي وزارة    إيمان العاصي تشارك في «قسمة العدل» والعرض خارج رمضان (تفاصيل)    تامر أمين ل «فشخرنجية الساحل»: التباهي بالثراء حرام شرعا ويزيد الاحتقان المجتمعي    أهلي جدة يحسم موقفه من المشاركة في السوبر السعودي بعد انسحاب الهلال    طريقة عمل الأرز البسمتي، في خطوات بسيطة وأحلى من الجاهز    دراسة "تبرئ" البيض من تهمة إيذاء القلب، ماذا قالت عن الكوليسترول الضار    إسرائيل تقتحم منشآت تابعة لمنظمة الصحة العالمية في غزة وتحتجز موظفين    جثة و3 مصابين في حادث تصادم ميكروباص وسيارة نصف نقل بالمنيا- صور    بحضور أكثر من 50 ألف.. مستقبل وطن ينظم مؤتمر دعم القائمة الوطنية بمجلس الشيوخ بالشرقية    سيمون توجّه رسالة حاسمة لجمهورها: لن أعلّق على ما لا يستحق    موعد مباراة ألمانيا وإسبانيا في نصف نهائي أمم أوروبا للسيدات والقناة الناقلة    «خاتم فرعوني» عمره 3500 سنة يُعرض للبيع في مزاد بلندن بسعر بخس    وصول قطار العائدين السودانيين إلى محطة السد العالي في أسوان    تفسير آية| «أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا» الشعراوي يوضح سر وجود الإنسان وغاية خلقه    لا علاقة له ب العنف الجسدي.. أمين الفتوى يوضح معنى «واضربوهن»    التصريح بدفن جثة ربة منزل لقيت مصرعها خنقًا علي يد زوجها بالقليوبية    مصرع شاب في مشاجرة بين تجار خُردة بالإسماعيلية.. والأمن يُلقي القبض على المتهم    السفيرالمصري ببرلين يدعوا إلي زيارة مصرومشاهدة معالمها الأثرية والتاريخية والسياحية    محافظ شمال سيناء يستقبل وفد من دار الإفتاء المصرية    الداخلية تكشف ملابسات فيديو يظهر شخصًا يمارس البلطجة باستخدام سلاح أبيض في المنوفية    عراقجى: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة لكننا لن نتخلى عن التخصيب    "مستقبل وطن" ينظم مؤتمرًا جماهيريًا بالشرقية لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ    التحقيق في وفاة سيدة مسنة إثر سقوطها من الطابق السادس بمستشفى طيبة بإسنا    سقوط سيارة نقل من معدية شرق التفريعة ببورسعيد وجهود لإنقاذ مستقليها    ماذا قال عن بيان الاتحاد الفلسطيني؟.. وسام أبو علي يعتذر لجماهير الأهلي    ملتقى أزهري يكشف عن مظاهر الإعجاز في حديث القرآن عن الليل والنهار    هل النية شرط لصحة الوضوء؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محمود عمارة يكتب: دروس الثورة الفرنسية
نشر في كلمتنا يوم 14 - 03 - 2011

هو مستشرق فرنسى مقيم بمصر منذ أربع سنوات، ومجنون بالتاريخ المصرى والحضارة الفرعونية ككل الفرنسيين.. على مدى السنوات الأربع كنا متفقين على أن هناك «ثورة» قادمة، وحددنا لها تاريخ 2011- 2012.. ولكن كنا مختلفين على من سيقوم بها؟.. كان رأيى أنها ستكون «ثورة جياع».. وكان رأيه أنها ستكون «ثورة غضب» ضد الظلم.. ضد الفساد.. «ضد الثروة» التى احتكرها ربع فى المائة من الثمانين مليوناً!!
