فرضت الأحداث الجارية نفسها على الأداء الإعلامى، وعلى العلاقة بين الاعلاميين وقنواتهم الفضائية وعلى التليفزيون المصرى أيضا، فلم يكن انسحاب الإعلامى خيرى رمضان من قناة "سى بى سى" على الهواء مباشرة لرفض القناة أن يحل حمدين صباحى، مؤسس التيار الشعبى ضيفا على برنامجه "ممكن" جديدا فى إطار سلسلة انسحابات المباشرة. رمضان انسحب على الهواء أمس شارحا السبب ومؤكدا أن القناة قالت إنها لم تكن تعلم باستضافته لصباحى وهو ما دفعه لشرح خلفيات قراره بالانسحاب، وأنه لن يستطع الاستمرار حتى ولو ترك العمل الإعلامى نهائيا.. طالما أن هناك خطوطا حمراء على شخصيات بعينها، وأنهى الحلقة خارجا من القناة، وهى الطريقة التى سبق وأن انسحب بها من برنامج "مصر النهاردة" الذى كان يقدم على التليفزيون المصرى لاعتراضه على التدخل فى طريقة عمله وعلى الشخصيات التى يستضيفها. وبعد ساعات من إعلانه قرار الانسحاب توالت ردود الأفعال، إذ تردد أن خلافا نشب بين الدكتور حسن راتب، رئيس مجلس قنوات المحور والإعلامى سيد على بسبب نبرته فى الاعتراض على ما يحدث حاليا. وبعده بدقائق أعلنت الاعلامية آيتن الموجى غضبها مما يحدث لها خاصة بعد إرسال شكوى عاجلة للتليفزيون ضدها واتهامها من شخص من حزب الحرية والعدالة بأنها تهاجم الحزب، وقالت إنها تعانى ضغوطا من القيادات ومن بعض الشخصيات وأضافت : لن نستمر فى خداع الشعب، التليفزيون ملك للشعب. وكتبت الموجى على صفحتها على موقع "فيسبوك"، أنها وزملاؤها لن يقفوا مكتوفى الأيدى تجاه ما يحدث من منع لضيوف يتم ترشيحهم من الظهور حيث قالت الموجى "نحن مجموعة من مذيعين ومذيعات التليفزيون المصري نتحدث إلى الشعب المصرى بعد أن عانيننا من تكميم الأفواه وتقييد الحريات فى ظل النظام السابق لسنوات طويلة.. قامت ثورة يناير وحلمنا أن ترد إلينا أصواتنا ونتنسم الحرية مع شعب مصر، نعلن ما يلى: التليفزيون المصرى ملك لكم أنتم شعب مصر، ولن يكون أبدا بوقا لسدنه الحكم.. نرفض الضغوط التى تمارس ضدنا منذ شهور لنكون من جديد صوتا للنظام بفرض ضيوف بعينها ومنع ضيوف بعينها.. وقل ولا تقل وتهديدات بالوقف والتحويل للتحقيق، لن نصمت إمام إراقه دماء المصريين". وأضافت الموجى "استعدادنا لتقديم كامل التضحيات في سبيل الدفاع عن حريه الإعلام حتي وأن كلفنا ذلك وظائفنا.. عودة التليفزيون المصرى إلى مالكه الأصلى ليكون التليفزيون صوتا ومنبرا للشعب المصرى وليس ملك لنظام سابق، أو حالي أو قادم". وجاء بيان الموجى بعد سلسلة من الاستقالات فى التليفزيون المصرى بدأت برئيسه عصام الأمير ثم عبد الرحمن على رئيس القنوات المتخصصة، وكلها تداعيات لمواقف تكررت فى مبنى ماسبيرو إثر الأزمة التى تسببت فيها الإعلامية هالة فهمى مقدمة برنامج "الضمير" والذى ظهرت فيه وهى تحمل كفنا أبيض مؤكدة أنها ليست مع فزاعة التخويف وتم قطع الإرسال عليها دون إنذارها ولم تكن المرة الأولى التى تتسبب هالة فهمى فى أزمة مع ماسبيرو. وظاهرة انسحاب واستقالات الإعلاميين على الهواء ليست وليدة هذه الأحداث بل تكررت منذ ثورة 25 يناير، حيث أعلن الاعلامى محمود سعد من قبل انسحابه على الهواء من قناة التحرير فى سبتمبر من العام الماضى، ورفض تبرير الانسحاب انذاك ولكن تردد أنه للتدخل فى عمله، وكان قد سبقه بلال فضل فى الانسحاب بنفس الطريقة من نفس القناة. وبنفس الطريقة وبعد انسحاب سعد بشهر أى فى أكتوبر من العام الماضى، علق يسرى فودة عمله فى قناة "اون تى فى" وقال فوده صاحب برنامج أخر كلام إنه قرر تعليق برنامج "آخر كلام" إلى أجل غير مسمى قائلًا "إن أقول خيرًا أو أن أصمت". وأعرب فودة في بيان صحفي نشره على صفحته على "فيسبوك" آنذاك عن تقديره لقناة أون تي في والفترة التي عمل فيها داخلها وكل صوت حر شريف.. مشيرا إلى أنه رصد تدهور ملحوظ في حرية الإعلام المهني في مقابل تهاون ملحوظ مع الإسفاف الإعلامي، هذا التدهور وذلك التهاون نابعان من اعتقاد من بيده الأمر أن الإعلام يمكن أن ينفي واقعًا موجودًا أو أن يخلق واقعًا لا وجود له. وفى ظاهرة الإنسحابات المفاجئة يعد انسحاب الإعلامى الدكتور علاء صادق من قناة "مودرن" اثر خلافات كانت قد نشبت بينه وبين مالكها وليد دعبس حينها، ووضع القناة فى موقف لا تحسد عليه بعد أن تلى وصلة ختامية محرجة لهم. وقد تشهد الأيام المقبلة إذا ما استمرت حالة التوتر والانقسامات فى الشارع المصرى فى حالات مشابهة، لترك إعلاميين قنواتهم أو استقالات لضغوط على إعلاميين فى ماسبيرو أو فى القنوات الخاصة.