يترقب المصريون والمتابعون فى العالم أجمع الحكم الذى سيصدره المستشار أحمد رفعت رئيس محكمة جنايات القاهرة، بعد غد السبت 2 يونيو، فى ما عرف إعلاميا وشعبيا ب«محاكمة القرن» التى يحاكم فيها الرئيس المخلوع حسنى مبارك وصديقه الهارب حسين سالم ونجليه ووزير داخليته و6 من مساعديه فى قضايا قتل المتظاهرين وتصدير الغاز إلى إسرائيل والفساد المالى. ووسط حالة من الاحتقان والتوتر التى تسود الشارع المصرى، ما بين متابعة الصراع على الرئاسة التى انحصرت بين مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسى، ومرشح النظام السابق أحمد شفيق، آخر رئيس وزراء فى نظام مبارك، وبين انتظار الحكم الذى تتعلق به أنظار الملايين وسط تكهنات واحتمالات تستبق الحكم، ومنها ما يشير إلى احتمالية أن لا ينطق القاضى رفعت بالحكم فى جلسة السبت، على أن يقوم بمد أجل النطق به، على خلفية الارتباك والغضب المكتوم الذى يسود المشهد السياسى جراء نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وبناء عليه رجّحت آراء أن يتم إرجاء النطق بالحكم إلى ما بعد الانتهاء من الانتخابات الرئاسية، المزمع إجراؤها يومى 16 و17 يونيو المقبل وتعلن نتائجها 20 من نفس الشهر. ولكن من يتصلون بالقضية من المحامين يستبعدون أن يقوم رفعت بمد أجل النطق بالحكم ويتوقعون أن تشهد جلسة السبت النطق به، مؤكدين أنه حتى فى حال حدوث هذا المد لن يكون إلا أسبوعا أو أسبوعين على الأكثر، ذلك لأن المستشار أحمد رفعت يبلغ سن التقاعد فى 30 يونيو المقبل. أما عن احتمالات وتوقعات الحكم على مبارك ونجليه ورجاله، فأكد كل من يتابع القضية أن جميع الاحتمالات مطروحة فى هذه الدعوى، سواء بأن يكون الحكم مخففا أو مشددا، لكن الأمر القاطع هو أن ذلك الحكم أيا ما كان سيكون له مردوده على المشهد السياسى وعلى جولة الإعادة فى الانتخابات الرئاسية. المحامى محمد الدماطى عضو هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدنى، قال إن احتمال أن يمد رفعت أجل النطق بالحكم وارد، حيث إن هذا أمر قانونى ومن إطلاقات المحكمة، بمعنى أن من سلطة المحكمة المطلقة أن تمد أجل النطق بالحكم، وكذلك من سلطاتها أن تعيد فتح باب المرافعة فى القضية مرة أخرى لتستوضح أمرا قد غاب عنها. الدماطى أشار إلى أن هناك 3 احتمالات خلال جلسة السبت، الأول هو أن ينطق رفعت بالحكم، والثانى أن يمد أجل النطق به، والثالث أن يتخذ رفعت قرارا بفتح باب المرافعة من جديد. وقال الدكتور حسنين عبيد أستاذ القانون الجنائى وعميد كلية الحقوق الأسبق بجامعة القاهرة، إن المستشار أحمد رفعت من حقه مد أجل النطق بالحكم فى القضية حتى آخر الدور الخاص به فقط وفقا للقانون وهو الأسبوع الأول من شهر يونيو، وبالتالى فلا بد أن يصدر حكمه فى مدة لا تتجاوز هذه المدة، ولكن يمكن له تجاوز هذا التاريخ وتأجيل النطق بالحكم فى القضية، باستثناء خاص له بعد موافقة رئيس محكمة الاستئناف المستشار عبد المعز إبراهيم، لأنه سيعمل فى دور بعيد عن دوره المحدد له فى رول المحكمة، وهو الأسبوع الأول من يونيو. وأكد عبيد أنه فى جميع الأحوال فإن الحكم لا بد أن يصدر قبل 30 يونيو أى قبل تقاعد المستشار رفعت. توقعات الحكم على مبارك مفتوحة، فلا أحد يستطيع أن يتوقع حكما بعينه، كل شىء وارد ما بين البراءة حتى الإعدام، لكن المؤكد أن صدور حكم مخفف ضده سيكون بمثابة اندلاع ثورة جديدة فى الشارع، خصوصا من أهالى الشهداء والمصابين، لكن الرأى الأرجح هو أن يصدر ضد مبارك حكم مشدد ما بين 15 و25 عاما «مؤبد». من جانبه قال المحامى محمد الدماطى، إن أى حكم قضائى فى أى دعوى لا بد أن يرضى طرفا ويغضب طرفا آخر، لكن الأمر هنا مختلف، فالغضب سيكون شعبيا لأسر الشهداء فى حال إذا ما صدر حكم مخفف، لكن لا ننسى أن هناك مرحلة أخرى للطعن على الحكم. الحديث عن إعدام مبارك لا يزال يتردد بين الرأى العام حتى وإن استبعده كثيرون، نظرا لضعف القضية والأدلة التى تضمها، ولكن إذا ما صدر حكم ضد مبارك بالإعدام، فهل سيتم تنفيذه؟ وهل يتدخل عامل السن لإنقاذ مبارك؟ مصادر قضائية قالت ل«التحرير» إن القانون لا يحدد سنا معينة لتطبيق عقوبة الإعدام، وليست هناك أى سوابق بأن تم منع تنفيذ حكم بالإعدام ضد شخص لكبر سنه، حتى لو كان عنده 100 عام، حسب كلام المصدر الذى أوضح أن الوحيد المستثنى من تنفيذ عقوبة الإعدام هو الحدث، أى الذى لا يتجاوز سنه 18 عاما، ولكن حكم الإعدام لا ينفذ إلا بعد تصديق رئيس الجمهورية، وفقا لقانون الإجراءات الجنائية. الفقيه القانونى عصام الإسلامبولى قال عن الاحتمالات الواردة فى القضية وأحكامها، إن كل الاحتمالات مفتوحة بدءا من البراءة وحتى الإعدام، ولكنه يتوقع أن تأتى الأحكام فى منطقة الوسط بين الاثنين، مشيرا إلى أنه إذا ما صدرت أحكام بالبراءة أو الإدانة بأحكام هزيلة، فإن رد فعل الشارع سيكون عاليا والسخط الشعبى سيكون عارما، وأن الحالة الحيدة المقبولة لدى الشارع من الأحكام هى صدور أحكام بالإعدام أو السجن المؤبد على الأقل، وبخلاف ذلك سيكون رد الفعل عنيفا. وحول تأثر الانتخابات الرئاسية فى جولة الإعادة بنتيجة الحكم، قال الإسلامبولى إن محمد مرسى مرشح الإخوان، هو المستفيد فى جميع الحالات، موضحا ذلك بأنه فى حالة صدور أحكام شديدة سيزيد شعور الناس بالارتياح.