ليلة التنحى أو التخلّى كنت معه، وطلب منى إعداد لقاء مع مجموعة من شباب التحرير.. التقينا بمقهى «ريش» الشهير يوم 19 فبراير لثلاث ساعات.. حكى فيها للشباب حدوتة «الثورة الفرنسية»، والثورات المضادة التى شوّهتها بمحاولات متعددة لإجهاضها.. حكى لهم بعض الأخطاء القاتلة التى وقع فيها الثوار، والتى تسببت فى إعدام بعض الثوار بنفس الميدان «ميدان الباستيل».. والتكلفة الباهظة التى دفعها الفرنسيون خلال عشرين عاماً من الدمار والقتال والفوضى.. وها هى الحكاية.. حكاية «الثورة الفرنسية» كما وردت على لسانه.. وبالمختصر المفيد قال:
(كانت فرنسا قبل قرنين هى حاملة لواء الزعامة فى أوروبا، ومركزا للإبداع والتفوق والصدارة.. حتى ابتليت بالملك لويس الخامس عشر الذى كان غارقا فى ملذاته وفُحشه، وانعزاله عن شعبه بفضل «الحاشية» المبتذلة والفاسدة من النبلاء ورجال الكنيسة، التى كانت لا تعترف بأى سلطات للأمة أو حق مشاركتها فى اتخاذ القرار، فكثر اللصوص من كبار موظفى الدولة والمديرين، وكل من يعينهم الملك أو زوجته أو الدائرة المقربة من البلاط.. وازداد عدد «المنافقين» المستفيدين من النظام.. ولكنهم جميعا كانوا «قلة» بالمقارنة بالملايين المحرومة!!
وبما أن فرنسا وقتها كانت تحتل الصدارة فى عالم الفكر والأدب.. فقد ظهر مفكرون بحجم بوك - مونتيسكو - روسو - فولتير - وميرابو.. الذين نشروا فكرة «الحرية» لتأمين الفرنسيين ضد توغل الاستبداد.. وفكرة «المساواة» فى الحقوق أمام القانون بعيدا عن الامتيازات الخاصة.. وفكرة «الإخاء» بين كل أفراد المجتمع، وغيرها من الأفكار الداعية للتحرر من العبودية والإذلال.. فعقدوا اجتماعات وحلقات نقاشية وندوات حماسية فى كل المدن الفرنسية لينضم لها بعض النبلاء بجانب الفلاحين ضد القصر والحاشية التى «خرَّبت» الاقتصاد وأفسدت السياسة.. فبدأت إرهاصات الثورة بحلم الحرية، والعدالة الاجتماعية!!
وبانتشار هذه الندوات والحلقات على نطاق واسع فى البلاد.. بدأ العد التنازلى للملكية، وفى أول يوليو 1789 اندلعت الشرارة الأولى لتبدأ المقاومة.. وصمم الشعب على خلع الملك، وخرج الفقراء فى مظاهرات حاشدة إلى قصر «فيرساى» ثم إلى «التوليرى» فى باريس.. فأصدر الملك أوامره للقوات المسلحة بالسيطرة على الأوضاع، ولكن الجيش بما أنه من أبناء الشعب «رفض الأوامر»، ليضع الملك أمام الأمر الواقع..
وفى ظل هذا الفوران الشعبى سطع نجم بعض ممثلى الشعب.. وظهرت الصحافة الحرة لأول مرة، ونشأت الأندية والجمعيات الثقافية التى أصبحت قوة فرضت نفسها على الساحة.. وصبت نار غضبها على زوجة الملك وحاشيتها الذين وصل بهم الأمر إلى رفت كل من يخالف أوامرهم.. وتحت ضغط المظاهرات والأفكار الثورية سقط الملك وألغيت الملكية.. وتمت محاكمة الملك وزوجته بتهمة التآمر ضد الشعب.. وفى 21 يناير 1793 تم إعدامهما «بقطع رأسيهما بالمقصلة» أمام الجماهير، ومعهما أكثر من 1500 من المعاونين والداعمين.. لتصبح أكبر مذبحة علنية فى التاريخ!!
وفى غمار الفرحة بدأت «الأخطاء»:
1- عندما انقسم «الثوار» وتركوا الفرصة ليتجمع فلول وأذناب الملكية، وكل من أضيروا أو تخوفوا من الثورة.. للقيام بعدة ثورات مضادة بأشكال متعددة، وبطرق جهنمية.
2- والخطأ الثانى عندما انشغل الثوار بالاتهامات والتخوين والعمالة، ومن كان مع الثورة ومن كان ضدها.. لتبدأ مرحلة الصراع الدموى، التى وصلت إلى حد «إعدام» بعض «الثوار» بنفس المقصلة وفى نفس الميدان.. ميدان الباستيل، وبيد رفاقهم.. كما أعدموا بعض العلماء الذين شكّوا فى ولائهم أو توانوا فى أداء مهامهم.
