تشهد العلاقة الأمريكيةالباكستانية توترا تتصاعد وتيرته ويهدد بانهيار التحالف بين الدولتين في الحرب على الإرهاب حيث أعلن مسئول عسكري باكستاني أن القادة العسكريين في بلاده تعهدوا في اجتماع عقدوه أمس "بمقاومة" مطالب الولاياتالمتحدة بأن ينفذ الجيش الباكستاني حملة عسكرية في منطقة شمال وزيرستان بمنطقة القبائل قرب الحدود مع أفغانستان، حيث تتمركز شبكة "حقاني" بحسب اعتقاد الأمريكيين. وقالت صحيفة "اكسبريس تريبيون" الباكستانية إن باكستان لن تشن هجوماً عسكرياً ضد شبكة "حقاني" رغم الضغط الأمريكي عليها خلال الأيام القليلة الفائتة، وذكرت أن هذا القرار اتخذ في الاجتماع الخاص الذي عقده القادة العسكريون الباكستانيون الكبار أمس وهو على الأرجح سيضعف العلاقات المتردية أصلا بين البلدين. وقال المسئول الباكستاني الذي رفض الكشف عن اسمه للصحيفة: إن القادة العسكريين تعهدوا "بمقاومة" المطالب الأمريكية بشن حملة عسكرية بشمال وزيرستان، وناقشوا التداعيات الممكنة للنشاط الأحادي الجانب للولاية المتحدة في الأراضي الباكستانية. وأضاف: "لقد أبلغنا الولاياتالمتحدة أنه لا يمكن لباكستان أن تصل إلى أبعد مما فعلته بالفعل". وكان رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الأدميرال "مايك مولن" اتهم الخميس الفائت أجهزة الاستخبارات الباكستانية باستخدام شبكة "حقاني" المرتبطة بحركة طالبان كذراع افتراضية لها للتحرك في أفغانستان ضد القوات الأفغانية وقوات التحالف. وخلال اجتماعات عقدت مؤخرا مع نظرائهم الباكستانيين طالب كبار المسئولين الأمريكيين، وبينهم مولن ووزير الدفاع الأمريكي "ليون بانيتا"، إسلام آباد بقطع علاقاتها مع شبكة حقاني وبالمساعدة في تصفية قادتها، وإلاّ فإن واشنطن ستتحرك أحادياً. ونفى المسئولون الباكستانيون وبينهم رئيس الحكومة "يوسف رضا جيلاني"، ما وصوفه ب "المزاعم الأمريكية" وهدّدت وزيرة الخارجية الباكستانية "هينا ربّاني خار" الولاياتالمتحدة بأنها ستفقد تحالفها مع بلادها في حال واصلت الأولى توجيه التهم لإسلام آباد بدعم المسلحين. على صعيد آخر صرح زعيم حزب "تحريك إنصاف" الباكستاني المعارض عمران خان بأن الحل الوحيد لطرد "الإرهاب" من الأراضي الباكستانية يكمن في الانسحاب من الحرب على "الإرهاب" التي تقودها الولاياتالمتحدة، التي لعبت فيها إسلام آباد دور الحليف الرئيسي للقوات الدولية على مدار الأعوام العشرة الأخيرة. ونقل الموقع الإلكتروني لقناة "سماء" التليفزيونية الباكستانية أمس الاثنين عن خان قوله إن حزبه هو الوحيد الذي يمكنه إرساء السلام في مدينة كراتشي المضطربة. وقال خان أمام حشد هائل في مدينة جوجرانوالا، شمال شرقي إقليم البنجاب، إن الحرب ضد "الإرهاب" ليست حربا باكستانية. وأضاف: "دخلت الولاياتالمتحدة في غمار الحرب الأفغانية (المغلقة)، ومن ثم تحاول استغلال وجود باكستان باعتبارها كبش فداء". وتعهد خان قائلا: "لن أدع باكستان تتحول إلى مستعمرة أمريكية". كان وزير الداخلية الباكستاني رحمن مالك صرح أمس الأول الأحد بأن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي.آي.ايه) وليس بلاده هي التي أنشأت شبكة حقاني ودربت أعضاءها. وأضاف أن شبكة حقاني موجودة في افغانستان ومن يقولون غير ذلك يجب أن يقدموا الدليل على وجودها في باكستان، حسبما ذكرت وكالة "اسوشيتد برس" الباكستانية أمس الأول. وكان رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني قد طالب في وقت سابق أمس وزيرة خارجيته "حنا رباني خار" بقطع زيارتها للولايات المتحدة والعودة إلى بلادها على الفور، وذلك على خلفية التوترات في العلاقات بين الدولتين. يأتي هذا في الوقت الذي ذكر فيه متحدث باسم السفارة الأمريكية في العاصمة الأفغانية كابول أمس الاثنين أن مواطنا أمريكيا قتل وأصيب آخر بجروح في حادث إطلاق نار داخل السفارة. وقال المتحدث باسم السفارة جيفين صندوول: "في الليلة الفائتة، وقع حادث إطلاق نار في مبنى ملحق بالسفارة الأمريكية في كابول". وأوضح صندوول أن المسلح الذي نفذ الهجوم بمفرده، والذي لقى حتفه أيضا في الحادث، كان موظفا أفغانيا. كانت الشرطة الأفغانية أعلنت في وقت سابق اليوم الاثنين أن تبادلا لإطلاق النار وقع مساء أمس الاول الأحد في مكتب وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي.آي.ايه) في كابول. ورفض المتحدث باسم السفارة الأمريكية التعليق بشأن ما إذا كان" المبنى الملحق" بالسفارة يخص وكالة (سي.آي.ايه)، "باعتبارها مسألة سياسة". وقال صندوول: "في الوقت الحالي، لا نعلم الدافع وراء الهجوم، ونعمل حاليا على التحقيق فيه"، غير أنه أضاف أنه ليس هناك أي معلومات تربط بين حادث إطلاق النار وحركة التمرد في البلاد. وأشار إلى أن المصاب نقل إلى مستشفى عسكري، فيما استأنفت السفارة عملها بشكل طبيعي. كان الجنرال محمد أيوب سالانجي، قائد شرطة كابول، قال في وقت سابق إنه "لم يكن عملا إرهابيا أو نشاط تمرد، ولكن كان مجرد اشتباك بين العاملين داخل المبنى". وقع الحادث بعد أسبوعين من هجوم شنه متمردون على السفارة الأمريكية ومقرا تابعا لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في كابول، حيث استمر الهجوم لأكثر من 20 ساعة، وأسفر عن مقتل 15 شخصا على الأقل، ليس بينهم أمريكيون. من جهته توجّه مدير الاستخبارات الباكستانية الجنرال "أحمد شجاع باشا" أمس الاثنين في زيارة طارئة إلى السعودية لبحث العلاقات المتوترة بين بلاده والولاياتالمتحدة. ونقلت قناة "دنيا" الباكستانية عن مصادر لم تحددها أن باشا غادر إلى السعودية في زيارة طارئة لبحث التوتر الحاصل في العلاقات الباكستانية- الأمريكية، كما سيبحث مسألة شبكة "حقاني" مع القيادة السعودية التي أصبحت نقطة خلاف بين إسلام آباد وواشنطن. وذكرت أن اللجنة البرلمانية للأمن القومي دعيت لعقد اجتماع في 3 أكتوبر لبحث الوضع الذي نشأ بعد الاتهامات الأمريكيةلباكستان بدعم شبكة "حقاني".