وعد الرئيس الاميركي باراك اوباما بالمحافظة على "التفوق العسكري" للولايات المتحدة في العالم رغم الاستقطاعات اللازمة في ميزانية الدفاع مع اعطاء الاولوية لاسيا وانهاء العمليات البرية الطويلة وذلك لدى تقديمه الاستراتيجية الدفاعية الاميركية الجديدة الخميس. وهذه الخطة التي تعكس التقشف الذي ينتظر ميزانية البنتاغون، تعطي الافضلية للسلاحين الجوي والبحري في مواجهة التحديات التي تطرحها ايران والقوة المتصاعدة للصين مع التخلي عن عمليات مكافحة التمرد الطويلة والمكلفة التي طبعت سنوات ما بعد 2001 كما في العراق وافغانستان. و"اختبار ميزانية الدفاع" هذا الذي يتحدث عنه المسؤولون الاميركيون منذ اشهر، تمليه اساسا الصعوبات المالية التي تمر بها الولاياتالمتحدة التي تريد توفير 487 مليار دولار من ميزانية البنتاغون على عشر سنوات وفقا لوزير الدفاع ليون بانيتا. وقال اوباما ان الولاياتالمتحدة "ستعزز وجودها في منطقة آسيا-المحيط الهادىء واستقطاعات الميزانية لن تكون على حساب هذه المنطقة الحيوية"، مؤكدا بذلك ما سبق ان اعلنه خلال زيارته لاستراليا في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. ووعد الرئيس بان تواصل الولاياتالمتحدة التزام الحذر و"اليقظة" في الشرق الاوسط والاستمرار في تطوير تحالفات وشراكات استراتيجية مثل الشراكة مع حلف شمال الاطلسي التي "اظهرت في العديد من الحالات واخيرا في ليبيا انها عنصر مخفف للقوة". وقال اوباما محذرا "نعم جيشنا سيصبح اقل عددا لكن على العالم كله ان يعلم ان الولاياتالمتحدة ستحافظ على تفوقها العسكري مع قوات مسلحة ماهرة، مرنة، وعلى استعداد للرد في جميع الظروف والتهديدات". وفي خضم سنة انتخابية يتطلع فيها اوباما لولاية ثانية، حرص البيت الابيض على تقديم خطة الرئيس على انها خطة مسؤولة وانها ثمرة توصيات نصائح مسؤولين مدنيين وعسكريين في البنتاغون عقد معهم الرئيس ستة لقاءات. وقال بانيتا في مؤتمر صحافي الى جانب اوباما "الرئيس كان واضحا وانا كنت واضحا بشان ضرورة ان تتخذ الاستقطاعات التي علينا توفيرها استنادا الى استراتيجية والى تحليل صارم وليس الى ارقام فقط". وقد استبق اوباما الطريق على معارضين جمهوريين يميلون الى انتقاد اي توفير في ميزانية الدفاع. وقال محذرا "البعض سيقول ان التخفيضات كبيرة جدا والبعض الاخر سيقول انها ضعيفة"، مذكرا بان ميزانية الدفاع وعلى الرغم من الاستقطاعات "ستستمر في الزيادة" بشكل اقل. واضاف "في الحقيقة ستبقى ميزانية الدفاع اكبر مما كانت عليه في نهاية ادارة بوش (مطلع 2009)". وستتجاوز دائما مبلغ الميزانيات العسكرية للدول العشر الاكثر انفاقا على الدفاع بعد الولاياتالمتحدة. ومع عدم الاعلان عن شيء ملموس في هذه المرحلة، اكتفى ليون بانيتا بالتاكيد على ان السلاح البري وسلاح المارينز (مشاة البحرية) "لن يكونا بعد الان في حاجة الى الخضوع لتحديد حجمها" كما جرى في سنوات ما بعد القرن الحادي والعشرين. وسيتم خفض عديد الجيش البري من 565 الف حاليا الى 520 الف جندي عامل بعد 2014 وربما حتى يخفض العدد الى 500 الف، وفقا لمراقبين، في حين سيتم خفض عدد مشاة البحرية البالغ 202 الف حاليا بنحو 15 الى 20 الفا. وتنص الخطة التي جاءت في ثماني صفحات على اعلاء مكانة الولاياتالمتحدة في اوروبا وعلى ترسانة نووية "اصغر". ورغم ان وزير الدفاع وعد بان تبقى للولايات المتحدة "القدرة على مواجهة وهزيمة اكثر من خصم في وقت واحد"، فان الاستراتيجية الجديدة تضع حدا للعقيدة التي تقضي بان يتمكن الجيش الاميركي من الانتصار في نزاعين كبيرين في وقت واحد حيث لم تعد تنص سوى على منع خصم ثان من "تحقيق اهدافه".