محل بسيط لا تظهر على ملامحه أى بوادر الغنى، جلس فيه رجل فى الثلاثينيات من عمره ممسكا بقطعة من النحاس وجهاز لحام أوكسجين يحاول أن يلحم قطعها مع بعضها البعض ليشكل طاقية، فيسرى جلال الشهير بعوف هو آخر واحد بشارع أمير الجيوش يصنع "شمعدان" الرقص التى تستخدمه الراقصات اللاتى يرقصن الرقص الشرقى. يسرى أو عوف كما يعرفه أهل المنطقة من جيرانه وكما يعرفه أهل كار الرقص فزبائنه من أكبر الراقصات بشارع الهرم، كما أن هذا المحل يمتد عمره إلى أكثر من 60 عاما يقول "أنا وارث المهنة دى من أبويا، أنا طلعت من المدرسة لأنى منفعتش فيها واشتغلت فى الشغلانة دى من وأنا عندى 18 سنة" فمهنة عوف تتلخص فى صناعة شمعدان الرقص الذى تضعه الراقصات فوق رؤوسهن أثناء الرقص، كما يقوم أيضا بصناعة السيوف الرقص هى الأخرى التى تستخدمها فرق الأفراح فى الزفة. يقول عوف لليوم السابع وهو يتحدث بفخر: "زباين المحل بتاعنا من أشهر الشخصيات وخصوصا أنه مفيش حد هنا فى المنطقة بيصنع الشمعدان غيرى، وزمان كانت بتيجى لأبويا زباين كتيرة ونجوم ومشاهير زى سهير زكى كانت بتيجى مخصوص لأبويا تاخد هنا شمعدان من أبويا. ويصف "عوف" حال المهنة بأنه يتعرض للانهيار وخاصة بعد الأحداث التى تمر بها البلاد، وقلة عمل الراقصات، حيث قل طلب المصريين على شمعدان الرقص فى حين زاد الطلب من السياح الأجانب على شمعدان الرقص بعد أن زاد إقبالهم على تعلم الرقص الشرقى وبدأوا فى استخدام الشمعدان حيث يعتبر من أساسيات تعلم الرقص الشرقى ودليل على براعة الراقصة فى الرقص وقدرتها على حفظ توازن هذا الشمعدان فوق رأسها وحفظ الشموع وهى مضيئة. ويضيف عوف وهو يتحدث فى فخر: "أبويا كانت بتاخد من سهير رمزى أما أنا فكانت بتجينى فيفى عبده ودينا علشان يخدوا منى شمعدان، ولو مجوش هما كانوا بيبعتوا حد تبعهم، لأنه مهم ليهم فى تدريبات الرقص حتى لو كانوا مش يرقصوا بيه، وغيرهم كتير من رقاصات شارع الهرم، بالإضافة إلى فرق الزفة التى تستخدم السيوف عند زف العرائس". وتتراوح أسعار الشمعدان بين 150 جنيها إلى 300 جنيه وهو عبارة عن "طاقية" موصلة بعمود رئيسى أعلاها تتفرع منه مجموعة من الأفرع تحتوى على قواعد شمعدان يوضع عليها الشمع وهى غالبا ما تكون ثلاثة أدوار، وبالرغم من ضعف الأقبال من الزبائن على هذه المهنة والشغل مريح فيها ومفيش طلبات عليه إلا أن عوف يصر على تعليم أبنه مصطفى الذى يساعده أحيانا بعد أن يعود من المدرسة هذه المهنة فيقول: "المهنة دى وارثها من أبويا ولازم أعلمها لأبنى لأن ده تراث ولازم ننقله من جيل لجيل تانى".