توقفت لتناول قدح من القهوة صباح اليوم وشدني إعلان داخل المحل يحمل صورة كلب بجميع مواصفاته فقده صاحبه أمس نظراً لسوء الأحوال الجوية ومدون في الإعلان رقم تليفونه وعلي من يعثر عليه الإتصال به فوراً وله مكافأة 5000 يورو .. إنتهي الخبر. تذكرت واقعة حدثت معي منذ أكثر من 20 عاماً وكنت أجلس في إحدي المناطق الجبلية ومعي إبنتي وفجأة نجد كلب من أنواع الكلاب النادرة ويبدو عليه أنه جائع. وأخذت إبنتي تلقي له بعض ماتبقي من سندويتش تحمله وأصبح الكلب مرافق لنا في خطواتنا. حاولت أن أدفعه برفق للإبتعاد عنا ولم يمتثل إلي نداءنا وإقترب من أبنتي يبحث عن طعام مرة أخري وأخرجت من حقيبتها الصغيرة سندويتش آخر وأعطته للكلب. ولفت نظري ميدالية ذهبية تطوق عنقه وأخذت أتأمل فيها لأجد رقم تليفون وبيانات الكلب وعلي الفور قمت بالإتصال بصاحب الكلب لأجد سيدة تبكي بحرقة ترد علي وحينما أبلغتها أننا عثرنا عليه وحددت لها المكان الذي نتواجد به علي سفوح الجبال وأغلقت الهاتف وأصبح الكلب يداعب إبنتي الصغيرة ويلعب معها طوال الوقت. ومضي الوقت سريعاً لأجد سيارة دفع رباعي تنزل منها سيدة في العقد الخمسين من العمر جاءت بملابس النوم ولم يسعفها الخبر لكي ترتدي ملابسها وإندفعت نحو الكلب تحضنه والكلب يهز ذيلة بفرحة مع صاحبته. ووقفت إبنتي وتغير وجهها لهذا الموقف وكانت تتمني أن يبقي معنا هذا الكلب الذي أصبح صديقنا لمدة ساعات قليلة. ثم إلتفتت صاحبة الكلب وسألتني : ماذا أعطيتوا له من طعام ؟ .. قلت لها : كانت إبنتي تحمل سندويتش وأعطته له. وفتحت حافظة النقود وأعتذرت لي أنها جاءت بهذه الملابس لأنها لم تذق طعم النوم والبكاء طوال الليل وهي تقدم لي مجموعة من الأوراق المالية فئة المائة ألف ليرة في ذلك الوقت وقالت لي : بحثت عنه في كل مكان ويبدو أنه خرج من فيلتي يطارد شيئا وضل الطريق للعودة. وأثناء حديثي معها كان الكلب يبدو أنه يريد تحية إبنتي بطريقتة الخاصة وصاحبة الكلب تريد العودة وأخذت تصيح به بصوت عالي : هيا بنا هيابنا .. ولايريد الكلب أن يترك إبنتي التي قدمت له بقايا سندويتش ورغم ذلك إندفعت صاحبة الكلب لتأخذه بالقوة بين ذراعيها وتدفعه داخل سيارتها وهي تلقنه درس علي غيابه وهو ينبح لنا بصوت عالي يهز المكان وهو ينظر لنا نظرة الوداع والشكر لنا من نافذة السيارة !!!.