قدم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان أمس الثلاثاء، مداخلة شفهية أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، أعرب فيها عن قلقه حيال تردى أوضاع حقوق الإنسان فى مصر منذ بدء فترة رئاسة الدكتور محمد مرسى. واستند المركز فى المداخلة على تقييم أعضاء ملتقى منظمات حقوق الإنسان المصرية المستقلة –المكون من 23 منظمة حقوقية مستقلة فى مصر– لحالة حقوق الإنسان فى مصر خلال ال8 أشهر الأولى لرئاسة مرسى. وأكد المركز على حدوث 3 أزمات رئيسية متعلقة بحقوق الإنسان خلال هذه الفترة: الأولى تنطوى على قرارات أصدرتها السلطات التنفيذية تقوض استقلال القضاء واحترام أحكامه، الثانية تتعلق باستهداف حرية الرأى والتعبير من خلال الهجمات والدعاوى القضائية التى يتعرض لها الصحفيون والإعلاميون، والثالثة هى انتهاك حق التجمع والتظاهر السلمى. وأوضح مركز القاهرة أن هذه الأزمات لا تزال مُعلقة دون حل، على الرغم من أن الملتقى قدم – فى فبراير الماضى– مبادرة تحمل اسم "النقاط العشر لوقف جرائم العنف" تهدف إلى وقف الانتهاكات التى تقوم بها حكومة الدكتور مرسى، كما أكد المركز "أن استمرار فشل الحكومة فى تنفيذ إصلاحات جذرية ودائمة لتحسين وضع حقوق الإنسان فى مصر لن يؤدى إلا إلى المزيد من الصراع." وفى سياق متصل، قام مركز القاهرة يوم الاثنين الموافق 11 مارس، بتنظيم لقاء على هامش فعاليات الدورة 22 لمجلس حقوق الإنسان المنعقدة حاليا فى جنيف. وضم هذا اللقاء ممثلين عن ملتقى منظمات حقوق الإنسان المصرية المستقلة، من بينهم محمد زارع مدير برنامج مصر – خارطة الطريق بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ماسة أمير، باحثة بنظرة للدراسات النسوية، ونهاد عبود من مؤسسة حرية الفكر والتعبير، وأدار اللقاء زياد عبد التواب، نائب مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. وافتتح عبد التواب اللقاء بالتأكيد على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة من قِبل المجتمع الدولى لحماية المجتمع المدنى المستقل فى مصر، مشيرا إلى محاولات الحكومة الأخيرة لفرض قيود غير مسبوقة على أنشطة المنظمات غير الحكومية وتمويلها، مما يهدد وجود مجتمع مدنى مستقل فى مصر. وقامت نهاد عبود بعرض الانتهاكات التى يتعرض لها الصحفيون والمصورون الصحفيين، كمثال على التهديدات التى تواجهها حرية الرأى والتعبير فى مصر. كما تحدثت أيضا عن قضايا "ازدراء الأديان" والتى يتعرض لها الآن من يتجرأ على انتقاد الحزب الحاكم أو جماعة الإخوان المسلمين، وأشارت أيضًا إلى قضية "ألبير صابر" الشاب القبطى الذى وجهت إليه تهمة ازدراء الأديان لنشره فيلم "براءة المسلمين" على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعى فيسبوك. كما أعربت عبود عن قلقها حيال مشروع قانون تنظيم وسائل الإعلام الذى تتم مناقشته حاليا فى مجلس الشورى، والذى يسعى إلى تشكيل مجلس وطنى لوسائل الإعلام. وأوضحت عبود أن الحكومة تستهدف الحق فى حرية التعبير فى سياق الحق فى التظاهر بشكل خاص، وتحدثت عن مشروع قانون تنظيم التظاهرات، موضحة ما يتضمنه من قيود على الحق فى حرية التجمع، من خلال منح السلطات صلاحيات واسعة لحظر التظاهر وتقييد المظاهرات. وأردفت أن مشروع القانون لا يضع قيودا على استخدام القوة من قبل أفراد الشرطة ردا على الاحتجاجات، وهى إشكالية بالغة فى حالة مصر، حيث تم قتل 40 متظاهرا وضابطى شرطة بسبب الاستخدام المفرط للقوة من قبل قوات الشرطة فى بورسعيد فى يناير 2013. اختتمت نهاد حديثها بأن ما يثير القلق هو تضمن الدستور الجديد لمواد من شأنها تقييد الحق فى التجمع لأول مرة فى مصر. واستكمل محمد زارع النقاش حول مشروعى قانون الجمعيات اللذان تتم مناقشتهما حاليا، وأوضح أنه فى حالة تمرير أحد هذين المشروعين، سيتم تقويض استقلالية المجتمع المدنى فى مصر، وذلك لأن هذين القانونين يسمحان للحكومة بالإشراف على أنشطة المجتمع المدنى عن طريق تأميم تمويلها، كما يفرض كلا القانونين مزيدا من القيود على المنظمات الدولية التى ترغب فى العمل فى مصر. واستهلت ماسة أمير حديثها بتذكير الحضور بالانتهاكات التى تتعرض لها المدافعات عن حقوق الإنسان فى مصر، موضحة أن كشوف العذرية والأنماط الأخرى من الانتهاكات التى قام بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة لا تزال مستمرة من قبل حزب الحرية والعدالة، حيث قامت نظرة للدراسات النسوية برصد العديد من حالات الاغتصاب والعنف الجنسى –لاسيما ضد المتظاهرات– منذ يونيو 2012، وأكدت على أن مرتكبى هذه الانتهاكات لازالوا مفلتين من العقاب، فى حين يتم إقصاء المرأة من المشاركة فى الأنشطة السياسية والاجتماعية، حيث لم تتخذ الحكومة أية خطوات لفتح تحقيقات أو لمقاضاة المسئولين عن هذه الانتهاكات، بل على العكس قام أعضاء مجلس الشورى بتوجيه اللوم إلى المتظاهرات أنفسهن على الاعتداء الذى تعرضن له. وفى ختام اللقاء تم توجيه الدعوة للمجتمع الدولى لإعادة تقييم سياساته تجاه مصر، لتجنب تكرار أخطاء الماضى، بما فى ذلك دعم النظم الديكتاتورية، التى ترتكب انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.