كانت القهوة فى ألمانيا لا يتم التفريق بينها إلا من خلال العلامات التجارية فقط، إلا أن أكبر بلدان أوروبا تكتشف حاليا الفروق الدقيقة فى المذاق بين مناطق نمو البن فى العالم. من أثيوبيا إلى كولومبيا، ومن كينيا إلى فيتنام، هناك نوع قهوة يناسب مذاق كل شخص.. ناهيك عن وجود ما يصل إلى ألف رائحة عطرية مختلفة داخل كل حبة قهوة.. الحيلة هى إخراج تلك النكهات وتذوقها فى فمك. ويشرح هينس فيندريش، من متجر "كوفى سيركل" لتذوق القهوة فى برلين، " على مدار سنوات قليلة، كانت حبوب قهوة اسبرسو الداكنة للغاية واللامعة هى الشائعة هنا.. تعطى نكهة قريبة للغاية من طعم الشيكولاتة وطبقة كبيرة من القشدة على الوجه". إلا أنه مؤخرا تحول التوجه، الذى استوحى من الولاياتالمتحدة والبلدان الاسكندنافية، تجاه "البن الفاتح" أو المحمص بدرجة أقل. ويقول فيندريش والمسئول عن تحميص البن فى المتجر، إن "البن يحمص ببساطة لفترة أقصر". ويحمص البن عالى الجودة فى برميل من الصلب، الأمر الذى يستغرق فترة أطول من البن المحمص صناعيا.. التحميص فى براميل الصلب توفر طعما صحيا وتسمح بظهور الروائح العطرية بشكل كامل. ويشرح فيندريش "نحمص البن الخاص بنا لفترة كافية لخروج الروائح العطرية والأحماض المفيدة من حبوب البن".. وكلما طالت فترة تحميص حبوب البن، خرج مزيد من الحمض منها. ميشائيل جليس تاجر بن وساقى هو خبير فى كل الأمور المتعلقة بالقهوة، ويقول إن التحميص لفترات قصيرة هو القاعدة عندما يحتسى الألمان قهوة عادية معدة بالتنقيط، قبل تطور الهوس بأسلوب قهوة اسبرسو على النمط الإيطالى قبل عقد. ويقول إن "القهوة المرشحة تستغرق وقت تحميص أقل".. وتستغرق المياه فترة أطول لتمر عبر القهوة المرشحة بصورة أكبر من قهوة اسبرسو.. ويؤدى تحميص قهوة اسبرسو لفترة أطول إلى استخراج كثير من الروائح العطرية فى القهوة المرشحة. وطورت القهوة بصورة بطيئة مسعة كمنتج طبيعى يحتاج للاستمتاع به بصورة صحيحة. ودفع هذا عددا من المصنعين الألمان إلى مزج علاماتهم التجارية من خلال صنع قهوة محمصة لفترة قصيرة. وتقول أنيكا بولوشك من متجر "جرين كاب كوفى" إنه " يمكن مقارنة تنوع القهوة بتنوع النبيذ". ويتفق جليس مع هذا الرأى، قائلا إنه "الأمر نفسه مع النبيذ: تريد أن تعرف من أى المناطق جاء ومن أى حقول الكرم". وتختلف نكهة البن الكينى عن ذلك البن المزروع فى جواتيمالا. لذا ما يسمى بالبن ذى المنشأ الواحد يتميز من خلال طرق تقطير-بطيئة مثل الترشيح أو ربما فى إناء القهوة على النمط الفرنسى والذى به مكبس فى أعلاه.. وفى البن المحمص لفترة قصيرة للغاية، يمكنك تذوق النكهات الدقيقة مثل الليمون أو البرتقال. وتبدو القهوة المرشحة عتيقة الطراز بالنسبة لكثير من الألمان، بيد أن التوجهات الجديدة فى القهوة أكدتها على أنها طريقة تقطير جيدة. وقال جليس إن "القهوة المحمصة لفترة قصيرة مناسبة تمامًا للترشيح لأنها تسمح لحبوب القهوة بإخراج أجمل النكهات بها". التحميص لفترة قصيرة هو مجرد أسلوب واحد من بين أساليب عدة للاستمتاع بهذا المشروب الرائع. ويقول جليس إن الأمر المهم هو أن تكون طريقة التحميص تلك هى الطريقة المثلى لنوع البن. وإذا كنت تحب القهوة، يتعين عليك تذوق أنواعا جديدة. فأنت لا تعرف أى نكهة يمكن أن تكتشفها حاسة التذوق على لسانك.