فى خطابه الأول، حدد أمير دولة قطر الجديد الشيخ تميم بن حمد آل ثانى الثوابت والمتغيرات فى السياسة الخارجية القطرية فى عهدها الجديد، إذ أكد على استمرار نهج "الأمير الوالد"، وأن الثابت فى السياسة القطرية أنها دائماً تنحاز إلى الحق والعدل وتنتمى إلى الأمة العربية، ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك انحياز قطر إلى جانب لبنان عندما تعرضت للاعتداء الإسرائيلى فى عام 2006، واليوم تنحاز إلى مناصرة الشعب السورى بغض النظر عن مذهبه. وبقراءة متأنية يمكن القول إن الخطاب يعبر عن السياسة القطرية الجديدة، باعتبارها امتدادا للسياسة القديمة خلال الألفية الجديدة، ولكن بشكل أكثر هدوءاً، وفى الإطار الخليجى طمأن أمير قطر الجديد دول الجوار، مؤكداً أنه ملتزم باستحقاقات مجلس التعاون الخليجى، ولن يكون هناك إشكال كبير مع مجلس التعاون الخليجى، رغم الخلافات الظاهرة عملياً بين دول مجلس التعاون الخليجى، بما يتصل بالعلاقة مع إيران على وجه التحديد، والتى تشكل العلاقة معها الإشكال الأكبر لعموم العالم العربى ولغالبية الأمة العربية والإسلامية فى ظل عدوانها على الشعب السورى وانتصارها لنظام يقتل شعبه. وهكذا بدا من الخطاب أن الأزمة السورية قد تكون هى المعضلة والمحدد المحورى لمستقبل العلاقات القطرية الإيرانية الجديدة، وقد تكون أحد المؤثرات التى تغير من طبيعة السياسة القطرية، ففى أول تصريح لوزير الخارجية الإيرانى عقب تولى الأمير الشيخ تميم مقاليد الأمور فى قطر طلب الوزير منه إعادة النظر فى سياسة بلاده تجاه الأزمة السورية، وهنا لابد من التوقف أمام هذا التصريح الإيرانى، وما يحمله من رسائل إيرانية للسياسة القطرية الجديدة، فى ظل التأكيد القطرى على أن السياسة الآن امتداد للسياسة الخارجية وهى من الثوابت، وتأثير ذلك على مستقبل العلاقات القطرية الإيرانية. يفسر المحللون هذه التصريحات الإيرانية، بأنه من الطبيعى أن يميل الإيرانيون إلى قدر من الهدوء فى التعاطى مع الأمير الجديد على أمل أن يكون أقل تحدياً لطموحاتهم الإقليمية من والده، لكن المتابع للشأن الإيرانى خلال الأسابيع الماضية قد لاحظ جملة من التهديدات الإيرانية الصريحة لقطر بسبب موقف الأخيرة من سوريا، لأن إيران تعتبر أن النظام السورى أحد أركان استراتيجيتها فى المنطقة وهو محور استراتيجى فى مشروع تمددها فى المنطقة والموقف القطرى الصريح والواضح بانحيازه للثورة السورية يستفز الدوائر الإيرانية وهى بالتالى تعول على أن رسائل هادئة ربما بعد جملة من الرسائل التصعيدية يمكن أن تؤدى إلى تغيير ما فى السياسة القطرية.