3- وفى ظل انتشار الثورات المضادة التى نجحت فى تقسيم الثوار بالشائعات والدسائس.. عوقبت مدن فرنسية بأكملها مثل ليون وطولون بعقوبات جماعية لمجرد إظهار تململها من الثوار بعد أن ساءت الأحوال الاقتصادية، وانتشر الفقر، وازداد الناس بؤسا، لتبدأ عمليات الخطف والاستيلاء على الممتلكات الخاصة وانتشار البلطجة والسرقات وتفشى الجوع والخوف.. مما سهّل صعود نابليون بونابرت إلى عرش الحكم كأول رئيس لأول جمهورية فرنسية فى 1804، بعد عشرين سنة من الاضطرابات والمذابح والفوضى.
باختصار: كانت أخطاء الثورة الفرنسية كالتالى:
1- انشغال الثوار بتصفية الحسابات والجرى وراء الشائعات والاتهامات، ومحاولة البعض خطف الأضواء وجنى الثمار، والبحث عن زعامات.. مما جعل «الثورة تأكل أبناءها» بإعدام بعضهم البعض.
2- نجاح الثورات المضادة فى تجييش الطبقات الفقيرة التى زادت معاناتها، مما دفعها للتململ والتمرد والاعتصامات والاحتجاجات، وجعلتهم يترحمون على أيام الملك.
3- طول مدة الحركة الثورية، التى استمرت لعشرين سنة بعد الثورة، أدى إلى انهيار الاقتصاد القومى فانتشرت الدعارة وعمليات النصب والاحتيال وازدادت الفرقة بين الناس).
وقبل نهاية الجلسة جاء السؤال: كيف ترى الثورة المصرية؟.. وما هى الأخطار من وجهة نظرك؟ وجاءت الإجابة على لسانه عندما قال:
حتى الآن هى أعظم الثورات على مر التاريخ لسببين:
أولهما: أنها سلمية - بيضاء - نقية، وبلا تكلفة.. مع كل احترامنا وتقديرنا للشهداء والمصابين، وعليكم برعاية أسرهم ولا تنسوهم أبدا.
ثانيهما: أنها ثورة بلا قيادات، وكل واحد من الشباب ينكر ذاته.. وقلة نادرة هى التى تحاول جنى الثمار وستفشل.. ولهذا لا خوف من أن تأكل الثورة أبناءها حالياً.
أما المخاطر فهى هائلة ومخيفة للأسباب التالية:
أولا: ضعف الاقتصاد المصرى.. وفقر وجهل وعشوائية الملايين الذين يمكن دفعهم إلى مظاهرات واحتجاجات لا يمكن حساب نتائجها إذا طال زمن تلبية مطالبهم، خاصة أن أغلبيتهم من موظفى الدولة الذين كانوا يعيشون على «الإكراميات» أو ما نسميه نحن «الرشاوى».. ونظرا لتوقف المستثمرين عن التوسع فى مشروعاتهم أو بدء مشروعات جديدة، والقبض على اللصوص من كبار رجال الأعمال سيحرم هؤلاء من «الفارق» بين رواتبهم والتزاماتهم.. مع احتمالية ارتفاع أسعار الغذاء فى الأشهر القادمة.
ثانياً: إذا تأخرت الحكومة فى طرح مشروعات قومية لبث الأمل، وجذب استثمارات أجنبية وعربية، وتقديم «مشروع تنموى» يماثل مشروع مارشال الذى أعاد بناء أوروبا، فسوف تجدون أنفسكم فى خطر كبير، ولن أقول «ثورة جياع» فى العام القادم 2012!!
ثالثاً: التسرع فى نقل السلطة من الجيش إلى الشعب خلال ستة أشهر سوف يعطى الفرصة ل«جماعة الإخوان» بكل تياراتها وأطيافها للقفز على السلطة.. وتدخل مصر فى «دوامة» أو فى طريق مسدود.. وهذا للأسف احتمال كبير جدا!!
رابعاً: عليكم أن تعلموا أن «أعداء الثورة» أكثر عدداً وتنظيماً وتغلغلاً فى المؤسسات الرسمية، وسوف يحاولون إفشال هذه الثورة، لتقليب الشعب عليها!!
ولكن فى النهاية أقول لكم: «إننى أثق فى عقل وحكمة وعبقرية المصريين، ومخزونهم الحضارى.. وما زلت أراهن على أحفاد الفراعنة»!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.