يصل الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي اليوم السبت إلى دمشق حاملا مبادرة عربية لتسوية الأزمة السورية وسط شكوك في نجاح المهمة في ظل استمرار الحملات الأمنية على المحتجين، وتباعد المواقف بين النظام والمعارضة السوريين. ومن المقرر أن يلتقي العربي الرئيس السوري بشار الأسد عرض عليه المبادرة التي صاغها وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الطارئ بالقاهرة في الثامن والعشرين من الشهر الماضي. وتتكون المبادرة من ثلاثة عشر بندا، وتهدف إلى وضع حد لإراقة الدماء في سوريا، ومن بين بنود المبادرة تبني التعددية السياسية، وإجراء انتخابات حرة وشفافة في 2014، وهو العام الذي من المقرر أن تنتهي فيه ولاية بشار الأسد الحالية. وأثيرت شكوك بشأن المبادرة منذ أن أبدت دمشق تحفظها على بيان الاجتماع الوزاري العربي الأخير الذي دعا إلى "وقف إراقة الدماء، وتحكيم العقل قبل فوات الأوان", وعدّت المبادرة تدخلا في شؤونها الداخلية. وكان مقررا في الأصل أن يزور العربي سوريا الأربعاء الماضي, إلا أن السلطات السورية أرجأت الزيارة, وعزت ذلك إلى ما سمته أسبابا موضوعية. وقبل عرض المبادرة العربية على دمشق، استبعد المراقب العام الإخوان المسلمين في سوريا محمد رياض الشقفة أي اتفاق لتقاسم السلطة مع الأسد، الذي قال إنه يدير نظاما "إجراميا يقتل شعبه". وقال قياديون في المعارضة السورية إن المبادرة العربية تنطوي على بعض العناصر الإيجابية، لكن محتجين سوريين حملوا في الأيام الأخيرة لافتات تنتقد المبادرة التي يقولون إنها تضفي شرعية على نظام الرئيس الأسد وتسمح له بالبقاء في الحكم حتى 2014. وفي تصريحات له أمس في موسكو عقب لقاء مع رئيس لجنة الشئون الخارجية في المجلس الفدرالي الروسي ميخائيل مارغيلوف, قال رئيس وفد المعارضة السورية عمار القربي (رئيس المنظمة الوطنية السورية لحقوق الإنسان) إنه لا يمكن الآن النظر إلى الإصلاحات الجاري تطبيقها في سوريا أو نداءات السلطات لبدء حوار وطني بجدية. وأوضح القربي أن المعارضة مستعدة للتفاوض بشرط وقف إراقة الدماء, وسحب جميع القوات من المدن السورية، ومحاكمة كل المسؤولين عن أعمال القمع بحق المدنيين. وتأتي الوساطة العربية لتسوية الأزمة السورية بينما يتسع الخلاف بين الغرب الساعي إلى عزل النظام السوري, ودول أخرى تتزعمها روسيا والصين ترفض أي تدخل خارجي في سوريا. وقالت الخارجية الأميركية أمس إن واشنطن تريد "تسريع العمل الأسبوع الحالي في الأممالمتحدة حيث تحاول الدول الغربية استصدار إدانة أكثر قوة للنظام السوري". وكانت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي قد فرضا عقوبات دبلوماسية على دمشق تشمل منع سفر بعض المسؤولين إلى تلك الدول، وتجميد أصول مالية، وفرض حظر على واردات النفط السوري، في محاولة لحملها على وقف حملاتها الأمنية ضد المحتجين المطالبين بالديمقراطية. ويستعد الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات إضافية تشمل حظر الاستثمار في قطاع النفط السوري, ومعاقبة محطات إعلامية سورية. لكن روسيا -العضو الدائم في مجلس الأمن- تقاوم بشدة قرارا دوليا يدين ممارسات الأمن السوري ويفرض عقوبات اقتصادية، متذرعة بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول, كما ترفض موسكو الدعوة إلى تنحي الأسد. وقال رئيس لجنة الشئون الدولية بالمجلس الفدرالي الروسي ميخائيل مارغيلوف أمس بعيد اجتماع في موسكو مع وفد من المعارضة السورية إن الشعب السوري لديه الحق والوسائل لحل المشكلات التي تواجه البلد بنفسه دون تدخل خارجي من أي نوع. وقال: إن روسيا ترى أن تكرار السيناريو الليبي في سوريا سيكون غير مقبول على الإطلاق، وستعمل ما بوسعها لمنع وقوع ذلك. وقبل هذا كان الرئيس الروسي ديمتري مدفيدف قد رفض أي إدانة دولية تستهدف السلطة السورية دون المعارضة التي قال إنه يمكن وصف بعض أعضائها ب"الإرهابيين"، متحدثا عن شعارات "متطرفة" تُردد خلال المظاهرات. وكانت روسيا قد تقدمت إلى مجلس الأمن بمشروع قرار ينافس مشروعا غربيا يتضمن عقوبات على نظام الأسد. من جهتها تبنت أمس كتلة التحالف البوليفاري التي تضم فنزويلا، وكوبا، وبوليفيا، ونيكاراغوا، والإكوادور، وبعض الدول الصغيرة في الكاريبي، موقفا مماثلا للموقف الروسي، محذرة من تكرار السيناريو الليبي في سوريا. وفي وقت سابق, حث الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد سوريا، وهو أقرب حليف لها, على محاورة المعارضة. وقال في تصريحات منفصلة إن الإجراءات القمعية ليست الحل, ويجب على الحكومات أن تحترم وتعترف بحقوق مواطنيها في الحرية والعدالة مبديا استعداد بلاده لاحتضان اجتماع يضم دولا إسلامية تكون قادرة على مساعدة سوريا على حل مشكلاتها.